Emarat Alyoum

«الاتصال الحكومي».. مطلب «جميـــع الأطراف»

التاريخ:: 04 مارس 2013
المصدر: سوزان العامري - الشارقة
«الاتصال الحكومي».. مطلب «جميـــع الأطراف»

«التواصل الحكومي»، مفهوم بات بالإمكان طرحه، وموضوع يمكن تناوله بسهوله، بل إن ثمة متخصصين ومستشارين الآن يناقشون مسألة تحقيق التواصل الحكومي، في عالمنا العربي، ولعل أبرز ما نظم في الشارقة اخيراً هو منتدى الاتصال الحكومي، الذي جمع نخبة من المستشارين والسياسيين وصناع القرار، لبحث إمكانية تحقيق الاتصال الحكومي ضمن محاور مهمة لامست جوانب سياسية واجتماعية وإنسانية مهمة في المجتمعات العربية.

ولأن الاتصال الحكومي، كان في الماضي موضوعاً يصعب الخوض في أسبابه وماهيته وطرق تحقيقه، اعتبر الكاتب والصحافي في جريدة الحياة اللندنية جهاد الخازن، أنه «لا يوجد في دولنا العربية اتصال حكومي، خصوصاً أن جميع تلك الدول لديها حد من الحرية، وأتوقع أن الاتصال الحكومي ممكن أن يتحقق، عندما يكون لدينا قادة متعلمون ويحصل تجديد في الدماء بالنسبة لمن يحكمون، إضافة إلى تكون الخبرات المتطورة».

وتابع الخازن أن «الحكومة التي تقوم بواجباتها تجاه شعـــبها، لن تحتاج إلى اتصال حكومي، وهذا ما ينقص كثيراً من الدول التي لا تقوم بواجباتها، لأنها باختصار دول دكتاتورية، تعــتمد على دمج السلطات الثلاث وأقصد السلطة التشريعية والقضائية والتنفيذية، في شخص واحد».

وأكد الخازن أن «الصحافة في عالمنا العربي لم تعد تشكل سلطة رابعة كما هي حالها في العالم، وذلك بسبب الرقابة الممارسة عليها ومنها، إذ ليس لدينا صحافة ذات دخل مستقل، خصوصاً أن الصحافة التقليدية ستنتهي كونها على شفير الإفلاس، وهذا ما تشير إليه أرقام المبيعات التي تنخفض شهرياً».

سلطان بن أحمد: غياب التواصل سبب الثورات

قال الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، رئيس مركز الشارقة الإعلامي، لـ«الإمارات اليوم» إن «الثورات العربية حصلت بسبب غياب التواصل بين الحكومات وشعوبها، إذ يجب أن يكون هناك تواصل حقيقي، كما أن التواصل يجب أن يكون متطوراً وحديثاً وليس بالأساليب التقليدية».

لافتا إلى أن «منتدى الاتصال الحكومي الذي أطلقته الشارقة واخذت على عاتقها تنظيمه سنوياً، كان له الأثر الكبير في تحقيق التواصل، إذ من خلاله تم الاستفادة من الدورة السابقة للمنتدى عبر تدشين وحدة الاتصال الحكومي، إذ إن خيار حكومة الشارقة بات واضحًا، وهو توفير منصة تدعم الجهود التي تبذلها الحكومات الإقليمية لتطوير أساليب وقنوات التواصل مع شعوبها، وذلك من خلال تعميم تجربة الامارة في توحيد خطابها، وتنظيم التواصل مع جمهورها من مواطنين ودوائر حكومية، وإعلام، ودعم إدارات الاتصال في المؤسسات الحكومية وإرساء معايير جديدة للاتصال في الإمارة».

ويُعد منتدى الاتصال الحكومي الذي أقيم أخيراً في الشارقة، الأول من نوعه على مستوى المنطقة، ويهدف إلى تطوير آليات الاتصال الحكومي في المنطقة والخروج بمنظومة جديدة في فكر الاتصال الحكومي تستفيد منها المؤسسات الحكومية في إمارة الشارقة ودولة الإمارات، والمنطقة العربية بشكل عام، وتتطرق جلسات وورش عمل المنتدى لآليات التواصل الفعال مع الجمهور وكيفية تغيير أسس الاتصال الحكومي للخروج بنماذج اتصال حكومي ناجح وفعال، وإلى أساليب التحول من الحكومة التقليدية نحو الحكومة الرقمية المتماشية مع التغيرات التكنولوجية والحركة السريعة لوسائل التواصل الاجتماعي.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2013/03/25647852.jpg

وحول المنتديات التي تنظم لمناقشة موضوع الاتصال الحكومي، اعتبر الخازن أن المنتديات العربية غير مكتملة، وذلك لوجود حلقة مفقودة بين المفكر وأصحاب القرار، إذ غالباً لا تصل المؤتمرات ونتائجها للحكام وأصحاب القرار لوجود سقف للحرية يصعب تجاوزه.

حاجة ملحة

من جهته، اعتبر مستشار ومدير شركة بيوند للإصلاح والتنمية في لبنان جليبريت ضومط أن «عدم قدرة الحكومات على أقلمة تواصلها مع مواطنيها، أحد أسباب التوتر الحاصل في السلطة، إذ ان هناك دولاً استطاعت تحقيق هذا التأقلم والتواصل الفعال مع شعوبها، وبالتالي هي على اطلاع على ما يحتاجه مواطنوها بشكل دقيق، لاسيما أن التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي باتت توفّر للمواطنين في أي دولة التعبير عن آرائهم بكل شفافية».

