«جزيرة الشيطان».. جنة السياح ومآساة المعتقلين

صورة

تعد جزيرة كون داو الفيتنامية من المقاصد السياحية الرائعة بفضل طبيعتها الخلابة وأجوائها الساحرة، لكن هناك بعض الزوار جاءوا إلى هذا المكان البديع رغماً عن إرادتهم؛ مثل الرحالة الإيطالي الشهير ماركو بولو الذي لجأ إلى هذه الجزيرة عام 1284 هرباً من عاصفة عاتية. وظلت هذه البقعة الساحرة في المحيط، والتي كان يُطلق عليها اسم «جزيرة الشيطان»، معتقلاً لآلاف السجناء حتى عقد السبعينات من القرن الماضي. أما السياح الذين يذهبون الآن بمحض إرادتهم إلى هذه الجزيرة فسيجدون في انتظارهم جنة للمتعة والاسترخاء، لكن يقف وراءها تاريخ مظلم من العنف والقسـوة.

مقبرة الأبطال

شهدت جزيرة كون داو دفن جثمان البطلة الفيتنامية «فو تي ساو»، التي ألقي القبض عليها عام ،1949 عقب القيام بحركة مسلحة ضد الاستعمار الفرنسي، وهي لم تتجاوز 16 ربيعاً، وبالتالي فإنها تعد أول امرأة فيتنامية يُحكم عليها بالإعدام.

وترقد هذه البطلة الفيتنامية في مثواها الأخير بمقبرة «هانغ دونغ»، ذات المناظر الخلابة، وينبهر السياح بروعة قبرها المثير للإعجاب والمُشيد بالرخام، والذي يعد من الأماكن التي يتوافد إليها الفيتناميون بكثرة، والذين يعتقدون أنهم يكونون على مقربة أكثر من بطلتهم أثناء الليل، لذلك فإنهم يحملون أجزاء الدجاج المقلي والزهور البيضاء وأعواد البخور والشامبو إلى قبر البطلة «فو تي ساو».

لكن هناك ما يعكر صفو هذا الجمال الساحر؛ لأن مقبرة «هانغ دونغ» تضم رفات الكثير من الأشخاص الذين تم إنهاء حياتهم بقسوة وعنف.

وقد تعاقب الفرنسيون والفيتناميون الجنوبيون والأميركان على إدارة السجن الذي يقع في الفيلا الخاصة بالحاكم الفرنسي السابق.

وتحتوي هذه الفيلا حالياً على معرض صغير يستعيد ذكريات هذه الأوقات العصيبة، التي جعلت هذه الجزيرة تحمل اسم «جزيرة الشيطان»؛ لأن هذا المكان شهد مصرع نحو 20 ألف شخص، وقد ذاع صيت وشهرة أقفاص النمور، التي كان يتم فيها احتجاز الأشخاص مثل الحيوانات المفترسة، في جميع أنحاء العالم.

حيوانات خجولة

هذا جانب واحد من جزيرة كون داو، التي تقع على بُعد نحو ساعة بالطائرة من مدينة «هو تشي منه» في بحر الصين الجنوبي، لكن هناك جانب آخر أكثر إشراقاً وجمالاً لهذه الجزيرة الفيتنامية، ففي مياهها الصافية يسبح خروف البحر، المعروف أيضاً باسم بقرة البحر، ويلف الغموض هذه الكائنات البحرية التي لا يشاهدها المرء إلا في حدائق الأكواريوم، وتتميز هذه الحيوانات بالخجل الشديد، لذلك فإنها تتوارى عن الأنظار في بيئتها الطبيعية، وإذا كان هناك متسع من الوقت أمام السائح وإذا كان يتحلى بالصبر، فيمكنه زيارة خليج الفيل، الذي شهد أخيراً افتتاح فندق في غاية الفخامة والترف. ومَن يرغب في التعرف إلى أصالة وعراقة فيتنام بعيداً على الإزدحام في المدن الكبيرة والشهيرة، فسيقابل في جزيرة كون داو أشخاصاً في غاية الود واللطف، والذين يتبادلون الضحكات مع السياح من جميع أنحاء العالم، كما يمكن للسياح أيضاً القيام بجولة حول السوق، حيث تنتشر هناك بعض المتاجر القليلة وعدد محدود من المباني التجارية والسكنية، وبعض الشوارع والطرقات البسيطة. ويوجد في الخليج الرئيس ممر متواضع تتأرجح حوله بعض مراكب الصيد البسيطة، وبالإضافة إلى ذلك فإن طريقة المشي المتمهلة هنا تعبر عن إيقاع الحياة بهذه الجزيرة الخلابة؛ فلا داعي لأن تتعجل مغادرتها، ويخيم الصمت والهدوء على هذه الجنة السياحية الصغيرة؛ حيث لا يضم أرخبيل «كون داو» سوى 16 جزيرة فقط، وبالتالي فإن هذه المساحة المحدودة من اليابسة تنال قدر أقل من الاهتمام ويقصدها عدد محدود من السياح حتى الآن.

جنة تنتظر الزوّار

الخطط الحكومية، التي لا يعرفها أحد، تهدف إلى تحويل جزيرة كون داو إلى جنة سياحية، وبطبيعة الحال فإن الجنة الطبيعية موجودة بالفعل على هذه الجزيرة؛ إلا أنه ينقصها قدوم أعداد كبيرة من السياح.

وينتظر الجميع افتتاح المطار الجديد خلال عام ،2012 لتتحول «جزيرة الشيطان» السابقة إلى جنة سياحية عالمية، ويتميز المطار القديم بأنه مريح وبسيط إلى حد كبير؛ إذ لا يشتمل على ممرات طويلة، وبالتالي لا يضل الركاب طريقهم ولا تفوتهم الطائرات التي يمكن الوصول إليها سيراً على الأقدام، كما أن هذا المطار لا يستقبل سوى خمس طائرات يومياً.

تويتر