يستفيد من مشواره ممثلاً في تجربة إخراجية أولى مع الدرامـا المحلية

سلوم حداد: الممثل الإمــاراتي يمتلك «الطاقة الإيجابية»

سلوم حداد أثناء متابعته تصوير «القياضة» في الفجيرة. الإمارات اليوم

بعد أكثر من ‬30 عاماً قادته إلى تجارب متنوعة بين الدراما التلفزيونية والسينمائية والمسرحية، يخوض الفنان السوري سلوم حداد تجربة إخراجية أولى له في الإمارات، من خلال مسلسل تراثي من قصة وأشعار مدير الديوان الأميري في الفجيرة، محمد سعيد الضنحاني، ليجد بطل «القباني» و«الزير سالم» و«زمن البرغوث»، نفسه وجهاً لوجه مع عشرات الممثلين مطالباً بأن يكون صاحب الرؤية الناظمة لإبداعهم، ولكن في زمان ومكان مختلفين، عن نظيرهما الذي اعتاد أن يتألق فيه، سواء في سورية التاريخية أو الحديثة، حيث يعيده العمل الرمضاني الجديد إلى خمسينات منطقة دبا الفجيرة، وتحديداً في منطقة البدية التراثية.

الإحاطة والاهتمام والاحتفاء الذي توليه أسرة العمل لحداد جدير بالرصد، فحالة التقدير التي يبديها ممثل مخضرم في الدراما الإماراتية، مثل سيف الغانم، هي نفسها التي يبديها آخر شاب مثل جمعة علي وآخرون، وهو رصيد استمده سلوم من مشواره الفني، فضلاً عن نجاحه في إقامة علاقة إنسانية قوية مع أسرة «القياضة»، في موازاة علاقة فنية ناضجة، تؤكد أن المخرج المبدع هو أيقونة العمل.

وفي حواره لـ«الإمارات اليوم» يؤكد سلوم أن اختلاف البيئة المحلية الإماراتية لم يشكل بالنسبة له هاجساً بقدر ما سعى إلى استشراف آفاق النص وطاقات الممثلين، مضيفاً «الممثل الإماراتي يمتلك طاقة إيجابية هائلة، ومحفزة لمزيد من الإبداع، فهناك تنوع ثري ومفيد للعمل في ظل تنوع خصائص الممثلين، وبروز شخصية فريدة لكل ممثل على نحو لافت، يمكن توظيفها لخدمة الرؤية الإخراجية للعمل في سياقات مختلفة».

خطوة.. خطوة

أكد الفنان السوري سلوم حداد أن العمل الإخراجي بالنسبة له ليس مغامرة، بعد أن تألق ممثلاً في العديد من الأدوار المختلفة، في الدراما التلفزيونية والسينمائية والمسرحية على مدار أكثر من ثلاثة عقود، مضيفاً «التجربة الإخراجية قطعاً تختلف عن تجربة الممثل الذي ينشغل بدور وحيد، في حين أن المخرج يستجمع خيوط العمل الدرامي برمته، لكن خوض التجربة هنا مرتبط بمدى التمكن من الأدوات الفنية».

ولم يقر حداد مقولات إخراجية باتت ثابتة يرددها المخرجون بأنهم بصدد رؤية إخراجية واضحة للعمل، مضيفاً «واهم من يدعي بأنه يمتلك رؤية مسبقة، لأن الروح الناظمة للعمل، ومن ثم رؤيته المكتملة، تتخلق فيه خطوة خطوة أثناء انجازه». ورأى حداد، الذي أصبح مقيماً في الإمارات بفعل المشهد السياسي والأمني في بلده سورية، أن «الدراما الإماراتية واعدة وزاخرة بفرص حقيقية لمشروعات مهمة، خصوصاً من حيث البنية التحتية، ومواقع التصوير البكر، والأهم وجود تشجيع حقيقي لهذا النوع من الإبداع، فضلاً عن تطلع المنتجين والممثلين الدائم إلى مشروعات لا تخلو من حس المغامرة الدرامية».

