تجمع الطرز المعمارية الفرنسية والأميركية والصينية.. وتنفتح على ثقافات مختلفة

«هو تشي منه».. جوهرة الشـــرق الأقصى

بناء مدينة «هو تشي منه» هو نتيجة مصالحة بين ميراث الاستعمار الفـــــــــــــــــــــــــــــــــرنسي والنفوذين الأميركي والصيني. أرشيفية

تعتبر مدينة «هو شي منه» إحدى أكبر مدن فييتنام. وكانت تعرف سابقاً باسم «سايغون»، إذ كانت عاصمة المستعمرة الفرنسية السابقة كوشينشينا، وفي ما بعد عاصمة فييتنام الجنوبية قبل الاتحاد (بين عامي 1954 و1975).

وفي عام 1976 اندمجت سايغون مع جيا دينه وأصبح اسمها منذ ذلك الوقت «هو تشي منه »رغم أن البعض لايزال يفضل تسميتها باسمها القديم «سايغون». ويقع وسط المدينة على ضفاف نهر سايغون، وهي تبعد 60 كيلومتراً عن بحر الصين الجنوبي، و1760 كيلومتراً جنوب هانوي عاصمة فييتنام. وتقع بين دلتا نهر الميكونج وبحر الصين الجنوبي. كانت «هو تشي منه» تسمى ذات يوم «جوهرة الشرق الأقصى» بمستواها الفخم الذي يضاهي كلاً من هونغ كونغ أو بانكوك، وهي تعد المدينة الأكثر ازدحاما بالسكان في فييتنام، اذ يسكنها نحو تسعة ملايين شخص. وهي تجمع ما بين ناطحات السحاب المخصصة لأهم مقار ومكاتب الشركات العالمية، وسط المعابد الصينية متعددة الأدوار، وأكشاك بيع الطعام المنتشرة على طول الشوارع، ما يخلق منطقة تعج بالحياة والنشاط في مدينة لا تنام ويولد لدى الزائر إحساس خاص بعراقة ودفء المكان فهي ليست بأناقة سنغافورة ولا ببؤس أحياء في الهند، بل شيء متفرد يأتي بينهما.

إن بناء مدينة «هو شي منه» واسلوب حياتها هما نتاج مصالحة ما بين ميراث الاستعمار الفرنسي، والنفوذين الاميركي والصيني، مع وجود الكثير من نقاط الحداثة والعصرنة من دون فقدان الطابع الفييتنامي، بحيث تبدو المدينة تاريخية وعصرية في الوقت نفسه.

وتجمل الشوارعُ العريضةُ التي تحفها الأشجار وسط المدينة، وحي شولون ومعظم سكانه من الصينيين. وتمتاز المدينة بالمباني الحديثة جداً، التي تتناقض مع المنازل الكثيرة القديمة، ذات الطابعين الصيني والفرنسي خلال فترة الاستعمار.

جولة متنوعة

معبد تاي ننغ

أحد المعالم الأخرى الجميلة التي يمكن للسائح زيارتها خلال النهار معبد تاي ننغ، مركز ديانة «كاو داي» التي يتبعها نحو مليونين من الفييتناميين. و«كاو داي» اختراع يعود لعام 1920 يحمل أفضل ما في الديانة الكاثوليكية، وخليط من الاديان الآسيوية الأخرى، إضافة الى لمسة هوليودية (هذه الطائفة أضفت قداسة على فيكتور هوغو ووينستون تشرشل، وغيرهما). إن زيارة الكاتدرائية الفاخرة هي أهم شيء في الرحلة الى تاي نينغ. وصلاة الظهيرة مفتوحة للزوار، وهي تشبه أحد مشاهد فانتازيا ديزني.


السوق الصينية

ان من شأن أية زيارة الى السوق الصينية «شو لون» ان تستغرق النهار كله لو أراد المرء، فهو كغيره من الاحياء الصينية في سان فرانسيسكو، لندن، نيويورك، بانكوك، فإن «شو لون» يعد أحد اقدم أجزاء «هو شي منه» واكثرها غموضاً. وتعني كلمة شو لون «السوق الكبيرة». وأفضل مكان للزائر لكي يبدأ تحركه منه هو سوق بينغ تاي. ورغم انه يرجح ان يكون الجو ساخنا والسوق مزدحمة، فإنه يفضل للزائر ان يأخذ وقته هنا، فتنوع السلع مدهش، ويعطي الزائر لمحات عن حياة الفييتناميين، كما ان المجال هنا متاح للمساومة، اذ يمكن للمتبضع توفير نسبة ما بين 20٪ الى 40٪ من القيمة الاصلية للمنتج.


