حصن منيع يضم أقساماً متنوعة ومقتنيات أثرية

«متحف عجمان» يروي تاريخ المـــنطقة

صورة

يعد متحف عجمان أحد أهم المعالم التراثية والتاريخية في المنطقة، ليس من حيث البنيان وضخامته، إنما من ناحية التميز في المعروضات التي يضمها، إذ إن تنوع أقسام المتحف جعل منه وجهة سياحية وترفيهية وتعليمية يقصدها السياح والزائرون.

كان الحصن في الماضي معقل الرئاسة و«الزعامة»، ومنبع السلطة السياسية في إمارة «عجمان»، ويُعد خط الدفاع الأول عن المنطقة، لاسيما في وجود الأبراج المنتشرة حول الحصن وخارج الإمارة، التي تحقق الأمن والحماية، ولأنه معلم شامخ وصرح عالٍ يستحق التكريم، تم تحويله إلى متحف متكامل يحوي المقتنيات الأثرية والصناعات والمهن التقليدية والحياة الاجتماعية في الماضي.

وتتميز المعروضات في المتحف بالتنوع لتشمل كل جوانب الحياة المختلفة، مثل أقسام الأزياء الشعبية، إذ يمكن للزائر التعرف إلى الملابس القديمة التي كانت سائدة في الماضي، التي تغيرت بتغير الزمان والتمدن، كما أن هناك غرفة المعيشة والمطبخ القديم الذي يضم جميع لوازم الطبخ القديمة من أوانٍ معدنية وفخارية والمشغولات اليدوية.

كما يمكن لزائر متحف عجمان الاطلاع على أساليب الحياة القديمة من خلال البيوت القديمة التي يقطنها سكان المنطقة، سواء بيوت الجريد أو الخيام، إضافة إلى الحرف النسائية والطب الشعبي والألعاب الشعبية، ومن جوانب الحياة الاقتصادية هناك أقسام مخصصة للغوص على اللؤلؤ والصيد البحري وصناعة السفن والسوق الشعبي والزراعة والصحراء، فيما ضم المتحف جوانب من حياة الإماراتي قديماً، منها حلقات التعليم المعروفة بالمطاوعة والكتاب، وأقسام المخطوطات والفنون الشعبية.

تحديث وصيانة المتحف

نفذت دائرة التنمية السياحية في عجمان مشروعاً لصيانة وتحديث أقسام متحف عجمان، بالتعاون مع إدارة التراث في دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، ويأتي هذا المشروع ضمن الجهود المبذولة للحفاظ على التراث المحلي وحماية الثقافة القديمة من الاندثار، لاسيما أن متحف عجمان يعكس بعداً تاريخياً لتراث حضاري.

وتضمن المشروع تغيير ملابس المجسمات الموجودة في كل الأقسام بملابس جديدة وتنظيف بعض المقتنيات، وإضافة معروضات في بعض الأقسام، وذلك بأسلوب علمي يتماشى مع طبيعة الحقب المختلفة التي يعكسها المتحف. كما تم افتتاح ركن للهدايا والتحف التذكارية داخل المتحف، إذ تباع العديد من المنتجات التراثية المصنوعة يدوياً، وذلك بهدف تشجيع زوار المتحف على اقتناء هدايا تذكرهم بجولاتهم في مختلف أروقته وأقسامه.

حصن عجمان

يعتقد أن حصن عجمان شُيّد في أواخر القرن الـ18 للميلاد، واستخدمت في بنائه مواد محلية، منها حجارة البحر المرجانية والجص، وتم تسقيفه بالجندل، وهو نوع من جذوع الأشجار يتم جلبها من شرق إفريقيا، وقد تعرض الحصن عام ،1820 مثل بقية القلاع والحصون في الإمارات الشمالية، لقصف السفن الحربية البريطانية، إذ تعرض للتدمير في وقتها، حتى أعاد بناءه المغفور له الشيخ راشد بن حميد الأول.

وخضع الحصن على مدار السنوات لعمليات ترميم، إذ بقي مقراً للأسرة الحاكمة حتى عام ،1907 عندما انتقل المعفور له الشيخ راشد بن حميد النعيمي للإقامة في قصر الزاهر، وتحول الحصن إلى مقر للقيادة العامة لشرطة عجمان، وفي أواخر الثمانينات تمت إعادة ترميمه بتوجيهات من صاحب السمو حاكم عجمان، وتحويله إلى متحف تراثي، واستغرقت عملية الترميم الأخيرة ثلاثة أعوام. ويهدف المتحف إلى تعريف الأجيال بطبيعة الحياة في مجتمع الإمارات في الماضي، وتحديداً الفترة التي سبقت اكتشاف النفط، كما يسهم في تعريف المقيمين والزائرين والسياح العرب والأجانب بتراث الإمارات ونمط الحياة.

