تقنيات جديدة ورسومات خارجة عن المألوف في «الشارقة القــرائي»

«رسوم كتب الطفل».. حــكايا وعوالم ملونة

المعرض فرصة لتبادل الخبرات والأفكار في مجال رسومات أغلفة كتب الأطفال. من المصدر

لم يعد طفل اليوم يقبل ما دون التميز في كل شيء، حتى في المواد التي تقدم له على هيئة كتب وقصص، التي إذا لم ترتقِ لمستوى تفكيره ولم تحترم خيالاته ولا تتماشى مع قدرته على التمييز، فإنها لن تتمكن من اختراق عالمه الصغير في أعين الكبار.

من هذا المنطلق وحرصاً على ايجاد جيل يحب القراءة، انطلقت أمس الدورة الثانية من معرض الشارقة لرسوم كتب الطفل، الذي يقام بالتوازي مع معرض الشارقة القرائي للطفل، ويشارك في المعرض نحو ‬75 فناناً من مختلف دول العالم، جاؤوا إلى الشارقة ليعرضوا تجاربهم في الرسم للطفل ومحاولة تحويل القصة المكتوبة إلى رسومات تجذب الأطفال وتصل إلى عالمهم.

يأتي هذا المعرض الفني الطامح إلى صدارة المشهد العالمي في مجال رسوم كتب الطفل الاحترافية مصحوباً بكامل الدعم، بحيث يكون لدى الأطفال والمشتغلين في فن صناعة الكتاب في العالم ذائقة بصرية مرتكزة على مصافحة مباشرة لنتاج الفنانين الذين اختيروا للمشاركة وعرض اعمالهم في الدورة الثانية لمعرض الشارقة القرائي لرسوم كتب الأطفال، إذ إن مسألة إتاحة الفرصة أمام الجمهور لمشاهدة تلك الرسومات المتنوعة، من حيث المواد المستخدمة والتقنيات المنفذة بها الرسومات إضافة إلى الثقافات المختلفة التي انعكست بحسب ثقافة الفنان، أمر جيد بحد ذاته، خصوصا أن تلك الفرصة تسهم في جعل كتاب الطفل أكثر جودة واحترافية.

مستوى عالمي

عصام القاسمي يكرّم الفائزين بالجائزة

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2013/04/02-257357478.jpg

كرَّم الشيخ عصام بن صقر القاسمي، رئيس مكتب سمو الحاكم، الفائزين بمسابقة معرض الشارقة لرسوم كتب الطفل في دورته الثانية لعام ‬2013، وذلك في افتتاح المعرض المقام على هامش انعقاد فعاليات مهرجان الشارقة القرائي الخامس للطفل في الشارقة، الذي افتتح بحضور الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيس هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق) رئيس جمعية الناشرين الإماراتيين.

وضمت قائمة الرسامين الفائزين كلاً من الفنان السوداني محمود جاد الله بالمرتبة الأولى، والإيرانية نوشين صافاخو بالمرتبة الثانية، وحلت الألمانية اليسا كليفر بالمرتبة الثالثة، فيما فاز بالجوائز الثلاث التشجيعية كل من: السوداني صلاح المر، واللبنانية جوان باز، والإسباني اراتكس لوبيز، وتم اختيار الأعمال الفائزة للفنانين الستة من بين مشاركات ‬75 فناناً من ‬28 بلداً تنافسوا في تقديم ‬260 عملاً للفوز بجوائز المسابقة.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2013/04/02-357357478.jpg


تجارب ذاتية

ضمن البرنامج الثقافي لمهرجان الشارقة القرائي للطفل، شهدت قاعة ملتقى الكتاب وبتنظيم من دائرة الثقافة والإعلام في حكومة الشارقة، وقائع الحوار الخاص «بدور النشر الإماراتية والدور المتوقع في ثقافة الطفل»، وذلك بمشاركة كل من مدير تحرير مجلة «الشرطي الصغير»، الكاتبة ذكرى لعيبي، ومدير الإدارة لمؤسسة «اقرأني» الباحث محمد الهاشمي.

