المنتجون يسعون إلى التسويق المبكر ملوّحـــين بفزاعتي «الشمس» و«الرطوبة»

حرارة الصيف تنضـــج الدراما الخليجية قبل أوان «رمضـان»

حركة شهر رمضان عبر الفصول الـ ‬4 تحكم خيارات شركات الإنتاج في تحديد ميقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــات بدء التصوير. أرشيفية

يعمل الكثير من الفنانين المنتمين إلى الدراما الخليجية على وتيرة موسمية، ليس فقط لارتباط الغالبية العظمى من المنتجين بالعرض خلال شهر رمضان المبارك بل أيضاً تحت وطأة فزاعتي «لهيب الشمس» وارتفاع درجات الرطوبة وحرارة الصيف، وتأثيرها في مهام التصوير، وهو الظرف الطبيعي الذي يلوح به دائما المنتجون، من أجل جني مميزات التسويق المبكر للفضائيات، لتتحول تلك الحرارة إلى عنصر مساعد أنضج معظم المسلسلات الخليجية هذا العام، قبل أوانها المعتاد، متيحاً لها ميزة إضافية في التسويق لقنوات تلفزيونية، يهمها كثيراً ايضاح خارطتها البرامجية الخاصة بشهر رمضان على نحو مبكر.

وحسب منتجين ومخرجين خليجيين، فإن التصوير في الأشهر الأربعة بدءاً من ديسمبر، وحتى مارس، يعد التوقيت النموذجي في الدراما الخليجية، وخصوصاً المرتبط منها بمزيد من المشاهد الخارجية، في الوقت الذي تبقى فيه إشكالية تصوير الأعمال والمسلسلات التراثية، أكثر جدلاً بسبب تصوير معظمها في مواقع صحراوية، أو شاطئية مكشـوفة تماما، وفي أوقات نهارية.

ضغوط إنتاجية

كُلَف إضافية

الفنان أحمد الجسمي لفت إلى أن «المنتج الذي يمتلك خبرة كبيرة شكلها في المقام الأول انتماؤه إلى الوسط الفني، وعمله أمام كاميرا التصوير الخارجي، يعلم أن ارتفاع درجة الحرارة في فصل الصيف وارتفاع نسبة الرطوبة، كفيلان بأن يشكلا معوقاً إنتاجياً بالغاً، ليس فقط بالنسبة للحالة المزاجية للفنان، بل للطاقم الفني ايضاً، وليس في مصلحة العمل إطلاقاً أن يمتد تصوره لأشهر الارتفاع القياسي في درجات الحرارة، خصوصاً يونيو ويوليو وأغسطس».

الفنان سلطان النيادي أيضاً شارك الجسمي الرأي ذاته، لافتاً إلى فكرة الترابط العضوي بين عناصر إنجاز العمل، مضيفاً «تسعى مختلف الجهات الإنتاجية إلى إنجاز أعمالها قبل الموسم الرمضاني بوقت كاف، من أجل تجنب الضغط والسعي إلى تجويد العمل بعيداً عن الاستعانة بحلول وخيارات قد توفر الوقت، لكنها ليست الأفضل بالضرورة للعمل الفني».

وفسر النيادي بأن «تأخير التصوير تنجم عنه في العادة سلبيات عدة، منها إلغاء مشاهد التصوير خارج الدولة، والاستعاضة بمواقع بديلة اقل استنفاداً لعنصر الوقت، لكن في المقابل تشكل جاهزية السيناريو تحديا آخر لمعظم الأعمال المرتبطة بالحلقات المنفصلة، لاسيما أن كتابها يعتمدون على هواجس تربطهم بحراك اجتماعي ديناميكي تتغير أولوياته». المنتج مازن عياد، مالك شركة «عياد ميديا» للإنتاج الفني، أشار من جانبه إلى أهمية انجاز العمل المرتبط بالعرض الرمضاني في وقت مبكر، من اجل توفير الخيارات كافة أمام الجهات المخولة شراء حقوق بث المسلسلات خلال الموسم الرمضاني، وهو أمر يجعل الجميع في صراع مع عنصر الوقت، قبل هذ الموسم بأشهر طويلة. ولفت عياد إلى إشكالية ارتباط الفنانين بتصوير أعمال متعددة في أوقات متداخلة، مضيفاً «الظروف المناخية، وصعوبة التصوير مع اقتراب فصل الصيف في مختلف دول مجلس التعاون، تجعل معظم المنتجين يتحاشون أن تتأخر أعمالهم، وهنا يجد الممثلون المرتبطون بأعمال متعددة انفسهم مضطرين للاعتذار عن الالتزام بتوقيت تصوير بعضها، وهو أمر يكبد شركات الإنتاج خسائر مادية ليست في الحسبان، حيث إن امتداد زمن التصوير يعني بالضرورة تكلفة إضافية، تختلف حسب موقع التصوير، وحجم الكادر الفني والتمثيلي، الذي يتعطل بانتظار أن يتمكن زملاؤهم من التوفيق بين التزاماتهم».

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2013/06/030000212320.jpg

في المقابل، تبقى إشكالية اعتماد المخرجين في خياراتهم على وجوه فنية مكررة، توصف بأنها أكثر جذباً للمشاهد خلال شهر رمضان، مع لجوئهم إلى الحيز الزمني الضيق ذاته في انجاز أعمالهم، عاملاً رئيساً في عدم قدرة بعض الممثلين على الوفاء بالتزاماتهم بتوقيت التصوير، وهو ما تكرر مع عدد من الممثلين الكويتيين خصوصاً الذين تعاقدوا على أعمال تصور في العاصمة الكويتية، وأخرى في دبي قبل أن يفاجأوا بتداخل كبير في مواعيد التصوير.