أقسام المتحف

يضم المتحف أقساماً عدة منها القبر الأثري، وأقسام بيوت الجريد، والسفن، والصيد البحري، وإذاعة عجمان، والزراعة، والمطبخ القديم، ومخزن التمور، والطرب الشعبي، إضافة إلى قاعة الثقافة والتراث والألعاب الشعبية والآثار والوثائق والمخطوطات والمجلس أو ما كان يعرف بـ«البرزة»، كما أضيفت إلى المتحف قاعتان، خصصت الأولى للطب الشعبي الذي يضم قسماً للاستشفاء بالقرآن، وقسماً لعلاج تجبير الكسور وأقساماً لأمراض أخرى كانت شائعة في الماضي، وأنواع العلاجات، مثل «الحجامة» والعلاج عن طريق الكي والمسح بأنواعه.

أما القاعة الثانية في المتحف، التي لا تقل تميزاً عن الأولى، فقد تم تخصيصها للسوق الشعبي، الذي يضم مجسمات عدة تمثل مهناً وحرفاً وعادات شعبية كثيرة، من بينها مهنة الطواش والحلاق والمحلوي والخياط والحداد والقطّان وبائع الحصر، إضافة إلى مهنة بناء الجص وصناعة النسيج وتجار الجملة والقهوة الشعبية، وتم تجسيد كل ذلك عن طريق تماثيل مميزة ومعبرة، تم تصميمها وتصنيعها بدقة وحرفية عالية، إذ تم تزيينها وإبرازها بجميع الإكسسوارات التي كانت تستخدم في كل مهنة وحرفة على حدة.

الدور العلوي للمتحف خصص ليضم قسماً للمغفور له الشيخ راشد بن حميد النعيمي، ويضم غرفته الأصلية التي كان يعيش فيها، كما يعرض المتحف كل مقتنياته الشخصية كـ«البشت»، والأسلحة، والدفاتر، والهدايا التذكارية التي تلقاها خلال فترة حكمه، كما يضم الدور العلوي أيضاً أقساماً للصور التاريخية والأزياء التقليدية والحرف النسائية والمطوعة والشرطة والمحكمة وغرفة المعيشة ومعروضات الأسلحة.

دليل المتحف

قسم الإنماء السياحي في دائرة الثقافة والإعلام في عجمان، أصدر أخيراً، دليل متحف عجمان، ويأتي هذا الإصدار لإبراز الوجه المشرق لإمارة عجمان من خلال معالمها السياحية وتاريخها العريق. ويعد إصدار دليل المتحف برهاناً على نهج القيادة الحكيمة لدولة الإمارات التي ظلت تمنح حفظ التراث الحضاري للأجداد أولويةأ خاصة، ما انعكس على الحراك المزدهر الذي تشهده الدولة في مختلف المجالات.

ويسهم دليل المتحف في تعريف السياح الأجانبأ والعرب المقيمين والزائرين بتراث الإمارات ونمط الحياة فيها قبل ظهور النفط، أما المواطنون فإن المتحف يعتبر بالنسبة إليهم أحد أهم الأماكن التي يمكن أن يستمتعوا بقضاء أوقات فراغهم بزيارتها. ويركز الدليل على عرض التراث الشعبي في الإمارات عامة، وعجمان بشكل خاص، ويحظى بإقبال كبير من الزوار، ويتبع المتحف طرقاً عديدة لعرض محتوياته من خلال الاعتماد على تصوير البيئة المحلية في الماضي تصويراً واقعياً عن طريق المجسمات بالحجم الطبيعي، بملابسها الشعبية والأثاث التقليدي القديم.

ويحتوي الدليل على معلومات لما يتضمنه المتحف في أقسام مختلفة تشمل أكثر من 29 قسماً، ويتضمن مجموعة من الأقسام التي توثق لعدد من الحرف والمهن التي يمارسها أهل الإمارات في الماضي، ومنها الصيد البحري وصناعة السفن والتجارة والنقل البحري ونموذج للسوق الشعبي الذي يضم مجموعة من محال البقالة ومحال بيع التمور ومحال الخبازين وصناع الحلوى، إضافة إلى محال العطارين والحلاقين والخياطة وتجارة الأقمشة والمقاهي الشعبية والزراعة والمطوعة .

تويتر