وتناول الحوار العديد من الموضوعات التي شملت استعراض تجارب شخصية في الكتابة، والشروط التي يتعين توافرها في الكتابة للطفل، والتحديات التي تواجهها ثقافة الطفل في ضوء التقنيات الحديثة، وعن الفرق في التعاطي مع ثقافة الطفولة بين الماضي والحاضر، وفيما اذا كانت وسائل الإعلام قادرة على اشباع ميول الطفل الثقافية، ومدها بالمعلومات المعرفية اللازمة، والبدائل الممكنة التي تغذي الطفل ثقافياً ليكون مرتبطاً بالجذور المحلية، وقادراً على تلبية متطلبات الانتماء والمواطنة. في الإطار ذاته تم استعراض عدد من الأمور التي تخص قطاع النشر في الدولة بشكل عام، والهموم التي تعترض عمل الناشر، وطبيعة التعامل بين الناشر والكاتب، والمصاعب التي تعترض إمكانات التوفيق بين ما يريده الناشر والكاتب، كما تم استعراض بعض الأمثلة الخاصة بالقيم الرقابية التي يمكن ان تتحكم بسلوك الكتاب والناشر لأدب الأطفال، إضافة الى مناقشة مقترحات يمكن ان تعين الناشر على مد الطفل القارئ بمنتوج ثقافي ملائم فكرياً ومادياً بالتعاون مع جهات أخرى.

وقال مدير معرض الشارقة الدولي للكتاب، أحمد بن ركاض العامري، إن «الدورة الحالية لمعرض الشارقة لرسوم كتب الطفل تعزز مكانة لافتة وراسخة على المستوى العالمي، باعتباره أحد المعارض الفنية الكبرى التي تختص بعرض وتكريم الرسوم الاحترافية الموجهة للطفل، حيث يستضيف نخبة من الفنانين العرب والأجانب الخبراء للمشاركة ضمن اللجان العاملة وضيوف الشرف إلى جانب عضوية لجنتي اختيار الأعمال والتحكيم».

وأوضح العامري أن «معرض الشارقة القرائي يتألق بمجموعة رائعة من رسوم حكايات وقصص الأطفال التي أبدعها جمع من أبرز الرسامين المحترفين في الشرق والغرب، عبر احتفالية فنية تخصصية تنفرد بها الشارقة على مستوى الشرق الأوسط، في تأكيد واضح على الريادة العملية والراسخة في مجال الثقافة والفنون، بما يتوازى مع الجهود التي يبذلها فريق إدارة المعرض في سبيل تحقيق المستوى الفني الأرقى والأفضل والمتطور في كل عام». وتابع أن «هذا المعرض يصب في مصلحة الحراك الثقافي الفني ويسهم في التعريف بالفنون الجديرة بالتقدير والانتشار ضمن حركة صناعة كتاب الطفل التي تتجاوز خلالها الرسوم والكلمات، لتقفز من الواقع إلى الخيال بعفويتها التي يحبها الطفل».

وما يميز المعرض ذلك التنوع في أسلوب الفنانين والتقنيات المستخدمة في تلك الرسومات من خلال تقديم مساحة مشاهدة وتفاعل ثري أمام الرسامين المعنيين وطلاب الكليات الفنية من زوار المعرض، خصوصاً أن تلك الرسوم تعكس بجلاء قدرات الفنانين على التعبير عن أفكار قصصية وقيم انسانية وعادات وتقاليد، إضافة إلى كائنات قد تكون واقعية وأخرى خيالية، إذ ركز الفنانون على الاهتمام بالألوان وتحرر الخط المرسوم إضافة إلى الإبداع في إيجاد أفكار جديدة غير تقليدية بما يتناسب مع جيل اليوم.

وقالت المنسق العام لمهرجان الشارقة القرائي للطفل، هند لينيد، إن «الشارقة تعزز من عطائها المعرفي لتدخل عالم الطفل من أوسع أبوابه في المهرجان النوعي المتميز، الذي حرصت اللجنة المنظمة على تضمينه بكل ما يتعلق بعالم واهتمامات الطفل»، وتابعت أن «المهرجان شهد زيادة في مساحة ومشاركة دور النشر، إضافة الى البرامج المهمة التي ترافق المهرجان، وأعتقد أن لإسهام الشركاء والرعاة والمشاركين من الخبراء دوراً في إنجاح المهرجان وأهمية انعقاد فعالياته محفلاً ثقافياً مهماً على مستوى الدولة والمنطقة».

رسومات مميزة

قال عضو اللجنة التحضيرية، محمد مهدي حميدة، لـ«الإمارات اليوم» إن «الدورة الماضية لمعرض رسوم كتاب الطفل أضاءت الإيجابيات والسلبيات، وتواصلت مع أكبر عدد من الفنانين معظمهم فئات الرسوم الطفل، نتج عن ذلك استقطاب الكثير من ذوي الخبرة وتحديداً من العالم العربي من المهتمين والمبدعين في مجال رسوم الطفل، إذ تواصل نحو ‬300 فنان للمشاركة في هذا المعرض تم اختيار من بينهم أبرز ‬75 فناناً للمشاركة، إذ يصعب أن ينزل مستوى المعرض عن المطلوب والاحترافية التي امتاز بها طوال عامين في سبيل تطوير الذائقة العامة لرسوم الطفل».