وكان لافتاً هذا العام بدء تصوير العديد من الأعمال في وقت مبكر للغاية، من العام، أكثر من اي موسم سابق خلال السنوات الخمس الأخيرة على الأقل، بسبب التوقيت المبكر لشهر رمضان، الذي زحفت بدايته إلى اليوم التاسع أو العاشر من شهر يوليو المقبل هذا العام.

وانعكس هذا الواقع في المقابل تكثيفاً في إيقاع التصوير، ومارست الجهات الإنتاجية ضغوطاً كبيرة على المخرجين، والأطقم الفنية، ثم التمثيلية من أجل انجاز الأعمال المرشحة للعرض الرمضاني في توقيت مبكر، لتنضج معظم الأعمال الخليجية قبل موعدها، فيما يتأجل بالضرورة الحكم النقدي والجماهيري المرتبط بمدى تأثير هذه السرعة في معيار جودة الأعمال، حتى عرضها.

مطربان في مسلسل

على غير عادتها قامت شركة «جرناس» للإنتاج الفني التي يمتلكها الفنان أحمد الجسمي ببدء التصوير في شهر ديسمبر الماضي، لاسيما أن الشركة متعاقدة على حصة أكبر من الأعمال المخصصة للعرض الرمضاني هذا العام، وفي مقدمتها مسلسل «يا مالكاً قلبي»، لاسيما أن العمل الذي كتب نصه السوري وائل نجم، ويخرجه مواطنه عارف الطويل أسندت بطولته المطلقة لمطربين غير محترفي التمثيل، هما الفنان الإماراتي فايز السعيد الذي يخوض تجربة التمثيل الدرامي للمرة الأولى، والعراقية شذى حسون في ثاني تجربة لها في هذا الإطار فقط، ما يعني أن العمل كان يتوقع له منذ البداية، ان يتم إنجاز تصويره على مساحة زمنية أكبر، لاسيما أن تجارب المنتجين والمخرجين مع المطربين حينما يستعان بهم في عمل درامي تؤشر إلى الكثير من الاعتذارات، وطلبات تأجيل التصوير لارتباطاتهم المختلفة. شركة ظبيان للإنتاج الفني التي يديرها الفنان سلطان النيادي ايضاً بدأت الموسم الحالي في توقيت مبكر، على نحو ملحوظ، وشهدت العاصمة البحرينية المنامة زيارات عدة لأطقم فنية من الشركة لمتابعة تصوير الجزء الثاني من المسلسل الكوميدي «لولو ومرجان» الذي تلعب بطولته الفنانة سعاد علي إلى جانب الفنان جابر نغموش، فيما تواصل تصوير الجزء الجديد من مسلسل «طماشة» المتعدد الأجزاء الذي تسند بطولته المطلقة بشكل أصبح سنوياً لنغموش أيضاً.

تأخر السيناريوهات

على الرغم من أن المسلسلات ذات الحلقات المنفصلة، تبقى أيسر من حيث ظروف تصويرها من نظيرتها المتصلة، إلا أن البداية المبكرة ظلت رهان معظم المنتجين، في الوقت الذي يمثل تأخر تسليم الكتاب والمؤلفين لسيناريوهات الحلقات أحد أهم إشكالات هذا النوع من الدراما، سواء في حالة الأعمال القائمة بالفعل والمرتبطة بتسلسل أجزاء، أو الجديد منها، فضلاً عن أن بعضها يرتبط بعدد كبير من الكتاب، مثل مسلسل «طماشة»، الذي وصل عدد الكتاب في جزء واحد منه إلى سبعة كتاب مختلفين.

شركة «أرى الإمارات» للإنتاج الفني التي أسسها الشاعر محمد سعيد الضنحاني، ايضاً من الشركات التي اعتادت أن تتحسب لتجنب حرارة الصيف في الإمارات لبدء التصوير، خصوصا أنها مهتمة بشكل أكبر بالأعمال التراثية، التي تحتاج لمواقع تصوير مفتوحة، منها «الغافة» الذي صور بالكامل في قرية تراثية، وكذلك المسلسل الجديد الذي سيعرض خلال شهر رمضان المقبل «القياضة»، حيث بنيت قرية تراثية متكاملة في منطقة دبا الفجيرة، كموقع تصوير يحاكي النمط البنائي السائد في ستينات القرن الماضي.

وحتى الأعمال الخليجية التي تصور داخل الدولة، وغيرها من دول مجلس التعاون، تتحسب كثيراً لعامل ارتفاع درجة الحرارة صيفاً، إذ خططت شركة «عياد ميديا» للإنتاج التلفزيوني تصوير كامل مشاهد المسلسل الخليجي «محال» خلال شهر مارس الماضي، غير أن ارتباطات عدد من الممثلين الكويتيين على وجه الخصوص، وكذلك الفنانة فاطمة الحوسني بتصوير مشاهد أخرى أجَّل زمن التصوير إلى شهر أبريل الماضي، لكن العمل في مجمله أضحى جاهزاً في وقت مثالي بالنسبة للفضائيات الخليجية، في وقت لاتزال فيه العديد من المسلسلات المصرية والسورية كذلك تستكمل تصويرها، بعيداً عن فزاعة ارتفاع درجة حرارة فصل الصيف على نحو يعرقل استكمال انجاز العمل في المواقع الخارجية.

تويتر