مُشارِكات في السوق الشعبية: «المهرجان» نجح في إحياء التراث وتعزيز الروح الإماراتية

إبداعات بأنامل إماراتية أبدعت فرسمت التراث في أبهى وأجمل حلة، وأظهرت كيف كان يعيش الآباء والأجداد الحياة البدوية الأصيلة وكيف تموجوا مع الطبيعة الصحراوية فخرجوا للجمهور بتراث يتناقله الأبناء.

تشهد السوق الشعبية المقامة على هامش مهرجان الظفرة لمزاينة الإبل في دورته السادسة التي تمتد حتى ‬29 ديسمبر الجاري، مشاركة متميزة من عدد من فتيات الإمارات اللواتي رغبن في تقديم منتجاتهن التراثية الأنيقة التي تتصف بالاحترافية العالية. إذ تسعى السوق إلى تشجيع الصناعة المحلية الإماراتية وتعزيز اقتنائها من قبل المواطنين والسكان والزوار من خارج الإمارات، الشيء الذي يحافظ على هذا الجزء من الموروث الشعبي ويجعله نمطاً أساسياً يمكن وجوده في الحياة المعاصرة جنباً إلى جنب مع أهم الأجهزة التكنولوجية تطوراً.

ماجدة المنصوري إحدى الفتيات الإماراتيات الموجودات حالياً على أرض الموقع في مدينة زايد بالمنطقة الغربية، أوضحت أنها تسهم في مهرجان الظفرة ‬2012 من خلال مشاركتها في السوق الشعبية، حيث تعرض للجمهور كل ما له علاقة بالمنتجات التراثية القديمة مثل الحقائب والنقاب وزينة المطية والشقلة، مشيرة إلى أن صناعة الغزل والنسيج مازالت من العادات والتقاليد الإماراتية الأساسية.

وحسب كلامها، تعمل المنصوري في هذا المجال منذ ‬25 عاماً، فقد ترعرت ونشأت في بيئة بدوية أصيلة بكل معالمها، تعلمت من خلالها دروساً كثيرة في كيفية التكيف مع البيئة الصحراوية القاسية عبر إتقان حرفة الغزل والنسيج.

وأكدت أنها تعلمت صناعة الغزل والنسيج من أمها التي شرحت لها كيفية غزل الصوف باستخدام النول، شارحةً لنا أن طريقة الصبغ تبدأ بوضع إناء كبير به ماء حتى يصل إلى درجة الغليان. بعدها يتم وضع صبغة اللون حسب الرغبة، وينقع الصوف في الماء حتى تصبغ كل أجزائه، وبعدها يجفف ويصبح جاهزاً للغزل.

وعن صناعاتها التي تنجزها، والتي تشارك بها في السوق الشعبية، قالت المنصوري إنها تشتهر بغزل ونسج العتاد وهو عبارة عن زينة تستخدم للإبل، إلى جانب صناعتها للسدو والشقلة التي هي الزي الخاص بالإبل، يستخدم للمحافظة على لبن الناقة أثناء فترة إرضاعها لصغيرها.

أما في ما يخصّ حركة السوق أثناء المهرجان، قالت المنصوري إنه على الرغم من مضي يوم واحد فقط على انطلاق الدورة السادسة، إلا أنّ الإقبال كان كبيراً كالعادة، مع زيادة ملحوظة جاءت نتيجة طبيعية للزيادة في عدد محال السوق، وللتنظيم المثالي الموجود على أرض الموقع.

من جهة أخرى، قالت شمة سالم العامري، الموجودة في السوق الشعبية بمهرجان الظفرة، إنها تعمل في مهنة صناعة وغزل النسيج من وقت قديم فقد تعلمت الحرفة من أقاربها منذ الصغر، وهي اليوم تعمل فيها بغزل ونسج العتاد والسدو.

وشرحت أنها تتقن صناعة بطانة لبيت الشعر الذي يعود إلى التراث الشعبي وينبع من العادات والتقاليد البدوية التي كان الآباء والأجداد يستخدمونها باستمرار. حيث تقوم بصناعة وغزل زينة بيت الشعر باستخدام الصوف خلال مدة من ‬10 أيام إلى أسبوعين.

وتوجّهت العامري بالشكر والتقدير إلى القيادة الرشيدة المتمثلة في صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، وإلى الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وإلى سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في المنطقة الغربية، لرعايتهم تراث الإمارات والعمل على صونه والحفاظ عليه، مؤكدة أنه ليس غريباً أن نجد مهرجان الظفرة بهذا القدر من التنظيم والاستعداد والجاهزية لاستقبال الفعاليات والزوار، وهو في كل عام يأتي بالجديد والمتطور عن الأعوام السابقة.

وفي السياق نفسه، ركّزت العامري على مقولة مستوحاة من فكر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، هي: «من ليس له ماض ليس له حاضر أو مستقبل». فالعمل على إحياء التراث وترسيخ العادات والتقاليد الإماراتية بات ضرورةً ملَحة اليوم، وهو من الأسباب الرئيسة التي جعلتها تشارك في مهرجان الظفرة من خلال عرض منتجاتها من الغزل والنسيج مثل السدو والعتاد والشقلة.

كذلك قالت إن التراث رمز وهوية الأمم. ولا وجود لأمة متقدمة لم تهتم يوماً بماضيها وعاداتها وتقاليدها، موضحة أنها شهدت في اليوم الأول للمهرجان جمهوراً كبيراً، وهو دليل جلي على أن الإمارات عرفت كيف تكون دولة حضارية ذات هوية أصيلة، خصوصاً بالنظر إلى الإقبال الشديد على السوق الشعبية، الذي يترجم رغبة الزوار في اقتناء الأدوات والأغراض القديمة النابعة من أرض الصحراء.

 

تويتر