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2013/06/02-2232621452.jpg

تطوّر مهم

يرى سلوم أن فكرة تقوقع المخرج على بيئة درامية محددة لا مكان لها في سياق العمل الدرامي الاحترافي، مضيفاً «الإخراج كما أي مهنة، له ادوات محددة، ومتى ما تمكن المخرج من أدوته الفنية، فهو قادر على الاستعانة بها وتوظيفها في البيئات المختلفة، لاسيما أن كثيراً من العوامل المشتركة تبقى قائمة في البيئات العربية على تنوعها».

وأضاف «لا أدّعي معرفة بخصائص المكان، وأهله، لكنني ألجأ إلى متخصصين لاستيعاب هذا الجانب، لاسيما أننا بصدد عمل ذي بعد تراثي، لذلك فإن هناك حرصاً على وجود تلك الشخصية التي لديها استيعاب جيد للموروث المرتبط بمنطقة البدية، وهو أمر متعارف عليه في هذا النمط من الدراما».

وأكد سلوم أن «الممثل الإماراتي مؤهل للعمل والإبداع في الدراما السورية متى ما توافر له ذلك»، واصفاً التطور الآني في الدراما الخليجية عموماً، والإماراتية بصفة خاصة بـ«المهم».

واعتبر سلوم أن تجربته الأولى في الدراما الإماراتية هي بالنسبة له «محاولة جديدة للإبداع في أفق مختلف»، مؤكداً أن نجاح تلك المحاولة هو ما سيحدد بشكل أكبر مدى إمكانية تكرارها من عدمه، مضيفاً «ليس ثمة مبرر لاستباق الأحداث، فالآن هناك تجربة جديدة أجتهد لأن تكون مميزة».

ووصف حداد الحديث عن تصور إخراجي مسبق يتم على أرض واقع الدراما بأنه بمثابة «وهم يتبدد مع الشروع في العمل»، مضيفاً «قد تكون هناك أفكار في مخيلة المخرج، لكنها في الغالب تبدل وتحور وتبتعد عن جانبها النظري مع مراحل العمل المختلفة، وكأن الأمر يشبه عملية الاستكشاف المرحلي، حتى تكتمل الرؤية تماماً مع نضج العمل شيئاً فشيئاً».

وعن سبب كون عمله الإماراتي الأول تحديداً مع شركة «أرى الإمارات» التي يمتلكها محمد سعيد الضنحاني، وما إذا كان الأمر يتعلق بشراكة إنتاجية، أشار حداد إلى أن «الضنحاني يسعى إلى انجاز مشروعات دراما تشكل إضافة نوعية للدراما الإماراتية من خلال لغة مختلفة»، مؤكداً أن نص «القياضة» كان بالنسبة له استكشافاً لهذا الجانب الإبداعي، لدى الضنحاني كاتباً وشاعراً في المقام الأول.

ورغم معاناته التي أشار إليها في ما يتعلق بتداخل ارتباطاتهم بتصوير مسلسلات أخرى، إلا أن الضنحاني أكد أن «القياضة» يعد بالنسبة له اكتشافاً عملياً لإمكانات العديد من الممثلين الشباب، خصوصاً جمعة علي ،حميد فارس، منصور الغساني، جمال السميطي، فضلاً عن الكويتيين شهاب غانم وميثم بدر، لافتاً أيضاً إلى المواهب التمثيلية في العنصر النسائي الذي كان شحيحاً في بعض فترات تطور تلك الدراما، واستيعابه لفنانات ينتمين لمراحل عمرية مختلفة ما بين جيل الشباب وسواه، مثل أسمهان توفيق، بدرية أحمد، فاطمة الحوسني، هيفاء حسين وآلاء شاكر، أمل محمد. ورفض حداد فكرة أن العمل التراثي غالباً ما يكون مغرقاً في تفاصيل تحيل إلى الماضي، وتبتعد عن اهتمام المشاهد، مضيفاً «العمل التراثي بالنسبة لي خلاف ذلك، وهو محاولة لتقديم حكاية بأسلوب مشوق يشتمل على تفاصيل وخصوصيات البيئة، ومن هنا فإن أحد مكامن المتعة تكمن في التماهي والانسجام بين عناصر العمل مكتملة».

تويتر