تغرد خارج سرب التحوّلات والأحداث على أرض الواقع

الدراما السورية خارج التغطية

من المسلسل السوري «بنات العيلة». أرشيفية

بين «أرواح عارية»، و«بنات العيلة»، و«حارة الطنابر»، و«رومانتيكا»، وليس انتهاء بالجزء الثاني من «الولادة من الخاصرة»، وغيرها من المسلسلات السورية التي تعرض حالياً في شهر رمضان على قنوات فضائية وأرضية عدة، يجلس المشاهد العربي في محاولة لرصد مشهد أو أكثر يحكي واقع ما يجري في سورية ولو بعبارة.. يجدها في «بقعة ضوء»، لكن بخجل وحذر.

الدراما السورية التي عرفت وتميزت على مدى السنوات الماضية بأنها قريبة من الشارع ولغته، لا تبدو هذا العام قريبة من هذا الواقع، ولايبدو أن العاملين فيها حاولوا على الأقل الخروج من مشهديات كان وجود صور الرئيس السوري بشار الأسد أمراً ضرورياً وأساسياً. في أغلبية الأعمال هذا العام تتكرر صور الرئيس الأسد بمناسبة وغير مناسبة، ومن دون أن يكون لوجودها أي إضافة نوعية للعمل، غير استفزاز شريحة واسعة من متابعي هذه الأعمال.

هذه الحالة وصفها الفنان فارس الحلو، بأنه إقحام كان لابد من الانتباه إليه، يمكنها التملص من هذا الاقحام بحجة على الرغم من أن الصور منتشرة في كل مكان ويصعب التحايل على وجودها، خصوصاً في المشاهد الداخلية. وقال الحلو: «أنا لست مع انتاج اعمال درامية تحكي الثورة السورية، لأنها لم تنته بعد، لكني ضد الاستهانة بمشاعر الذين يخرجون للشارع وهم جمهور هذا الفنان ومعجبون بذلك المخرج».

تجارة الموضوع

المخرج السوري نبيل المالح اعتبر أن «الفنان الحقيقي لا يورط نفسه أبدا في أن يكون جزءاً من تجارة موضوع حي ومباشر، خصوصاً الفنان في سورية». وأضاف: «قبل الثورة في سورية كانت الرقابة شديدة جداًعلى المواد المكتوبة، وكل حرف يمر على الرقيب، وقد ازدادت الرقابة شراسة بعد انطلاق الثورة، إذ إن الاعتقال مصير كل من يكتب سطراً ضد النظام».

وأكد أن «الاعمال الدرامية السورية التي تعرض هذا العام ستكون بعيدة كل البعد عن الواقع المأساوي الذي يعيشه الشعب السوري، في ظل كل هذا القتل الممنهج ضد كل من نادى من اجل الحرية»، موضحا أن «الدراما السورية خلال شهر رمضان لن تكون راصدة لواقع تعيشه سورية التي تطالب بحريتها».

وكشف عن أن «فنانين تم اقصاؤهم عن العمل في مسلسلات سورية بسبب مواقفهم ضد النظام السوري».

ولم يشأ الفنان قيس الشيخ نجيب الذي يؤدي دور البطولة في مسلسل بنات العيلة إقحام السياسة بالفن، نافياً أن تكون الدراما السورية بعيدة عن نبض الشارع، واصفاً إياها بـ«الاجتماعية».

الواقع

ما كان يميز الدراما السورية في السنوات السابقة، حسب منسق برامج رئيس في مركز حماية وحرية الصحافيين والناشط في مؤسسة حقوق الإنسان، هيثم أبوعطية، قربها من الواقع وملامستها لهموم المواطن وتفاصيل حياته اليومية في الحب والعمل والشارع والمنزل، وحتى في الموضوعات السياسية التي دقت جدار الخزان في أكثر من عمل عن طريق كوميديا سوداء تضفي نوعاً من السخرية للحالة التي وصلت إليها سورية من فساد، خصوصاً في مسلسل «بقعة ضوء»، وجاءت الثورة لتكرس هذه الكوميديا إلى واقع، وأضاف أن «الانعكاس بعد عام ونصف العام على ثورة الشعب على الأعمال الدرامية جاء مغايراً للتوقعات، فنجد اليوم المسلسلات السورية أبعد ما تكون عن الواقع وهموم الانسان السوري، ولا تمثل الثورة بأي شكل من الأشكال»، فنجد مثلاً في أول حلقات مسلسل «الولادة من الخاصرة» في جزئه الثاني يبدأ مشهده الأول بصورة لبشار الأسد كنوع استفزازي لمشاعر هذا الشعب، ونجد أيضاً في مسلسل «بنات العيلة» عائلات ذات ترف باذخ وبنات لا يهمهن إلا مظهرهن الخارجي وقصات شعرهن وملابسهن، يعيشون الحياة بكمالياتها ولا ينكد عيشهن إلا قصص الخيانة والحب، مبتعدة بذلك عن واقع المجتمع، ومعاناة الشعب الذي خرج بثورة ليطلب حريته وكرامته، ما أدى إلى تدني مستوى هذه المسلسلات وابتعاد المشاهد عنها، مؤكداً لكي تعود الدراما السوريـة إلى سابق عهـدها عليها أن تنزل إلى الشارع مرة أخرى تاركة الخوف من التقلبات السياسيـة لتحاكي الواقع وتنشر رسالة الشعب.

هموم

الدراما السورية هذا العام لا تمت الواقع بصلة، ولا تعبر عن تطلعات الناس بغض النظر عن انتمائها السياسي موالاة أم معارضة. وقالت الفنانة أناهيد فياض «لم أستطع التعلق بأي مسلسل فمتابعاتي تقتصر على مشاهد وبضع حلقات، وبعيداً عن الواقع السياسي يوجد أعمال تعد جيدة فنياً، لكني غير معنية بها، وهناك أعمال تافهة موضوعاً وصورة، موضحة الماكياج الكثيف والمبالغ فيه للممثلات فاجأني مع أن الطبيعية بالشـكل كان اهم ما يميز الممثلات السوريات، لكن يبدو أنهن يحاولن تخبئة خجلهن من مشاهد مسطحة ومفرغة أمام ما يحدث، مؤكدة لا ألوم أحداً ويمكن هي لقمة العيش أو الحاجة. وقالت: «أنا لست حزينـة لعدم اشتراكي في أي عمل هذا العام».

تويتر