يضم 4 صالات لعرض المسكوكات والاختراعات

«الشارقة للحضارة الإسلامية».. فنون تروي التاريخ

صورة

زخارفه العربية الإسلامية ميزته، وهندسته المعمارية الراقية ذات القبة الذهبية والفسيفساء الليلية، جعلت من متحف الشارقة للحضارة الإسلامية مقصداً سياحياً، ومعلماً يرصد تاريخاً إسلامياً وحضارياً لا يستهان به. ويعود تاريخ متحف الشارقة للحضارة الإسلامية إلى الثمانينات، إذ كان المتحف سوقاً تقليدية عرفت باسم سوق المجرة، واعتبرت السوق في ذلك الوقت أحد معالم الشارقة السياحية، ومقصد سكان الشارقة والإمارات الأخرى، خصوصاً أن المبنى يعد الثاني من نوعه في منطقة الخليج بعد السوق «الجديد»، أو «المركزي».

وقد تميز المبنى العصري، الذي يقع في قلب الشارقة بمنطقة المجرة، بالزخارف العربية الإسلامية، التي بقيت محافظة على جمالها، حتى بعد تجديد هذا البناء، لاسيما أنه تميز بروح الهندسة المعمارية الرائعة والتصاميم الخلابة، إذ أُعيد افتتاح المبنى عام ،2008 ليكون مقراً لمتحف الشارقة للحضارة الإسلامية، ويتجلى جمال التصميم في القبة الذهبية التي تتوسط البناء الضخم، والمزخرفة من الداخل بالفسيفساء المركبة، والتي تمثل صوراً للسماء ليلاً وما بها من بروج.

استراحة قصيرة

لا تكتمل زيارة متحف الشارقة للفنون والثقافة الإسلامية، من دون التوقف للتمتع بالجلوس في مقهى راقٍ، يقع في الطابق الثاني تحت قبة المتحف الفخمة، إذ يمكن للزائر أن يسترخي بعض الوقت، ويتمتع بالمشهد الفسيفسائي للأبراج الفلكية، وتحظى القباب بتاريخ طويل في العمارة الإسلامية حتى في أوائل عهد الإسلام، فقد كان سطح القباب الداخلي للقصور والبيوت يُزين بخرائط سماوية، لهذا استمرت قبة المتحف تقليداً زمنياً رفيع المستوى، كما يضم المتحف مصلى ومقصفاً ومتجراً ومواقف للمعاقين ومدخل كراسي متحركة، ودورات مياه للمعاقين ومصاعد وأدراجاً.

يتكون متحف الحضارة الإسلامية من طابقين: الأرضي والطابق الأول، في الطابق الأرضي وعلى الجانب الأيمن من ردهة الاستقبال، يوجد رواق العقيدة الإسلامية، الذي يتناول أركان الإسلام الخمسة وقواعد العقيدة الرئيسة، وتوجد معروضات بارزة في هذا الرواق، منها مصحف ومخطوطات إسلامية أخرى، ونماذج معمارية، وسلسلة شائقة من الصور التاريخية للحج في مكة المكرمة، أما القطعة البارزة في هذا الرواق، فهي كسوة الكعبة المشرفة المعروف بالستارة.

أما مقابل قاعة العقيدة الإسلامية، فتوجد قاعة العلوم والمخترعات، والتي تحفل بالإنجازات البارزة للعلماء، من معظم أرجاء العالم الإسلامي، وإسهاماتهم العظيمة في مختلف العلوم، منها علم الفلك والطب والجغرافيا والعلوم الطبيعية والعمارة.

وتحوي القاعة العلمية أيضاً أدوات علمية جُمعت بعناية فائقة، كما هناك ردهة للاستقبال، تفسح المجال للزوار التعرف إلى المسكوكات الإسلامية المعروضة، في سلسلة من الخزانات البارزة على طول مركز القاعة الرئيسـة.

ومن أمثلة العملات الأولية، تلك المسكوكة تحت حكم الخلفاء الأمويين، في القرن الأول الهجري «السابع الميلادي»، وحتى العملات المتداولة اليوم، وتحوي المسكوكات الإسلامية معلومات رائعة تقدم موضوعات مالية وأيديولوجية فكرية إلى جانب موضوعات متنوعة، مثل تطور الخط الإسلامي، وإنجازات العلوم والتكنولوجيا، وبعد انتهاء الجولة في المتحف، وتحديداً تفقد معروضات المسكوكات الرائعة، لا يسع الزائر إلا أن يحل ضيفاً على مقهى المتحف، أو تفحص أغراض المتجر الذي يحوي مجموعة كبيرة من الأغراض والتذكاريات الفريدة من نوعها، والتي لا تتوافر في المتاجر الأخرى.

الفن الإسلامي

خصص الطابق الأول من متحف الشارقة للحضارة الإسلامية، لكلية الفن الإسلامي، وتضم أربع صالات عرض فسيحة، تدعو الزائر إلى أخذ جولة من الاستكشاف الفني تبدأ من مطلع الإسلام إلى الأوقات المعاصرة، ويستهل الزائر جولته بعرض مسموع وآخر المرئي، والتمتع بالصور المذهلة من جميع أرجاء العالم الإسلامي، والتعرف إلى إنجازات الفنانين والخطاطين.

وخصصت الصالة الأولى للفن الإسلامي المرتبط بالقرون الأولى، وتعرض الصالة الخزف والأعمال المعدنية والزجاج والفنون الصغيرة، التي ظهرت في العالم الإسلامي بين القرنين الأول الهجري (السابع الميلادي)، والسابع الهجري(الـ13 الميلادي)، كما تتناول الأعمال المعروضة المنظور السياسي، الذي شهدته تلك الفترة وتوسع الدولة الإسلامية، من ميلادها في شبه الجزيرة العربية إلى أطرافها على سواحل المحيط الأطلسي للبرتغال غرباً وأطراف الصين شرقاً.

ويظهر الفن الإسلامي الأول على نماذج فنية إغريقية وفارسية سابقة، لكن سرعان ما تطور إلى فن يتميز بنمط جديد يعكس روح العقيدة الإسلامية، وتمثل النمط الجديد في الشغف بالخط العربي، والزخرفة التفصيلية، والاستغناء المتزايد عن موضوعات الفنون الحاوية للصور.

صالات عرض

تعرض الصالة الثانية للمتحف قطعاً إسلامية، صنعت في القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي)، إلى أواخر القرن الـ13 الهجري، و أواخر القرن الـ19 الميلادي، منها قطع خلابة من الفترة التالية للغزو المغولي للأراضي الإسلامية الشرقية، وتعد من أبرز المعروضات، ويوجد رداء حريري مغولي، يعود إلى القرن الثامن الهجري (الـ14 الميلادي)، وتعرض الصالة قطعاً معدنية وخزفيات تعود إلى عهد المماليك والصفويين والعثمانيين.

أما الصالتان الثالثة والرابعة، فقد خصصتا للأنشطة الوفيرة للحرفيين المسلمين، وصانعي الأسلحة على مدار القرنين الـ13 والـ14 الهجري (الـ19 والـ20 الميلادي)، وأثناء القرون اللاحقة ازدادت حركة التبادل الفني بين العالم الإسلامي وأوروبا، وقد برهن الكثير من القطع الفنية على نجاح الجمع بين الشرق والغرب.

تويتر