في ظل حضور نسائي قوي بمسلسلات رمضان

الدراما الخليجية.. عنف أسري ومبالغات

تحذير من خطورة التركيز على صور العنف تجاه المرأة في الدراما الخليجية. أرشيفية

حضور نسائي قوي؛ وتركيز واضح على قضايا المرأة، هي ابرز سمات الدراما الرمضانية العربية لهذا العام، حيث تشهد المسلسلات الفنية المقرر عرضها خلال رمضان المقبل ظهوراً قوياً للمرأة، سواء بوصفها بطلة او عبر قضاياها المطروحة في الأعمال الدرامية.

هذا الحضور النسائي امتد إلى الدراما الخليجية التي تشهد منذ العام الماضي اهتماما لافتا بطرح قضايا المرأة ومشكلاتها، من خلال عدد من الاعمال التي اعلن عنها حتى الآن، منها «بنات الجامعة»، و«ملحق بنات»، و«امرأة تبحث عن مغفرة» و«خادمة القوم»، و«لعبة المرأة رجل»، و«لو باقي ليلة»، وغيرها. ولكن أكد كثير من المتابعين أن الدراما الخليجية تحتشد بمشاهد العنف ضد المرأة والصراخ والبكاء، علاوة على المبالغة في زينة الممثلات، والمبالغة في ديكورات البيوت. وقال متخصصون إن المسلسلات الخليجية لا تخلو من تصوير المرأة بوصفها حائكة مكائد أيضاً، في حين تتجاهل بشكل عام النماذج الإيجابية. ويبقى السؤال: هل عبرت هذه الدراما فعلاً عن واقع المرأة الخليجية، واقتربت من همومها ومشكلاتها واحلامها؟

ترى الطالبة خولة علي ان الدراما الخليجية استطاعت في الفترة الأخيرة ان تتخلص من المبالغة التي كانت تتسم بها، وبدأت تعكس بعض قضايا الواقع في أعمال، مثل «بنات ثانوي» الذي عرض العام الماضي واثار كثيراً من الجدل، رغم انه قدم مشكلات موجودة في المجتمع. واشارت إلى ان الدراما لابد ان تخرج عن الأفكار والموضوعات المحدودة التي حبست فيها طوال السنوات الماضية، وان تهتم بالاقتراب من الشباب وتناقش افكارهم وهمومهم من وجهة نظرهم، وليس بهدف توجيه النصح والارشاد بصورة مباشرة وفجة في كثير من الاحيان.

وأبدت منى الظاهري، موظفة، تحفظها على الصورة التي تظهر بها المرأة الخليجية في الدراما، لما تحمله هذه الصورة من مغالطة للواقع، بحيث تظهر المرأة في أغلبية الاعمال بشخصية متسلطة تقضي وقتها في تدبير المكائد والايقاع بالآخرين، أو شخصية مقهورة ومغلوبة على أمرها وتعاني الظلم من جميع المحيطين بها، وكانه لا يوجد نموذج وسط او شخصيات طبيعية توازن النماذج غير السوية، حتى لا يبدو المجتمع كأنه كله مجموعة من الاشخاص غير الاسوياء. كما عبرت عن رفضها لما تتضمنه المسلسلات من جرعات مبالغ فيها من النكد والبكاء والصراخ، بحيث لا تكاد تخلو حلقة من هذه المشاهد.

في حين انتقدت سمر الغافلي، طالبة جامعية، تركيز الدراما على نماذج بعينها مثل سيدات الاعمال، والتناقضات التي تحملها في كثير من الاحيان، مثل المبالغة في ديكورات المنازل، والتي تبدو مثل القصور، في الوقت الذي يتناول الموضوع قصة عائلة متوسطة الحال تعاني الديون والمشكلات المادية. كما انتقدت اصرار أغلبية الفنانات على المبالغة في استخدام الماكياج وعمل تسريحات شعر تناسب السهرات طوال الوقت حتى خلال وجودهن في المنزل، وهو ما يتناقض مع الواقع.

واشارت لمياء حسين، مدرسة، إلى ان هناك نماذج بدأت تظهر في الدراما الخليجية لا تمثل المرأة ولا المجتمع، لكنها تمثل تقليداً اعمى لاعمال اخرى، مثل مشهد امرأة ترقص بينما يدخن زوجها الشيشة، وهو مشهد مكرر في افلام السينما في فترة التسعينات، ولا يرتبط بالمجتمع الخليجي، وعلى صناع الدراما مراعاة مثل هذه الأمور، حتى لا تسهم الدراما في جلب مظاهر سلبية وعادات غريبة عن المجتمع. واعتبرت أن جزءاً كبيراً من المسلسلات يسير في اتجاه مخالف للواقع، سواء في الاغراق في الرومانسية والاحزان والمآسي، او في المبالغة في التركيز على المظاهر والمغامرات العاطفية والعلاقات المتشابكة، وهو ما يعكس صورة غير دقيقة عن المجتمع الخليجي امام المشاهد.

ولفتت سارة سالم، اختصاصية نفسية، إلى أن صورة المرأة في الدراما الخليجية تجاهلت النماذج الناجحة، وقصص الصبر والاصرار التي وصلت بصاحباتها إلى قمة السلّم العلمي والمهني والاجتماعي، وركزت على نماذج متخاذلة، تعتمد على وسائل اخرى لتحقيق اهدافها، مثل الزواج من ثري، او تدبير المكائد او غير ذلك، وكأن هذه الوسائل هي الطريق الوحيد لتحقيق الشهرة والثراء والمنصب. كما تتضمن أغلبية الاعمال الدرامية صوراً للعنف ضد المرأة، مثل الضرب او التعذيب او الحبس داخل المنزل، وهو امر خطير لانه يسهم في نشر مثل هذه السلوكيات المرفوضة.

في السياق نفسه حذرت الدكتورة مي الخاجة، الاستاذة بقسم الاتصال الجماهيري، كلية العلوم الانسانية والاجتماعية في جامعة الامارات، في ورقة عمل قدمتها في وقت سابق بعنوان «العنف الأسري ضد المرأة في الدراما العربية»، من ان الدراما التلفزيونية تروّج ثقافة العنف ضد المرأة، وتقدم امتدادات للعنف الاجتماعي، ويكرس القائمون عليها النظرة الدونية للمرأة من دون محاولة لفهم أو إعادة النظر في مضامينها وتطويرها، أو التخفيف من حدتها. ولفتت إلى ان الدراما العربية كثيراً ما توظف لمصلحة التغيير الثقافي بعرض مشكلات العنف الأسري لإضفاء الشعور بالمشاركة الجماهيرية، والتي بدورها تنقل قضية العنف الأسري إلى الرأي العام، عبر ابراز الخلافات الأسرية بالعنف والعنف المضاد، أما الدراما الخليجية فممتلئة بالعنف الأسري ومنشغلة بالكسب المادي .

كما حذرت الدكتورة منى الصواف، استشارية نفسية، من خطورة التركيز على صور العنف تجاه المرأة في أعمال الدراما الخليجية التي تتكثف خلال شهر رمضان، وأوضحت أن لها تأثيراً سلبياً كبيراً في المشاهد، حيث تصيبه في بادئ الأمر بنوبة من الخوف، يتبعها شعور بالقلق، ثم الغضب، حتى الوصول إلى مرحلة التبلّد واللامبالاة.

تويتر