فنون تركيبية ورسم تجريدي ولوحات غامضة في «المعرض العـام»

أعمال طلابية تعكس الفـــن المعاصر «أكاديمياً»

أعمال الطلبة في المعرض خطوة مميزة لدعم المواهب وصقل تجاربهم. تصوير: أشوك فيرما

احترافية فنية عالية أظهرتها مجموعة من طالبات الجامعات المشاركات في المعرض السنوي العام في دورته الـ‬31، إذ تمكنت الطالبات بأعمال فنية، منها التركيبي والرسم التجريدي، من منافسة فنانين لهم باع طويل في عالم الفن التشكيلي.

تعقيد وغموض

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2013/02/02-2565656.jpg

تعالج الفنانة نساء خالد الشحي، في عمل فني «بدون عنوان»، التعقيد والغموض والتجريد والإيقاع والحركة والعنف، التي هي في مجملها مفاهيم ترابطه، واختارت الشحي في تنفيذ هذا العمل مواد هي مصدر إلهامها، متمثلة في خشب النخل وجذوعه.

وتقول الشحي «كل عمل له خصائصه وجودته ومفهومه، فأنا أجمع بين ما هو ثقيل وما هو خفيف في إنتاج عملي، ومن خلال هذه المجموعة أردت إبراز جمال المواد التي صنعت منها العمل، والسبب وراء اختياري لجذع النخل هو طبيعته ووزنه، ثم إنه جزء من محيطي الذي أعيش فيه».

وتأتي مشاركة سبع طالبات من جامعات مختلفة، في المعرض العام، خطوة تشجيعية قامت بها جمعية الإمارات للفنون التشكيلية لضمان إثراء الساحة بمواهب شابة مسلحة أكاديمياً، وتمتلك القدرة على التأثير الفني بمشاركاتها، لاسيما أن المعرض العام قائم على الحفاظ على مشاركة وجوده المشهد الفني ومن يشهد له بالتميز، الأمر الذي يسهم في إتاحة الفرصة أمام هؤلاء الطلبة للاحتكاك بالفنانين المحترفين.

وتميزت هذه الدورة بتنوع لافت في الأساليب الفنية والرؤى الفكرية والفلسفية، إلى جانب خوض كثير من الفنانين المشاركين للمغامرة المرتبطة في شقها الأكبر بالتجريب التقني، ومواكبة ما يتم إنتاجه على المستوى العالمي من أعمال تنتمي لروح العصر ومعطياته التكنولوجية المتجددة، وهذا ما ظهر جلياً في مشاركات طالبات الجامعات.

وجوه ومستقبل

من أبرز الأعمال المشاركة «وجوه» للفنانة أمل الخاجة، وهو عمل تركيبي عبارة عن أقنعة معلقة وسط الفراغ، وترى الخاجة الأشخاص الذين كونت عنهم أو بهم ذكرياتها هم الأبرز من بين مجموعة العناصر المؤلفة لأي من تلك الذكريات، فهم يتركون لدى الغير كثيراً من الانطباعات القادرة على تعزيز تلك الذكريات.

ومشروع «وجوه» هو تمثيل لقيمة الناس في حياة أي شخص، فمن خلال تلك الوجوه التي تركتها الفنانة بيضاء لغرض إكسابها بعض الغموض، ما يجعلها غير واضحة للمشاهد في الوقت الذي تظل مميزةً بالنسبة لأصحاب تلك الذكريات أنفسهم.

أما الفنانة عائشة أحمد المري، فمن خلال مشروعها «مستقبل غير بعيد»، تقدم رسالة كونية، مستوحاة من تعرض أجناس حيوانية ونباتية حول العالم للانقراض أو أنها باتت عرضة لخطر الانقراض بسبب جشع الإنسان وأنانيته، وهذه الثيمة رسالة، تدعو إلى مرحلة يتعين فيها على الجميع التصرف، وإلا فإن العديد من هذه الحيوانات التي نراها ستختفي في المستقبل غير البعيد.

من دون عنوان

ارتكزت الفنانة مريم القاسمي في عملها «بدون عنوان»، على قوة اللاوعي والتعبير الذي يفرز الفنان عند إنتاج لوحة دون تخطيط أو تفكير مسبق، فبعد سلسلة من التجارب، أدركت مدى تأثير الذات الباطنة وكيف أن الأفكار تصير مكبوتة عندما يركز العقل الواعي على فكرة معينة.