دلتا الميكونج

يشمل هذا الإقليم جميع المناطق الواقعة جنوب سلسلة جبال أنامايت والمناطق الساحلية المنخفضة. وقد تكونت هذه الدلتا بواسطة نهر ميكونج الذي ينبع من الصين ماراً بجنوب شرق آسيا إلى أن يصب في بحر الصين الجنوبي. وهذه الدلتا ترتفع بمقدار ثلاثة أمتار فوق سطح البحر، وهو أعلى ارتفاع لها، ويعيش أكثر من نصف سكان البلاد في هذه الدلتا، وهي المنطقة الزراعية الرئيسة، ويطلق عليها البعض لقب «مخزن الارز» نظرا لما يزرع فيها من ارز، كما تزرع فيها أشجار الفواكه الاستوائية. وتضم مصنعا ضخما لتعليب السمك، الذي يجنى من البحار والانهار والمزارع الخاصة.

ويمكن القول إن قصر «اعادة الوحدة» هو المكان المثالي تحديدا للزيارة، وذلك نظراً لاهميته، واحتفاظه بأرشيف يخلد الحرب الفييتنامية. ولو لم يكتف الزائر بهذا، فثمة عدد آخر من المتاحف التي يمكن دخولها برسوم بسيطة. ومن أهم هذه المتاحف «متحف هو شي منه»، و«المتحف الثوري»، و«متحف تاريخ فييتنام».

ولو رغب الزائر في التوقف عن الحديث عن الماضي والعيش في الحاضر، فإن «المنطقة رقم 1» ربما تكون أفضل طريقة لتجربة حياة الاقتصاد النشط والمزدهر، حيث الشوارع النظيفة والواسعة، والمساحات الخضراء والاشجار الباسقة، التي يحلو للزائر المشي تحت ظلالها والتجول بارتياح ومتعة، مع الاستعانة بخريطة للمدينة للضرورة. ويشاهد المرء في المكان أنماطاً مختلفة من الناس يرتدون ملابس «وول ستريت»، وسراويل وأزياء محلية، بينما تسير على مقربة منه نساء يعتمرن قبعات القش، ويبعن مشروبات باردة، وسيرصد الزائر في المنطقة مكتب بريد المدينة الشهير الفرنسي الطراز، وكنيسة نوتردام، وسوق بن ثانغ.

تسلية وترفيه

قد يشعر البعض بالارتياح اذا علموا ان هذه المدينة تعتبر من أفضل الاماكن في فييتنام للتسلية والترفيه، فالحدائق الرئيسة الثلاث «دام سن»، «سوي تيان»، «داي نام» هي مجمعات ثلاث تضم حدائق حيوان، ومسطحات خضراء، وألعاباً مائية وغير مائية تناسب العائلة، وهي بالمناسبة على شكل متاحف، وتقوم مقام ديزني لاند الفييتنامية، بما تسرده من قصص وحكايات تراثية فييتنامية، وتعرضه من ألعاب، فالمرء يلعب ويتمتع، وفي الوقت نفسه يتعلم ثقافة وعادات مختلفة.

واذا كان لدى «هو شي منه» أشياء تكسبها السباق مع هانوي، فهي حياة الليل زاهية الالوان، فالملاهي تبقى مفتوحة حتى وقت متأخر من الليل، وتتنوع في ما تقدمه من صنوف طعام وشراب ومتعة. يضاف الى هذا أن «هو شي منه» تملك كثيراً مما يطلق عليه «بيوت الشاي» التي تستضيف عروضا موسيقية حية لفنانين فييتناميين وأجانب. وما من شك في أن الزائر سيجد الكثير من الاشياء الممتعة التي يقضي فيها ليلته في المدينة.

