«أصبوحة مغلقة» لمبدعات خليجيات في مهرجان الشارقة للشعـر الشعبي

قصائد من وراء حجاب.. للـنساء فقط

الحمدانية سارت عكس التيار وشاركت في أمسية مفتوحة. من المصدر

أثارت «الأصبوحة المغلقة»، التي نظمها مهرجان الشعر الشعبي في الشارقة، أمس، لمشاركات طلبن ألا يلقين قصائدهن على الملأ، وأن يقتصر حضورهن على النساء فقط، أثارت آراء متباينة، إذ اعتبر البعض الأمر «حرية شخصية»، إذ تتحرج شاعرات من إلقاء إبداعاتهن، خصوصاً الغزلية، في ظل وجود الجنس الآخر، فيما استغرب آخرون ذلك، ولم يجدوا مبررات مقنعة لـ«الأصبوحة المغلقة»، مشيرين الى أن الخجل الاجتماعي والأعراف والعادات مازالت تفرض نفسها على البعض، وتحصرهم في زاويتها.

وشاركت في «الأصبوحة»، التي أقيمت ضمن مهرجان الشعر الشعبي، الذي تختتم فعالياته غداً، في قصر الثقافة بالشارقة، الشاعرات: الإماراتية شيخة الجابري، والكويتية الجفول الوايلية، التي تنتمي لعائلة تعشق الشعر، والسعودية عيون المها.

اقتراح واستغراب

اقترح الشاعر الإماراتي ذياب المزروعي، أن تكون مشاركات الشاعرات اللواتي لا يفضلن الظهور، أو إلقاء قصائدهن أمام الرجال، في قاعة منفصلة، بحيث يلقين قصائدهن على النساء وفي النصف الآخر من القاعة يكون جمهور الرجال، مؤكداً مسألة عدم فرض مشاركة شاعرات في أمسيات مفتوحة لأن هذه المسألة تعود إلى طبيعة المرأة نفسها.

أما الشاعر المصري عطية سليمان المرزوقي، فاستغرب مسألة «الأصبوحة المغلقة»، وعدم حضور الشعراء والرجال بشكل عام لمشاركة الشاعرات، معتبراً في المقابل أنه لدى الشاعرات الحق في اختيار استخدام اسمائهن الحقيقية، أو الاعتماد على أخرى مستعارة، ضمن مبدأ الحرية الشخصية وظروف كل شاعرة.

وقالت الشاعرة الإماراتية مريم النقبي، بصفتها أحد المنظمين لـ«الأصبوحة»، إن «أحد أسباب تنظيم (الأصبوحة) هو رفض الشاعرات التصوير، وإلقاء قصائدهن مباشرة على الملأ، وأقصد هنا استحالة مشاركة الشاعرات أمسية تضم رجالاً، وإن كانوا شعراء في الأساس»، مضيفة لـ«الإمارات اليوم» أن «الأعراف والتقاليد تحكم على الشاعرة أحياناً استخدام اسم مستعار لنشر أشعارها، بعيداً عن استخدام اسمها الحقيقي، لاسيما أن بعض الشاعرات ينتمين إلى قبائل ترفض خروج المرأة، وقراءة قصائدها على الملأ، خصوصاً قصائد الحب والغزل التي تتحرج منها النساء في وجود جمهور من الرجال، رغم أن الرجل تعد من المساندين للمرأة، إلا أن الشاعرات يعتقدن أن استخدام اسم مستعار حل مناسب، طالما أنها لن تتمكن من الإفصاح عن اسمها الحقيقي».

وحول تجربتها كشاعرة إماراتية، أوضحت النقبي أن «في بداية مشواري مع الشعر كنت أظهر باسم مستعار هو (سجايا الروح)، الأمر الذي ساعدني على نشر قصائدي دون أن تحدد هويتي، خصوصاً أني منتقبة، وكنت أعتقد أن استخدام اسم مستعار هو نوع من العُرف والتميز تلجأ إليه الشاعرات، لذلك استخدمت اسماً مستعاراً، رغم ان أسرتي تشجعني على كتابة القصائد، الأمر الذي جعلني أنشرها في ما بعد باسمي الحقيقي طالما أن مسألة الرفض الاجتماعي لا تنطبق عليّ أصلاً».

جرأة أنثوية

في المقابل، تقدمت بجرأة الشاعرة العُمانية هلالة بنت خليفة الحمدانية، قافلة المشاركين في المهرجان، واعتلت منصة الإلقاء، متحصنة بشِعرها، ونافست الرجال المشاركين، ولفتت بصوتها العذب وقصائدها الانتباه رغم حداثة سنها، لتكون أول خليجية تشارك في أمسيات المهرجان، بعد أن فضلت أخريات الاكتفاء بـ«الأصبوحة المغلقة»، بعيداً عن أنظار الرجال.

وأكدت الحمدانية أنها تحترم خصوصية كل شاعرة، ولا تجد أي نوع من الخجل في لجوء الشاعرات إلى إلقاء قصائدهن في «الأصبوحة»، ولكنها تعتقد أن في فترة ما كانت الشاعرات محاصرات في زاوية العادات والتقاليد القديمة التي منعت المرأة من الخروج للأمسيات، وطرح أشعارهن مباشرة ومن دون ستار.

وذكرت لـ«الإمارات اليوم» أنها تنتمي إلى عائلة محافظة في عُمان، إلا أن والدها من أكبر المشجعين لها وعائلتها تحترم قصائدها ومشاركاتها، لاسيما أنها شاركت في مسابقة «شاعر المليون»، ونافست فرسان الشعر من الرجال. وأضافت: «قد تتحرج بعض الشاعرات من طرح أسمائهن الحقيقية بسبب العادات والتقاليد، ولكن قراءة القصيدة يعد فخراً وتميزاً بحد ذاته، وذلك بحسب طبيعة كل قصيدة ونبضها».

تواجد ضروري

الشاعر القطري حمد الدعية، من جانبه، كان يتمنى أن تكون «الأصبوحة» من الجنسين، وتكون مفتوحة للجميع، مستغرباً من كونها حكراً على النساء، لاسيما مع وجود نخبة من شعراء القصيد الشعبي في المهرجان.

وتابع أن «(الأصبوحة) ليست لها علاقة بطبيعة الشاعرة إذا كانت لا تفضل الخروج على الملأ، أو استخدام اسم مستعار، بحيث لا تكشف هويتها، إذ إن بعض الشاعرات تحكمهن عادات وتقاليد وأعرافاً لا نستطيع التدخل بها، أو حتى انتقادها، إنما نحن نطالب بإتاحة المجال في حضور الشعراء لتلك الأمسيات أو (الأصبوحات)، طالما هم مشاركون في المهرجان».

من جهتها، أيدت الشاعرة الواعدة عائشة حسن، رأي الدعية، في ضرورة أن تكون «الأصبوحات» والأمسيات مفتوحة، ليتمكن الجميع من الحضور والاستمتاع بالأشعار، مشيرة إلى أن «عدم خروج الشاعرة للملأ نتيجة حتمية لكل من تتأثر بالخجل الاجتماعي، أو تفرض على نفسها قيوداً بذريعة العادات والتقاليد»، لافتة إلى أن هناك أسراً عديدة تشجع الشاعرة وتساندها لنشر إبداعها.

وحول استخدام أسماء مستعارة قالت حسن، إن «الأهم ليس استخدام أسماء مستعارة أو أسماء حقيقية، المهم التميز في الشعر وامتلاك الموهبة الحقيقية دون الخوض كثيراً في مسألة هوية الشاعرة».

تويتر