قمة برج خليفة تستضـيف إبداعـات شبـاب إماراتيين.. وفنانون من مدارس مختلفة في «المركز العالمي»

ألـوان ومعـارض تتجـاور في دبي

صورة

تتزين دبي، خلال الفترة الحالية، بالعديد من المعارض الفنية، التي تتوزع على أكثر من صالة، ويتجاور بعضها في حيز واحد، متيحا للزائر فرصة الاطلاع على فنانين من مدارس مختلفة، إذ ينتمي المشاركون إلى بلدان عدة. وبينما تستضيف قمة برج خليفة العمل الفني الفائز بجائزة افضل عمل فني مستوحى من قمة «برج خليفة»، تتجاور أربعة معارض تشكيل وتصوير لأربعة فنانين في صالة «كوادرو للفنون الجميلة» في مركز دبي المالي العالمي، وتستقطب صالة «ريرا» الفنية في المركز ذاته، معرضين لكل من المصورة الفوتوغرافية مليكا شفاهي والرسام هومن درخشنده.

في تجربة متميزة، سعى الفنان الإماراتي الشاب عمار العطار إلى توثيق عدد كبير من المصليات في الدولة، بعد أن قام بتصوير أكثر من 150 مصلى منتشرة في أنحاء مختلفة من الدولة، قبل أن ينتخب 50 منها وفق أسس فنية، ليأخذ رواد المعرض في جولة وثقت جوانب متباينة من جمالياتها، ورغم أن المصليات تبقى عادة مجرد أماكن يتم إفرادها لأداء الصلوات في مختلف الأماكن الاجتماعية والخدمية والترفيهية، بخلاف المساجد التي يتم إبراز معالم المعمار والبناء الإسلامي، وفي الغالب تبقى محافظة على الغرض الوظيفي لها أكثر من الأغراض الجمالية، إلا أن العطار عبر انتقائه الشديد لزوايا تصويره، وشغفه بإبراز التفصيلات الدقيقة، في أمور قد تبدو اعتيادية للمرة الأولى، تمكن من تقديم تجربة لافتة لا تبحث عن الإبهار، بقدر ما ترصد الجماليات في الصورة التي يحسبها البعض للوهلة الأولى انها نمطية.

سبح

5 أعمال

رغم أن العمل الفائز في مسابقة «قمة البرج» التي تحتفي بأهم الأعمال المستلهمة من «برج خليفة» هو للفنان الإماراتي الشاب حمد الفلاسي بعنوان «لحظة تاريخية.. معلم تاريخي»، هو الذي نال الجائزة الأولى في المسابقة التي شارك فيها نحو 50 متسابقاً، إلا أن هناك خمسة أعمال لفنانين إماراتيين شباب حظيت أيضاً بإشادة من المهتمين بمجال التصوير الفوتوغرافي لما حفلت به من جدة. وقدم الفنان الإماراتي الشاب ناصر نصرالله عملاً تأثر فيه كثيراً بتخصصه الدراسي في «هندسة الطيران»، بعنوان «حياكة الطيران» ليقدم لوحة تركيبية يبدو فيها البرج كأنه آلة خيالية تحمل من عليها إلى فضاء لا متناه بعيداً عن قيود الجاذبية الأرضية. فيما قدم حمدان بطي الشامسي الذي تخرج في كلية الآداب قسم اللغة الانجليزية بجامعة الإمارات، لوحة بعنوان «امجاد»، جاءت لتصل حاضر «البرج» الذي يمثل أحد رموز النهضة الحضارية والمعمارية في الدولة.

ومزج الشامسي بين الرسم الرقمي والتصوير الضوئي على نحو مبهر، ليبدو «البرج» وصالاً بين عطاء المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والمغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، وممتداً لقيادة فارس على صهوة جواده المنطلق هو صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في رؤية ذات دلالة للبرج الذي يحمل مسمى صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة.

الفلاسي فاز بمسابقة «قمة البرج».

بعيداً عن «مصليات» العطار يلمح مرتاد صالة «كوادرو» مجسمات سبح عملاقة، ومكتوب عليها أسماء مختلفة، ما يثير بالتبعية فضوله، ليكتشف أنه بصدد معرض آخر مجاور بعنوان «اسمي»، قامت فيه الفنانة السعودية منال الضويان بعرض مجسمات ونماذج متعددة للمسبحات الخشبية مكتوب على كل جزء منها أسماء سيدات وفتيات بخط واضح، وهو العمل الذي أفصحت الضويان نفسها عن مضمونه، مشيرة إلى أنه يمثل تحدياً لعادة عربية دخيلة وغير أصيلة، متمثلة في إصرار البعض على حجب هوية المرأة المتمثلة في اسمها، واعتبار أنه غير واجب الكشف.

«مسبحات» الضويان التي تأتي بارتفاع يصل إلى ثلاثة أمتار وزينت بصوف مغزول وجاءت نتاج عمل تطوعي وورش عمل شارك فيها نحو 350 فتاة وسيدة حسب تأكيدها، شكلت جاذبية ملحوظة لرواد المعرض من مختلف الجنسيات، ومناسبة لالتقاط الصور التذكارية لبعضهم، لكن اللافت أن الضويان نفسها لم تغفل علاقة التصوير بالتشكيل، فراحت ترفق معرضها بنخبة من الأعمال الفوتوغرافية التي التقطت بعضها، وجمعت بعضها الآخر من مطبوعات مختلفة، قبل أن تعيد توظيفها وتشكيلها في إطار بانوراما فنية أوسع دلالة، لاسيما في ما يتعلق بدلالات شديدة الإحالة إلى قضايا مهمة للمرأة السعودية، خصوصاً التي تبرزها الأعمال بأنها محاطة بالكثير من التحديات التي عليها النهوض لتجاوزها.

هوية

في معرض ثالث مجاور يقدم الفنان العراقي البريطاني أثير مجموعة من الأعمال التي تتمحور حول مفهوم الهوية العربية، ومدى تأثرها بالقيم المعمارية الأخرى السائدة في الثقافات الأخرى، من خلال أعمال يحتفي فيها أثير بالألوان بشكل واضح، لكنه يظل في الوقت ذاته مهموماً بالبحث عن سؤاله الأصيل. «روح المكان» هو عنوان المعرض الرابع للفنان الصربي سينيشا فلاكوفيتش، الذي يمزج فيه بشكل كبير بين ذاتيته وعدد من الأمكنة التي ترصدها ألوانه، ليسهم تجاور المعارض في إثارة جدلية أخرى بين مفرداتها المختلفة.

في المقابل، كانت قمة برج خليفة تعنى بالاحتفاء بعمل آخر للفنان الإماراتي الشاب حمد الفلاسي بعنوان «لحظة تاريخية... معلم تاريخي»، وهو العمل الفائز في مسابقة «الفن في القمة» التي أطلقها «ذا آرا غاليري» بالتعاون مع «إعمار العقارية»، ويتتبع عبره الفلاسي العلاقة بين عنصري الثبات والحركة في أطول برج في العالم من خلال لوحـة فنية تجمع ما بين تقنيات التصوير الفوتوغرافي، وإلهام وخيال الأعمال التشكيلية، إذ يرصد الفلاسي في العمل العلاقة بين البر والبحر والبناء المعماري الأكثر شموخاً، مضفياً حيوية العنصر البشري وحضوره في آلية تبدو كأنها تتبع حضوراً متتابعاً لرواده، قام بالتقاطها من جهة خور دبي، في الوقت الذي تتبع فيه على نحو متفرد جدلية العلاقات بين البرج، وجواره المكاني.

تويتر