مهرجان الظفرة.. روح البداوة والإرث الثقافي

شهدت فعاليات الدورة السادسة لمهرجان الظفرة إقبالاً كبيراً من مُلاك الإبل من دولة الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي والأردن واليمن، حيث شارك في فعاليات المهرجان أكثر من ‬1500 مالك، بما يزيد على ‬25 ألف ناقة.

وازدحمت أرض المهرجان بالعديد من العزب المؤقتة التي جاء أصحابها للمشاركة في فعالياته بشكل واضح للعيان، كما غصت منصّة العرض خلال اليومين السابقين بالمشاركين لمتابعة فعاليات المزاينة بالإضافة إلى تدفق العديد من الزوار الى السوق الشعبية والمسابقات التراثية المقامة على هامش المهرجان، الذي يعد مناسبة سنوية لإحياء التراث والتعريف بالثقافة البدوية.

وحرصت اللجنة العليا المنظمة للمهرجان على الانتهاء من التجهيزات كافة والترتيبات اللازمة لإنجاح فعاليات المهرجان من خلال السعي الدؤوب للتوسع والإضافة إليها، وذلك عبر مجموعة من الفعاليات التراثية في طليعتها مسابقة مزاينة الإبل ومسابقة الحلاب ومزاد الإبل وسباق الهجن التراثي ومسابقة السلوقي وغيرها، ما أسهم في استقطاب المهرجان أعداداً كبيرة من السياح والزوار نظراً لما يمثّله من معنى حقيقي لروح البداوة والإرث الثقافي.

وقال مدير المهرجان سالم ابراهيم إنّ زيادة الإقبال الجماهيري في الدورة السادسة ترتبط بشكل رئيس بزيادة أشواط مزاينة الظفرة وإضافة مسابقات تراثية أخرى مميزة. فقد أضافت اللجنة المنظمة للمهرجان العديد من الفعاليات الجديدة وقامت ببعض التعديلات لتلبي طموحات جميع المشاركين، حيث تم رفع عدد أشواط مزاينة الإبل إلى ‬70 شوطاً، بعد أن كان عددها ‬56 شوطاً في الدورة السابقة، وشملت أشواط مزاينة الإبل الـ ‬14 التي تم إضافتها في الدورة الحالية ، ‬12 شوطاً فردياً، وشوطي جمل «شوط محليات أصايل عام، وشوط عام مجاهيم»، وتشمل الأشواط الفردية الإضافية ستة أشواط محليات أصايل، وستة أشواط مجاهيم، وذلك من سن المفرودة إلى الحايل، وبشكل مفتوح للشيوخ، ومن يرغب من أبناء القبائل.

وأضاف «وصلت الأشواط إلى ‬70 شوطاً بالتزامن مع زيادة مجموع الجوائز لما يقارب الـ ‬47 مليون درهم، وذلك بغرض استيعاب المشاركات المتزايدة التي تعكس الأهمية الكبيرة للمهرجان».

وأشار ابراهيم إلى أن أشواط الفردي المفتوح تسمح لمن يشترك فيها بالاشتراك في شوط بينونة والبيرق، بينما لم تسمح بذلك في الدورات السابقة. ما أعطى الفرصة لملاك الابل الجدد للمشاركة في شوط الـ‬20 فزاد في فرص جديدة وعديدة للملاك الجدد.

وحول كثافة التسجيل قال مدير المهرجان، إن اللجنة المنظمة اعتمدت هذا العام نظاماً جديداً يقوم على رفض التسجيل مسبقا بعد أن اثبتت تجارب الدورات السابقة ان المشاركين يقومون بتغييرات خياراتهم أكثر من مرة، فقررت إضافة أسماء الأشواط على البوابات بحيث يدخل المشارك الإبل التي سيشارك بها إلى الشوط الذي يقرر المشاركة فيه، وبعدها نقوم بتسجيله بعد أن شارك بالفعل فنخفف الضغط على النظام ونحصي بشكل دقيق عدد المشاركين.

كما تم التغلب على أي عقبات نتيجة الخبرة المتراكمة للجان التنظيمية التي تمكنت من تذليل وتسخير الخدمات كافة والجهود التنظيمية للمشاركين، كما تمكنت اللجنة من التغلب على مشكلات تتعلق بمحاولة البعض التحايل على قوانين المسابقة، فمثلاً يجلب بعضهم ابلا مهجنة ويقوم بقص شعرها، علماً أن القوانن المنظمة تمنع الابل الحالقة من المشاركة منعاً لأي تداخل بين الاصلية والمهجنة.

كما أن أرضية المهرجان المهيأة منذ خمس سنوات من ناحية البنية التحتية الدائمة والمؤقتة أسهمت في زيادة أعداد المشاركين، وأيضاً أمل أصحاب الإبل في تحقيق صفقة مربحة، خصوصاً أن المهرجان ضم أعداداً كبيرة من ملاك وعشاق مزايين الإبل من جميع دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى حرص اللجنة العليا المنظمة للمهرجان على توفير احتياجات المشاركين كافة، وتلبية جميع المتطلبات اللازمة وتقديم أنواع الدعم للمشاركين كافة، وهي أمور كلها جعلت المهرجان يحظى بإقبال كبير ومتزايد، ما يؤكد أنّه نجح في تحقيق أهم أهدافه التي ترمي إلى تعزيز التراث في نفوس الجيل الجديد.

