الحرف اليدوية تجذب زوار «قصر الحصن»

الحرف اليدوية من أهم مفردات الثقافة الوطنية. الإمارات اليوم

يستمتع زوار مهرجان قصر الحصن، الذي يختتم فعاليات اليوم، بالتراث الإماراتي العريق من خلال العروض المسرحية الحية والحرفيين الذين يمارسون الفنون التقليدية وورش العمل وحلقات النقاش والأطعمة الإماراتية. فالحرف اليدوية جزء رئيس من تاريخ الدولة والمنطقة؛ حيث يعود تاريخ الحرف اليدوية الإماراتية إلى ما قبل بناء قصر الحصن منذ أكثر من ‬250 سنة، إذ وجد علماء الآثار بقايا فخار ومجوهرات بمواقع في مختلف أنحاء دولة الإمارات، يعود تاريخها إلى ‬7000 عام، وعلى الرغم من جمالها وكونها تتطلب سنوات من الممارسة لإتقانها، لا تقتصر مهمة الحرف اليدوية المعروضة في مهرجان قصر الحصن على التزيين، بل تتعداه إلى كونها ضرورة لبقاء قبائل البدو الرحل في المنطقة.

كما لعبت الفنون التقليدية أيضاً الدور الأساسي في عملية نقل الثقافة: فهي لم تمارس من قبل الفنانين وحدهم، بل على شكل مجموعات من النساء يجلسن ساعات متواصلة لأداء العمل، حيث يساعد بعضهن بعضاً، ويعلمن الأجيال الشابة أثناء تبادل الأخبار والقصص، والحكايات الشعبية والأمثال، ويتمكنّ بالتالي من تمرير جوانب مهمة من الثقافة والهوية المحليتين.

ومن أهم الحرف اليدوية الإماراتية التي تعرض في المهرجان: السدو وفن الغزل والنسيج؛ والتلي (نوع من التطريز)؛ والرسم بالحناء بتصاميمه التقليدية التي تزين أيدي كثير من النساء في دولة الإمارات، والخوص وصناعة منسوجات النخيل، ويمثل الحرفيون القائمون على هذه العروض الحرفية في مهرجان قصر الحصن النتاج الحي لقرون من المعارف والمهارات التقليدية، وسيتمكن الزوار من مشاهدة تلك الحرف والمشاركة فيها أيضاً.

وقد تعززت الأهمية المحورية للحرف اليدوية في الثقافة الإماراتية سنة ‬2011، عندما وضعت منظمة اليونسكو حرفة السدو على قائمة «التراث الثقافي غير المادي الذي يحتاج إلى صون عاجل». والسدو هو فن غزل صوف الأغنام والماعز والإبل، وصبغه باستخدام النباتات، ومن ثم نسجه لصناعة المفروشات المنزلية التي تشكل أساس البيئة التقليدية المنزلية، بما في ذلك المنزل نفسه، وقد كانت خيام البدو تصنع بهذه الطريقة تماماً، وكان نسج هذه الخيام يتم بطريقة مشدودة جداً بحيث يحمي من دخول أشعة الشمس المحرقة ورياح الصحراء والأمطار.

وفي الفنون الزخرفية، نجد أن التلي هو أحد أشكال التطريز باستخدام تقنية أقرب ما تكون إلى صناعة الدانتيل، إذ تستخدم النساء أداة صغيرة تسمى «كاجوجه» مع وسادة داعمة في الأعلى، ويقمن بشبك خيوط من مكبات مختلفة الألوان مع بعضها بعضا، ما ينتج عصابة من النسيج، يمكن أن تكون مصنوعة من القطن أو حتى من خيوط الفضة لملابس أكثر رسمية، وتستخدم هذه الطريقة لتزيين الأكمام والنصف العلوي من الملابس النسائية التقليدية.

ويعود استخدام الحناء لتزيين اليدين والقدمين إلى آلاف السنين، ولاتزال تحظى بشعبية كبيرة في دولة الإمارات، خصوصا للاحتفال بالمناسبات البهيجة كحفلات الزفاف، ويمكن لزوار المهرجان الخروج منه بتذكار من الحناء المزخرفة على أياديهم أو أذرعهم، لتدوم بين أربعة إلى ستة أسابيع.

يعتبر سعف النخيل أيضاً مصدراً في غاية الأهمية لمواد النسيج، ويعد الخوص فن نسج سعف النخيل، إذ يتم نقع السعفة بالماء حتى تصبح لينة، ومن ثم تستخدم لصناعة أدوات مهمة كالأغطية لحماية الطعام من الحشرات، والقفة أو السلة لتخزين أو حمل الأشياء، والسرود وهي حصيرة لوضع الطعام عليها، والمقشة وهي فرشاة يدوية لتنظيف الخيام، والمشب وهو مروحة دائرية تستخدم لتأجيج النار، خلال عملية الطبخ أو صنع القهوة.

وعلى الرغم من أن الحياة الإماراتية قد تغيرت بفعل عصر الحداثة، فإن الفنون التقليدية التي كانت حيوية جداً بالنسبة لأسلافنا، لاتزال اليوم تثير الإعجاب، وتوفر سبل العيش للنساء العاملات بالحرف اليدوية.

وكما يعمل مهرجان قصر الحصن على تثقيف الزوار الأجانب والإماراتيين، على حد سواء، وتعريفهم بالماضي الغني لهذه المنطقة، فلعله أيضاً يلهم الشباب لتولي راية الدفاع عن هذه الفنون العريقة، وضمان استمراريتها في المستقبل.

 

تويتر