وحول مناقشة الشارقة موضوع الاتصال الحكومي، قال ضومط إنها «مبادرة جيدة، لاسيما في وجود صناع القرار والمسؤولين والاعلاميين من أجل تطوير أدوات التواصل بين الحكومات وشعوبها بمختلف شرائحها».

لافتاً إلى أن «الشارقة تعد نموذجاً للتواصل الحكومي، كذلك هناك دول لديها مبادرات في تحقيق التواصل منها ليبيا، على الرغم من المشكلات التي لاتزال تواجهها اليوم، إلا أن لديها تطويراً في مجال التواصل الحكومي من خلال انتخابات online والدعم المستمر من السلطة».

وأكد ضومط أن «اقامة منتديات للاتصال الحكومي أمر مهم، ما يدل على رغبه حقيقية في تحقيق التواصل».

ديمقراطية شكلية

الإعلامي اللبناني زاهي وهبي، أكد لـ«الإمارات اليوم»، أن «أهم ما في المنتديات التي تدعو للاتصال الحكومي، أنها تخلق تواصلاً حقيقياً بين العاملين في قطاع الإعلام والمسؤولين الحكوميين، على ان يتحلى هذا التواصل بالجدية والثقة والارتياح».

وتابع أن «الأهم من كل شيء، أن يلتزم المسؤولون الحكوميون في تلك المنتديات، بالإصغاء لوجهات النظر التي يستمعون إليها وتنفيذ التوصيات الناتجة عنها، حتى لا يكون المنتدى عبارة عن حفل تعارف رغم أهمية حفلات التعارف».

لافتاً إلى أن «التواصل الحقيقي في بلداننا العربية موجود، لكن الربيع العربي جاء نتيجة غياب التواصل بين عدد من الحكومات وشعوبها، ما ولد الانفجار، وهنا تكمن أهمية التواصل والمتابعة الدقيقة للحكومات».

وحول الحرية التي تمتلكها وسائل الإعلام وتحديداً في لبنان، قال وهبي، إن «هناك حرية كبيرة يمارسها الإعلام اللبناني، ولكن لا تترجم آليات تلك الحرية إلا بالكلام فقط، إذ لدينا فائض في الحرية في المقابل لدينا ديمقراطية شكلية».

صراع الأطراف

الإعلامي في تلفزيون المستقبل اللبناني زافين قيوميجيان يعتقد أن «التواصل الفعال بين الحكومة والرأي العام والإعلام، مطلب لجمـــيع الأطراف، وهو شبيه بعلاقة التربية لا يمــكن الانجاز الكامل فيها، بمعنى ان كل طرف في هذه العلاقة لن يكون راضـــياً بنسبة ‬100٪»، مضيفاً أن «الناس لديهم مصالح واحتياجات مختلفة عن احتياجات الحكومة والإعلام، والأهم ان كل طرف يحاول السيطرة على الطرف الآخر، ما شكل صراعاً بين ثلاثتهم».

وتابع «العلاقات في العالم العربي غير سليمة، كأنها إن صح التشبيه ثلاث زوجات يتصارعن على زوج واحد، كل واحدة تسعى للسيطرة عليه، من هنا اعتقد أنه لا تجب السيطرة على الآخر، ولن يتم ذلك إلا بالتواصل الفعال، لهذا يمكن اعتبار المنتديات التي تناقش مسألة الاتصال الحكومي رأس جبل الجليد، إذ يتم من خلالها رصد التواصل الفعال الذي يتطلب جهدا وسياسات، إذ من خلال تلك المنتديات يتحقق الضغط على أصحاب القرار وباستمرار هذا الضغط يمكن تعديل القرار».

وأكد أنه «عند التفكير في أي نوع من التواصل هناك واحد من أهم الموضوعات يجب الاهتمام بها وهو أن تقام وحدة لإدارة الأزمات، إذ عند حدوث أي نوع من الأزمات ولو كان بسيطاً يظهر الانفجار والاحتقان المكبوت، خصوصاً أنه في أوقات السلام لا أحد يتحرك أو يثور، ولكن بمجرد أن تحصل أزمة يرافقها انفجار غير متوقع وقد يفوق حجم الأزمة».

حكومات لا مركزية

وزيرة السياحة والآثار السابقة في الأردن، وعضو مجلس أعيان سابق، مها الخطيب، اعتبرت أن منتديات التواصل ليست هي التي تحقق التواصل الفعال، إنما هي أداة لتوعية المجتمعات بأهمية التواصل الحكومي وتبادل الخبرات وتسليط الضوء على تجارب الآخرين الذين يضعون أساسات في التواصل أو من يسعون لتحقيق هذا النوع من التواصل.

لافتة إلى أنه «في المجتمعات التي تفتقر للديمقراطية صعب أن يكون هناك تواصل حكومي بين الشعب والحكومة، لأن أي رسالة آتية من فوق الهرم إلى القاعدة تقابل بالشك والريبة، خصوصاً ان الأنظمة لا تحقق الشفافية في تعاملها مع الناس بالتالي هناك عدم ثقة». وتابعت الخطيب أن «هناك محاولات في تحقيق التواصل الحكومي، الذي يمكن أن يتحقق عن طريق الحكومات اللامركزية التي تستطيع فهم مشكلات الناس والتخاطب معهم عبر برامج محددة، والأهم من ذلك أن تكون هناك ثقة تعزز لدى الناس قائمة على الصدق والشفافية في التعامل».