كما يتم تنظيم مسابقة جديدة خاصة بالسيارات الكلاسيكية، تتضمن معايير عدة، مثل قدم السيارة والشكل والطراز ومدى الحفاظ عليها، فضلاً عن إدخال تعديلات على السوق الشعبية التي تعرض المشغولات والصناعات اليدوية العريقة، إضافة إلى مزاينة أفضل أنواع التمور للمرة الأولى في هذه الدورة بالتزامن مع مسابقة تغليف التمور السنوية.

كما أن الخدمات المتطورة التي اكتسبت خبرات متراكمة من السنوات الماضية كخدمات المطاعم والخدمات التي يحتاجها المهرجان وضيوفه أسهمت كلها في توجه الملاك الى المهرجان بأعداد كبيرة.

ولفت إلى أن المهرجان أعطى الفرصة لأهالي المنطقة «فقمنا بالتعامل معهم في توريد خدمات معينة كتوريد الطعام والخيم والاكلات الشعبية المصنوعة من قبل ربات البيوت وتأمين دخل جيد للعديد من الأسر في المنطقة، بالاضافة إلى ما وفرته السوق الشعبية من فرص للأسرة المنتجة وسيدات الامارات، بل وسيدات المجتمع الخليجي عموماً من فرص استثمارية وبيع ادوات ومشغولات ومعدات تراثية وعطور وصناعات يدوية، ليس هذا فقط وإنما بفضل الله والقيادة الرشيدة تم دعم ملاك الهجن في المنطقة الغربية برصف الشوارع في الغربية بالإسفلت بين العزب وإنارتها وتمديد مياه الشرب داخلها».

كما استطاع المهرجان تعزيز الروابط الاجتماعية بين «الأهالي والاخوة في دول مجلس التعاون»، حسب ابراهيم الذي أضاف «كنا نسمع ببعض الأسماء المشهورة من ملاك الابل واليوم نتعايش معهم ونتحاور، كما أسهم مهرجان الظفرة في تحريك الاقتصاد وتوطيد العلاقات الاقتصادية وما يترتب عليها من علاقات أخرى، وتمكن من تحريك رؤس أموال داخل الدولة من خلال وسطاء تجاريين إماراتيين مكلفين من قبل ملاك إبل خليجيين».

‬180 في «الجير شاهين»

من جهة أخرى، انطلقت أول من أمس فعاليات مسابقات صيد الصقور، وضمن فعاليات الدورة السادسة من المهرجان، على أرض مدينة زايد في المنطقة الغربية بإمارة أبوظبي، حيث وصل عدد المشاركين الذين تنافسوا على الجوائز القيمة ما يقارب الـ ‬180 مشاركاً في فئة الجير شاهين، بحضور جمهورٍ كبير من الزوار والضيوف الذين رغبوا في استكشاف معالم الحياة البدوية في موقع مهرجان الظفرة.

وسيطر الصقار الإماراتي حمدان سعيد جابر في فئة الجير شاهين على المراكز الأربعة الأولى عبر طيوره: الشبابي، مسكت، بارود، وشجاع‬1، وبأزمان ‬17.769 ثانية، ‬18.068 ثانية، ‬18.090 ثانية، ‬18.370 ثانية، على التوالي. وتنظّم مسابقة الصقور في المهرجان، بإشراف من نادي صقاري الإمارات الذي لطالما سعى من خلال فعالياته وأعماله إلى صون البيئة وحمايتها من كل التغييرات اليومية. وقد أقيمت هذه المسابقة التراثية الفريدة على هامش فعاليات المهرجان للمرة الثالثة على التوالي، بعد أن حازت في المرات السابقة رضا الزوار الذين ينتمون إلى جنسيات مختلفة وهم من شرائح عمرية متنوعة.

من جهته، قال مدير الفعاليات التراثية في المهرجان عبيد خلفان المزروعي، إن اللجنة العليا المنظمة ارتأت استحداث هذه المسابقة لارتباطها بالموروث الشعبي وتجذرها فيه، وللمحافظة على التراث الأصيل والتعريف به بصورة جيدة واطلاع الزوار على مساحة شيقة من الفعاليات تظل راسخةً في ذاكرتهم.