وحول عملها، قالت القاسمي، إن «هذا الإحساس دفعني لإجراء سلسلة من الاختبارات حاولت فيها تغييب عقلي الواعي عند إنتاج أعمال فنية، وألهيته بالتفكير في موضوعات ثانوية لا تتصل بأي حال من الأحوال بما كنت بصدد إنتاجه، وبهذه الطريقة أطلقت العنان ليدي حتى تستجيب لصوت عقلي الباطن وتعبر عنه، وتعطي ملامح للشكل والفضاء دون وجود (تشويش) متمثل في الهدف الذي يقيد العقل الواعي».

وقد صنفت القاسمي أعمالها الحديثة ضمن فئة التجريد التعبيري، نظراً لطبيعتها العفوية، فاللوحة تتأثر بالوقت، فقد تستغرق وقتاً طويلاً مع كل لوحة تنجزها، لذلك فإن نظرة التعبير قد تغيرت، من ناحية أنها تكون مسترخية في بعض الأحيان وفي أحيان أخرى تسمح للأشكال بأن تتخذ صفة ونماذج بحسب الحالة، وفي حالات أخرى تنقض على اللوحة بشحنة عاطفية، وكانت النتيجة «مذهلة» بحسب وصفها، إذ تمكنت الفنانة من اكتشاف كيفية تحكم اللاوعي الخارجي في حالتنا، فيما أن لحظة واحدة تكفي ليلتقي فيها التجانس والتنافر، ليشكلا تعبيراً فنياً يجعل الفنان يقف مذهولاً أمام هذا العمل.

«أكريليك»

بأشكال هندسية قد تكون غريبة أو مبهمة بالنسبة للمتفرج، الذي يقف حائراً امام تلك التشكيلات الملونة، والتي ترى من خلالها الفنانة فاطمة سيف المزروعي كيف تؤثر الألوان في مشاعر الإنسان، وفي أفعاله وتفاعله مع الآخر، وكذلك المواقف والأفكار، فعملها الذي عرضته في المعرض العام الذي لم تختر له عنواناً واكتفت بالكتابة أسفل العمل «اكريليك على خشب»، يعبر عن أن كل لون له تأثيره الخاص، وكل شكل له تعبير ما لدى المتفرج، وفي هذه المجموعة من اللوحات، تجمع الفنانة بحسب قولها «بين جمالية الوردي وطبيعية الأخضر، وبين حيوية البرتقالي وشبابية الأزرق، وبين سلمية الأبيض وبهجة الأصفر، وبين التحام البني وأمان الرمادي، وقد تمكنت من إبراز هذه العلاقات في مجموعة الأعمال عن طريق الاشتغال على أشكال جادة وبسيطة تبرز جيداً جمال الألوان، التي تزين حياة كل إنسان».

إضاءة

الفنانة هدير الشهابي عكست في عملها «إجراء» ما تعلمته في حياتها اليومية، خصوصاً أنها ترى أشياء مختلفة عما يراه الآخر، إذ استخدمت عينيها لالتقاط ما تراه بعقلها، وتحوله إلى عمل فني، وفي «إجراء» استخدمت الشهابي خيالها في توظيف قطع الخشب الصغيرة في عمل تركيبي مهم بحسب ما تراه عينها. ويتمحور «إجراء» حول عملية الإبداع، فعندما تشتغل على أي مادة من المواد، فإنها تشرع دون تفكير مسبق في إبداع شيء منها، وهذه طريقتها في التعبير عما يجول بعقلها اللاواعي. وتعتبر الشهابي أعمالها تشخيصاً للشكل والحركة والفضاء، كما أنها تباين بين الصلب والمرن، وترجمة لفهم معين، وتالياً فإنها عملية إجرائية.

ولأن جوانب الحياة المرئية في الطبيعة قائمة على اللون والضوء، قدمت الفنانة المهرة سالم النعيمي عملاً فنياً بعنوان «إضاءة»، إذ يعتمد هذا العمل المنتج في نمط «ثلاثي» على ثلاث لوحات في إطار واحد، ذات صلة بالفن التجريدي المستلهم لموضوعة الإضاءة.

وتم تجهيز اللوحات من خلال وضع طبقات من الألوان مختلفة على قماش تسمح للمشاهدين بالتفاعل مع الاختلافات المرئية التي تتوافق وتعتمد على طريقة إبراز الفارق في التأثير، بحسب النعيمي، التي تهدف من هذا العمل إلى إظهار علاقة بسيطة بين الألوان والضوء، وكيف يمكن أن يظهر الضوء بين مستويات مختلفة من ألوان الطبيعة.

تويتر