مسلسل «04».. حضرت دبي وغاب أهلها

المسلسل يتناول حياة أربعة شباب من جنسيات عربية مختلفة يعيشـون فــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي بيت واحد. أرشيفية

لا شك في أن الإمارات بما تمثله من نموذج فريد لتعايش العديد من الجنسيات في مجتمع واحد متآلف، تمثل موضوعاً مغرياً للكتابة الدرامية وللتناول في أعمال فنية مختلفة، إذ يتيح التنوع الكبير في الجنسيات وفئات المجتمع وما يمكن أن يفرزه وجود كل هؤلاء الأشخاص بثقافاتهم المتعددة، وأفكارهم وأساليب حياتهم المختلفة، أفكاراً غير تقليدية لعمل فني ثري على المستوى الانساني والاجتماعي. في هذا الاطار بدأ بعض صناع الدراما العرب الاتجاه نحو تناول الحياة في الإمارات، ودبي على وجه الخصوص، والاستفادة من ثراء الواقع بها في تقديم أعمال خارج الأفكار المكررة للأعمال الدرامية، ولعل من أبرز الاعمال التي جاءت في هذا الاتجاه مسلسل «مطلوب رجال» الذي عرض منذ ما يرقب من عام ونصف، ووصف بأنه أطول مسلسل عربي في ذاك الوقت، لكنه واجه العديد من الانتقادات لوقوعه في فخ تقليد المسلسلات المكسيكية والتركية، وكذلك عدم قدرته على ملامسة الواقع الفعلي في إمارة دبي التي يفترض أنها مسرح أحداث المسلسل، خصوصاً أن المناظر الداخلية فيه صورت في سورية، ولم تظهر دبي إلا خلفية جامدة في بعض الحلقات.

وحالياً هناك عمل آخر يتناول الحياة في دبي أيضا، ويعرض الجزء الثاني منه حاليا على قناة «إم بي سي 4»، هو مسلسل «04»، الذي يحمل من عنوانه دلالة واضحة على دبي، فهو مفتاح الاتصال الهاتفي للإمارة، وتتناول أحداث المسلسل حياة أربعة شباب ينتمون لجنسيات عربية مختلفة، يقطنون في مدينة دبي، في فيلا واحدة، تجمعهم أحلامهم في الحصول على نمط حياة أفضل، وما يمرون به من قصص الحب والطموح والسعي لتحقيق أحلامهم، وإثبات ذواتهم. وتمت كتابة المسلسل الذي أخرجه الكويتي خالد مرعي ضمن ورشة كتابة مكونة من أربعة كتاب من جنسيات مختلفة، وبإشراف الكاتب محمود دسوقي الذي قام بزيارة دبي أكثر من مرة حتى يتعرف إلى تفاصيل الحياة فيها، مشيراً إلى ان الدراما في كل مكان واحدة والثيمات الرئيسة لا تتغير، لكن التفاصيل هي التي تتغير من مكان لآخر، كما تم التصوير بالكامل في دبي.

استطاع مسلسل «04» ان يصل إلى الشباب، بحسب ما ذكره عدد من متابعيه من بينهم محمد عادل (طالب جامعي)، الذي عزا نجاح العمل إلى ايقاعه الشبابي، وتصويره المتطور من الناحية التقنية. بينما وجد سالم حسين (موظف)، أن العمل اكتسب جزءاً من واقعيته بتطرقه للمشكلات التي يواجهها الموظف في عمله، وأنه خرج عن السياق المعتاد للأعمال الدرامية الذي يركز فقط على عالم رجال الأعمال وما فيه من صفقات ضخمة وتحالفات وأمور تخص هذه الفئة بعينها، ويشعر المشاهد العادي، خصوصاً الشباب، بأنها بعيدة عن عالمهم ومشكلاتهم التي يواجهونها في واقعهم العملي. لكن مع نجاحه في الوصول إلى الشباب هل نجح «04» في ان يقدم صورة واقعية عن الحياة فيها؟ الواقع يشير إلى ان المسلسل نجح في عرض جوانب من حياة شباب يقيمون في دبي او في الإمارات، لكنه في الوقت نفسه لم ينجح في التعبير عن المجتمع نفسه، خصوصاً ان العنصر الإماراتي والمحلي لم يكن حاضراً في العمل بصورة واضحة أو كافية كما يوحي العنوان «04»، فلم نجد شخصية إماراتية موازية لأبطال العمل الاربعة، وهم أردني ومصري وكويتي ولبناني، ولم يتطرق المسلسل إلى حياة واحدة من الأسر الإماراتية المقيمة في الإمارة، وهي المكون الأساسي في نسيج المجتمع، ولبنته الأولى، ومن الطبيعي ان يكون لها دور في أي عمل فني يطرح في دبي أو غيرها من إمارات الدولة كمجتمع بديل يحتضن طموحات الشباب من مختلف جنسيات العالم، ومن غير المعقول أن تعبر دراما ما عن بلد أو مكان دون ان تتطرق إلى أهل البلد وحياتهم. وهو ما أشارت إليه خولة علي (مدرّسة)، موضحة ان القصص التي يتعرض لها العمل يمكن ان تقع في أي مجتمع، ولكي يتحقق ارتباطها بالإمارات لابد أن يكون هناك عنصر إماراتي مؤثر في الأحداث حتى يكون الربط بين المكان والحدث منطقياً. بينما اعتبرت ريم الزعابي (طالبة)، أن المسلسل وما يتناوله من قصص وعلاقات غرامية بين أبطاله، وجرأة بعض مشاهده لا تتناسب مع طبيعة الأسرة الإماراتية، مشيرة إلى ان هذه الجرأة باتت تظهر في عدد غير قليل من المسلسلات الخليجية التي كانت تتصف في السابق باحترامها للعادات والتقاليد. ووجد حسين الظاهري (موظف)، ان دبي ظهرت في إشارات في الحوار بين شخصيات العمل في بعض المواقف، وتركز الحديث عن طبيعتها الشبابية وأنها اصبحت لهؤلاء الأشخاص وطناً ثانياً لا يودون مفارقته، كما ظهرت بعض الاماكن في دبي خلفية للأحداث، ولكن يظل العمل بعيداً عما يلمس مجتمع دبي، فلماذا لم يتطرق أيضاً لما يعانيه شاب إماراتي من مشكلات في العمل او في الحياة، وما يمر به من مواقف مثل بقية الشباب الاربعة، كأن الإماراتيين ليست لديهم مشكلات، وهو ما يجعل العمل غير متوازن دراميا.

من جانب آخر، ذكر صناع العمل ان ما يميز مسلسل «04» هو حرصه على المزج بين الدراما والجانب التفاعلي مع جمهوره، حيث يمكن للمشاهدين متابعة حياة أبطال العمل والتأثير فيها عبر مواقع التواصل الاجتماعي على غرار «فيس بوك» و«تويتر»، لكن المتتبع لصفحة المسلسل على «فيس بوك» يجد ان هذا التواصل لا يتجاوز نطاق الدردشة بين القائم على الصفحة وبين المتابعين لها، وتوجيه أسئلة لهم عن رأيهم في تصرفات الأبطال، دون ان يكون لهذه النقاشات تأثير في سير الأحداث في العمل.

تويتر