وربما تغمر المرء الدهشة لرؤية ذلك العدد الكبير من السياح، وتحديداً الأميركيين، وهو يتجهون صوب السفارة الاميركية القديمة، التي حلت مكانها قنصلية أميركية جديدة، ويضعونها على قائمة اولوياتهم في مدينة «هو شي منه». ويتوقفون عند بوابتها الأمامية لالتقاط الصور، وتخيل الطائرة المروحية التي اجلت عدداً قليلاً من المحظوظين من العاملين في السفارة من فوق السطح، بينما كان الآلاف يصارعون الموت ويصرخون في الخارج في أبريل من عام 1975 عشية سقوط (سايجون). وقد تحول المكان الى بقعة سوداء في تاريخ مدينة زاهية.

أعمال فنية

يمكن للسائح مقاومة إغراء رؤية السفارة والتوجه أولاً الى متحف التاريخ، على مقربة من مدخل حديقة الحيوان. فهذا المكان التي تلفه الكآبة بصناديقه الزجاجية، يضم مجموعة كبيرة من الاعمال الفنية، التي تسجل 2000 سنة من تاريخ فييتنام المسجل. ومن شأن اية زيارة قصيرة يقوم بها السائح لهذا المكان، اضفاء نوع من المنظور التاريخي لزيارته الى «هو شي منه». كما يضم المتحف كذلك مسرحا للدمى المائية، الذي يقدم مجموعة من اللوحات الجميلة، مثل رقصة التنين، وصيد الضفادع، وصيد السمك، ورقصة الاسد، وسباق القوارب، واطفال يلعبون في الماء، وغير ذلك. وتعد مشاهدة عرض دمى الماء، أفضل طريقة لاكتشاف التاريخ، والحياة الثقافية التقليدية للفييتناميين. ويضم المكان كذلك مجموعة من الدكاكين المتخصصة في بيع الهدايا بأسعار معقولة.

وينبغي ألا يفوت الزائر القيام بجولة في سوق «بن ثانغ»، حيث سيجد جميع أنواع السلع التي يتخيلها ما عدا السيارات والعقارات، وسيتمكن من التعرف إلى أسلوب حياة الفييتناميين من خلال أنماط استهلاكهم، وتجواله بين أكشاك البيع الصغيرة المتراصة، وتعرفه إلى أكشاك بيع الطعام المحلي، وبيع اللحوم والزهور على الأرصفة المحيطة بالسوق.

مساومة

تعتبر «هو شي منه» مكانا مثاليا للمتسوقين، وهي تزخر بالمشغولات اليدوية الجميلة، ولو كان الزائر من عشاق التسوق، ويملك اساسيات مهارات المساومة، وعيناً حاذقة، فإنه سيستفيد من أمواله لأقصى حد، ويتمتع بالشراء، اذ إن كل منتج غير مذيل بسعر هو قابل للمساومة. وهناك شوارع بعينها في «المنطقة رقم1» جيدة للتسوق مثل «دونغ خاي»، و«لو ثانغ تون»، خلف فندق «ركس». والكثير من المحال في هذه المنطقة تبيع المجوهرات، والسيراميك، والآثار، وقطع الاثاث، والحرير، والعاج. أما مشغولات اللكر الفييتنامية فهي الافضل على مستوى العالم، وأسعارها قابلة للتفاوض. ويوجد في المنطقة عشرات المحال التي تبيع الصواني، وصناديق الهدايا، وإكسسوارات المكاتب، والمزهريات، والجلديات، والمشغولات الأخرى المطلية باللكر. تجدر الاشارة الى أن «طيران الإمارات» قد باشرت أخيراً تسيير رحلات يومية من دون توقف إلى مدينة«هو شي منه»، ورفعت الناقلة بذلك عدد المدن التي تخدمها في الشرق الأقصى إلى 13 مدينة في 10 دول، ما يفتح المزيد من الوجهات السياحية أمام المسافرين من مختلف المحطات، عبر شبكة خطوط «طيران الإمارات» التي تغطي قارات العالم الست.

وبين النائب التنفيذي لرئيس «طيران الإمارات» لمبيعات الركاب العالمية وثيري انتينوري أن فيتنام باتت الآن من خلال رحلات الناقلة اليومية من دون توقف، مرتبطة بسهولة مع مختلف محطات شبكة الناقلة التي تضم 31 مدينة في أوروبا و18 في إفريقيا، و17 في الشرق الأوسط، و11 في أميركا الشمالية والجنوبية، و19 في غرب آسيا والمحيط الهندي. كما يقدم فندق بارك حياة سايجون فئة الخمس نجوم أسعاراً خاصة لركاب الناقلة الاماراتية.

تويتر