وأشار إلى أن نجاح المهرجان يكمن في قدرته على إحياء الهوايات التراثية التي يحرص عليها الشباب من عشاق التراث سواء من داخل الدولة أو خارجها، حيث تسعى اللجنة العليا المنظمة للمهرجان إلى وضع المعايير اللازمة لضمان نشر الهوايات التراثية وفي مقدمتها كيفية استخدام الصقور. من جهتها، حدّدت اللجنة العليا المنظمة الفئات والشروط اللازمة لاستكمال فقرات المسابقة بأدق المعايير وبأفضل صورة. حيث أوضح المزروعي أن المسابقة تشمل ثلاث فئات، هي فئة الجير الحر بجميع أنواعه مثل الثري كوارتر و‬8 و‬7 والقرموشة جير والبيور جير، وفئة الجير شاهين بجميع أنواعه مثل الجير شاهين والجير وكري، فضلاً عن فئة الجير تبع التي تمت إضافتها مع شوط التدريب بالطائرة اللاسلكية بهدف إظهار التراث بسمات عصرية تؤكد عدم التعارض بين التقاليد القديمة وسمات وآليات وأدوات العصر.

وأما شروط المسابقة حسب ما قاله المزروعي، فبدايةً أعلنت ضرورة أن تكون مسافة السباق ‬400 متر. وأن يتم تثبيت فئة الصقر من قبل لجنة التثبيت في حالة الاشتباه بها، وعدم السماح بدخول أي صقر في المسابقة ما لم يحمل رقم حلقة. وافترضت المسابقة أيضاً، أن يحق للمشارك الدخول بأكثر من صقر في فئات البطولة.

وأكّد المزروعي أنه تمّ رصد جوائز قيّمة للفائزين بدءاً من المركز الأول وحتى المركز العاشر. علماً أنّ المسابقة تهدف إلى تعزيز استخدام الصقور المكاثرة في الأسر كبديل عن صقور البرية، وبالتالي ضمان استمرار هذا النوع النادر وبقائه في الطبيعة.

وبشكلٍ عام يتوقع المزروعي أن يستقطب الموسم السادس من المهرجان أعداداً كبيرة من السياح والزوار من مختلف دول مجلس التعاون الخليجي لأنه يعكس على أرض الموقع روح البداوة على طبيعتها الأولية، مشيراً إلى أن هذا الحدث الذي أصبح عالمياً بكل معنى الكلمة، يعلّم زواره، أنّ المعاصرة لا تتنافى مع الإرث الثقافي للدولة.

سباق السلوقي

في السياق تنطلق اليوم، على أرض مدينة زايد، فعاليات السباق التأهيلي لمسابقة السلوقي العربي التراثي بعدد ‬10 أشواط «خمسة أشواط للذكور - خمسة أشواط للإناث»، على أن يكون السباق النهائي «سباق التحدي» شوطين «سباق الذكور - سباق الإناث» يوم السبت المقبل.

ويحظى السباق الذي يقام للمرة الثالثة على التوالي في مهرجان الظفرة، باهتمامٍ كبير لطالما ترجم بالأعداد الهائلة من الزوار والمشاركين الذين يتقصدون الغوص في هذه الرياضة التي تعكس نمط العيش البدوي على حقيقته، تماماً كما عاشه بناة الحضارة في تاريخنا القديم.

وقال مدير الفعاليات التراثية في المهرجان عبيد خلفان المزروعي، إن إدخال مثل هذه المسابقات التراثية يرمي إلى المحافظة على التراث والحفاظ على سلالات السلوقي العربي والتعريف بنمط عيش الآباء والأجداد. كما أنه سيزيد من أعداد الزوار للمهرجان وبشكلٍ خاص من الإماراتيين الذين يفخرون باهتمامهم ببيئتهم وتراثهم أمام العالم العربي والدولي كعملية فاعلة لصون التراث. فضلاً عن أن المهرجان يسهم في تعريف الأجيال الحالية بأدوات الماضي وإمكاناته ويتيح لهواة هذه الرياضة المزيد من تطوير هواياتهم التراثية.

وأكّد المزروعي أن اللجنة أقرّت عدداً من الشروط للمسابقة التي تنبع من روح الثقافة الإماراتية الأصيلة، بما يضمن دقة السباق ونجاحه. ومن هذه الشروط أن يكون السلوقي عربياً أصيلاً وغير مهجن، وأن تتم مشاركة السلوقي من النوعين (الحص والأريش) ومن الجنسين (الذكر والأنثى)، وألا يقل عمر السّلوقي المشارك عن سنة واحدة. كما يتوجب على السلوقي المشارك خلوه من الأمراض واستكمال التحصينات واللقاحات الطبيّة ، فضلاً عن اللياقة البدنية التي يجب أن يتمتع بها، والتي تفترض خلوه من الإعاقات. ومن دون شك يعتبر عدم استخدام المنشطات غير القانونية شرطاً أساسياً للسباق، علماً بأنه سوف يتم الفحص مخبرياً. كذلك يجب أن يحمل السلوقي المشارك شريحة إلكترونية تعريفية «المايكرو شيب» لإثبات الملكية. موضحاً المزروعي أن المشاركة للعموم ولا تقل عن عدد ‬2 سلق للمشارك الواحد. وسيتم احتساب نتيجة السلوقي الفائز من انطلاقته من خط البداية وحتى خط النهاية ولا تحتسب نتيجة من يخرج عن ميدان السباق.