وتابع أن «إدارة المعرض اختارت اللجان التخصصية ولجنتي اختيار الأعمال والتحكيم، التي اعتمدت على الجودة والقيمة والصلة المباشرة مع كتاب الطفل، خصوصاً أن معظم اعضاء اللجنة هم من الذين لديهم تاريخ وخبرة في مجال رسوم كتاب الطفل، واعتمدت اللجنة عدد من المعايير الرئيسة في اختيار الأعمال والرسوم المشاركة في المعرض، منها تميز الأعمال الفنية ووصولها غلى مستوى احترافي متميز، وخروج تلك الأعمال عن الأنماط السائدة في رسوم كتب الأطفال، فضلاً عن فكرة الوصول بتلك الأعمال إلى مستوى عالمي، لاسيما أن المعرض هو الوحيد على مستوى العالم العربي المخصص لرسوم كتب الأطفال».

وأكد حميدة على تنوع الرسومات المشاركة التي عكست ثقافة الفنانين القادمة من عدد كبير من دول العالم، وبالتالي تحقق التنوع الفكري والثقافي في ذلك المعرض، إضافة إلى وجود تنوع من نوع آخر، أشار إليه حميدة قائلاً إن «الأعمال الفنية المشاركة لم تعتمد على تقنية الرسم بالألوان فقط، إنما تجاوزت ذلك باستخدام تقديم رسم متطورة والمزج بين المدارس الفنية، منها على سبيل المثال الرسم والحفر الطباعي والكولاج واعمال متعددة الخامات والطباعة الرقمية، كما أن تلك الأعمال تنوعت من حيث الواقعية والخيال، فيما عكست القيم الانسانية والعادات والاخلاق والثقافات».

أساليب غير سائدة

ومن الأساليب المميزة ما استخدمته الفنانة التايلاندية، يودشات بيوباسيري، في لوحات «أحمر وأزرق» عبر استخدامها أقمشة وخيوطاً في تكوين المشهد العام للوحة، مكونة بذلك قصة مميزة، كذلك الفنانة اللبنانية، منى يقظان، في لوحات «أنتار وسمير» إذا استخدمت مواد متنوعة بتقنية الكولاج والصور، أما الفنان هاني صالح من مصر، فقد تناولت قصته نحاتاً وشاعراً عبر استخدام تقنية الفوتوشوب، فيما استخدمت الفنانة اليابانية، أنا فوجيهارا، تقنية النقش في لوحات «الديك القبيح والدب الأبيض»، أما تقنية الرسم بقلم الرصاص فظهرت على استحياء في المعرض ممثله بلوحات «الفيضان العظيم» للفنانتين نينا هرلي ايفيلين لاوبي من سويسرا.

وفي يتعلق باختيار الفائز بالمركز الأول في جائزة معرض رسوم كتب الطفل، رغم أن اللوحة تمتاز بقتامة الألوان وتعكس شيئاً من الريبة والخوف لدى المتلقي، أكد حميدة أن لوحات الفنان السوداني، محمود جاه الله، الذي له اسهامات عديدة في مجال رسوم كتب الطفل، خصوصاً أنه يستلهم موضوعات رسومه من البيئة المحلية (السودان)، التي حملت عنوان (فاطمة السمحة ـ ألوان مائية وأحبار) اختيرت لتفوز بالجائزة كونها عملاً فنياً مغايراً عن السائد، لاسيما في التقنية التي استخدمها وابدع فيها، خصوصاً أنه اعتمد على تصوير الحرية بشكل جميل، خصوصاً أن شروط قبول اللوحات تستدعي تقديم من ثلاث إلى ست لوحات لرسومات من قصة مترابطة».

وذكر حميدة أن «المشاركة في المعرض لا تقف عند حدود عرض الأعمال، إنما تتم طباعة كل الأعمال المشاركة وتكوين قاعدة بيانات للفنانين المشاركين وبيانات الرسومات مع طرق التواصل مع الفنان وسيرة مختصرة عنه، لإيجاد لحلقة تواصل بين الرسام وكتاب القصة ودور النشر، وبالفعل تعاملت إحدى دور النشر المحلية المعروضة مع إحدى الفنانات المشاركات العام الماضي في المعرض لرسم إحدى القصص».

تويتر