أسرته تعمل على توثيق سيرة الرسام الراحل

خالد ناجي العلي: الأفلام لــم تنصف والدي

صورة

قال خالد ناجي العلي إن معظم الأعمال التي تم تقديمها عن والده رسام الكاريكاتير الراحل، لم تظهر حقيقة شخصيته كما كانت في الواقع، موضحاً ان اسرته انتبهت في الفترة الأخيرة إلى اهمية ان يكون هناك مرجع موثق عن حياة والده، خصوصاً أن الجيل الجديد لا يعرف الكثير عنه، مشيراً إلى ان هناك رسوماً لوالده تبدو كأنها تصف الواقع حالياً.

وقال العلي في حواره لـ«الإمارات اليوم» «رغم اعتقادي انه لا توجد اساءة متعمدة في الأمر؛ إلا أنه من وجهة نظرنا نحن عائلة ناجي العلي، نرى ان الوالد لم يظهر مثلما كان في الواقع في أي عمل من الأعمال التي قدمت عنه، وهي في أغلبها افلام وثائقية، إلى جانب فيلم سينمائي واحد، ومن المعروف ان شخصية ناجي العلي التي ظهرت في هذا الفيلم لم تكن لها اي علاقة بشخصية ناجي الحقيقية»، ورأى نجل الفنان الفلسطيني الراحل أن «صناع الفيلم قدموا ناجي العلي كما تخيلوه هم، في المقابل نحن لم نشاهد والدنا فيه، ووالدتي لم تشاهد زوجها، والغريب ان فريق العمل في الفيلم تجاهلنا اكثر من مرة، حيث حاولنا الاتصال بهم، سواء القائمون على صناعة الفيلم في مصر أو في بيروت دون جدوى، كما انهم حضروا إلى لندن وصوروا هناك مشاهد من الفيلم ثم غادروا من دون ان يهتموا بالاتصال بنا والتواصل معنا، وفي النهاية خرج الفيلم بالشكل الذي شاهده الجمهور»، مضيفاً أن «الأفلام الوثائقية بعضها ركز على عملية اغتيال ناجي العلي، والبعض كان أكثر شمولية لحياته، وبعض هذه الأفلام شاركنا في تقديم معلومات لصناعها، لكن في النهاية يظل كل فيلم منها عاجزاً عن تقديم صورة كاملة وحقيقية عن شخصية الوالد، ويظل المشاهد محتاجاً إلى رؤية أكثر من فيلم للتعرف إلى الشخصية الحقيقية».

مشروع مُلحّ

العلي الابن أشار إلى ان اسرته تعمل حالياً على توثيق سيرة والده الذاتية، وتقديمها للقارئ حتى تكون مرجعاً لحياته «بعد ان أدركت ان مثل هذا المشروع بات ملحاً وضرورياً نظراً إلى أن هناك جيلاً جديداً نشأ من دون أن يعرف شيئاً عن ناجي العلي، كما ان هناك كثيراً من الكتب التي ظهرت وتظهر في الأسواق وفيها معلومات خاطئة عن العلي وحياته، ولذا لابد ان يكون هناك مرجع موثق للعودة إليه ومعرفة الحقيقة»، موضحاً ان المشروع قد يكون متأخراً لكنه مهم، وفي الفترة الأخيرة بدأ العمل في إجراء مقابلات لتوثيق شهادات بعض من عاصروا والده في مراحل مختلفة من حياته لاستخدامها في الكتاب الذي ترغب الأسرة في ان يماثل كتب السيرة الذاتية بالشكل المتعارف عليه في الغرب، من حيث توثيق المعلومات والاحترافية في الكتابة، حيث ستقوم الأسرة بتجميع كل المعلومات وأكبر قدر من الشهادات وتوثيقها ودفعها لأحد المتخصصين لجمعها وصياغتها، وهو عمل، كما قال خالد العلي «يهدف إلى الحفاظ على استمرار رسالة العلي ووجوده بين الناس، لا ان تكون الأسرة تحت الأضواء».

وأفاد خالد العلي بأن هناك كتاباً صدر بالفعل، و«هناك كتاب آخر قارب على الصدور حيث تم انجاز ‬90٪ منه، ستكون فيه تفاصيل وشهادات أكثر من الكتاب الأول الذي يعد سيرة مختصرة لحياة الوالد، كما يتناول كل منهما مرحلة مختلفة من حياته»، مبيناً ان من أهم الصعوبات التي تواجه العمل على تنفيذ هذه الكتب وفاة كثير من الأشخاص الذي عايشوا ناجي، خصوصاً في البدايات، سواء من اهله وعائلته أو أصدقائه، ولذلك هناك محاولات جادة للإسراع في التوثيق.

معلومات مجتزأة

العلي كشف أن «هناك نقطة جوهرية دفعتنا للتعامل مع مشروع توثيق سيرة الوالد بجدية، وهي اننا كنا نعتقد ان الكل يعرفه، لكننا انتبهنا إلى ان الجيل الجديد لا يعرفه أو يعرف معلومات مجتزأة عنه، ما جعلنا نشعر بأن الأمر يحتاج إلى عمل جاد، فالجيل الجديد يجب ان يعرف من هو حنظلة ومن هو ناجي العلي»، لافتاً إلى أن جهودهم في التعريف بوالده لم تقتصر على الوطن العربي فقط، لكنها تتوجه إلى الخارج، في حدود الإمكانات المتاحة لديهم وهي محدودة إلى جانب ضيق الوقت، بحسب ما أشار، فقد صدر قبل ثلاث سنوات كتاب عن والده بالإنجليزية في انجلترا ترجم لليابانية والكورية واليونانية والبرتغالية، كما صدر قبل سنتين كتاب آخر في فرنسا، وصدر حديثاً كتاب بالإيطالية ومن المقرر ان يترجم للإسبانية.

وأوضح خالد العلي ان «بعض الكتب التي صدرت عن والده اتسمت بالتسرع والاستسهال وعدم الدقة»، وأضاف «هناك كاتب ارسل لي نسخة من كتابه لتدقيقها وعملت عليها لمدة ‬10 ايام، قرأت خلالها مادة الكتاب مرتين، ولم أعتمد على ذاكرتي فقط، فراجعت بعض المعلومات مع اشخاص آخرين مروا بالمواقف المذكورة، كما رجعت إلى بعض أفراد الأسرة وزملاء أبي في الكويت ووالدتي في لندن، للتأكد من كل المعلومات الواردة في الكتاب، بعد ذلك أرسلت للكاتب بياناً بالمعلومات الخاطئة التي وردت في كتابه وتصحيحها، والغريب ان الكتاب صدر بالأخطاء نفسها من دون الأخذ بالتصحيح الذي ارسلته، ربما بسبب السرعة ورغبة الكاتب في طرح الكتاب بالتزامن مع ذكرى استشهاد الوالد، لكنه في النهاية أسهم بذلك في نشر معلومات خاطئة بدلاً من اظهار الحقيقة. رغم اننا لا نتدخل في آراء اصحاب الكتب، لكن ينصب تدخلنا على تدقيق المعلومات والتواريخ لتطابق الواقع فقط».

رسوم تتوقع

من جانب آخر؛ اعتبر العلي الابن انه من الصعب التنبؤ بما كان والده سيصف به ما يجري حالياً على الساحة العربية، وان كانت هناك رسوم له تبدو كأنها تتنبأ، بما يحدث، مضيفاً «كنا نتمنى ان نشهد خلال الـ‬25 سنة التي مضت على اغتيال ناجي العلي تطوراً إيجابياً في القضايا والمشكلات التي يعانيها العالم العربي، وان يكبر حنظلة ويدير وجهه، في اشارة إلى انتهاء هذه المشكلات، لكن لم يحدث ذلك حتى الآن».

وفي ما يتعلق بالتساؤلات حول اغتيال والده؛ اشار إلى انه قد تكون لدى أسرة ناجي العلي قناعة معينة عن المسؤول عن الاغتيال، ولكن المسؤولية تفرض على من يتحدث من الأسرة ان يقدم ادلة على ما يقول «ومن دون أدلة لا نستطيع ان نوجه اتهاماً واضحاً وصحيحاً لأحد، ورغم ذلك قدمنا من قبل إجابة عن هذا السؤال من دون ان يسألنا أحد».

ناجي الأب

عن ناجي العلي الأب والإنسان؛ يتذكر خالد العلي، الذي كان يبلغ من العمر ‬19 عاماً عندما توفي والده، ان والده كان حنوناً، لكنه كان أيضاً منغمساً في عمله والبحث عن فكرة، هذا البحث الذي كان يضعه تحت ضغط يومي، إلى جانب الضغط الذي كانت تفرضه طبيعة الأحداث في تلك الفترة، وأحياناً كان الوالد يبتعد عن المنزل لأسباب امنية وسياسية لفترات قد تطول لسنوات، فطالما تلقى تهديدات عدة في مراحل مختلفة من حياته، لافتاً إلى ان والده لم يكن يتحدث عن عمله في البيت، أو يتحدث معهم عن القضايا السياسية او عن فلسطين بشكل مباشر، ولكن الجو العام كان سياسياً بسبب عمله واصدقائه، خصوصاً انهم كانوا في لبنان وكان الهم السياسي موجوداً بقوة داخل البيت وخارجه بين الأصدقاء والمعارف ولدى الجميع.

تويتر