حصدوا جوائز على «الخشبة» لم تثمر فرصاً حقيقـــــــية على الشاشة

شباب المسرح «خــارج» الدراما التلفزيونية

صورة

تألق فنانون شباب وحصدوا جوائز مهمة في المسرح الإماراتي في الأعوام القليلة الماضية بشكل لافت، خلال مشاركاتهم في المهرجانات المسرحية المختلفة، ومن بينها مهرجان دبي لمسرح الشباب عبر دوراته الخمس، وأيام الشارقة المسرحية.

وفي الوقت الذي توقع كثيرون أن الدراما التلفزيونية ستكون القطاع الأبرز المستفيد من تفجر طاقات هؤلاء الشباب، لم تخرج فرصهم عن دائرة الأدوار الثانوية، بل إن معظمهم لم يجد له نصيبا في الدراما التلفزيونية.

ممثلون شباب يؤكدون وجود صراع في «كواليس التعاقدات» على الأدوار الرئيسة في المسلسلات، ويشيرون إلى أن مستقبل الدراما الإماراتية يغدو في خطر، إذا بقي احتكار الأدوار الرئيسة مرهونا بيد بعض الممثلين، من دون الاستفادة من الطاقات الجديدة.

أصحاب التجارب التلفزيونية الأكثر غزارة والقريبون من تجارب الشباب، سواء من حيث الكتابة، مثل الفنان جمال سالم، أو في ما يتعلق بالإنتاج والتمثيل، مثل الفنان أحمد الجسمي، أو حتى إدارة الإنتاج الدرامي، مثل عبدالله العجلة الذي يدير شؤون الإنتاج الدرامي في مؤسسة دبي للإعلام، يؤكدون وجود فجوة تؤشر إلى أن التألق على المسرح قد يغدو «تركة ثقيلة» أمام الكاميرا، في حال غياب وعي الممثل باختلاف التقاليد والمتطلبات المختلفة للمسرح والتلفزيون، في حين يؤكد شباب أنهم قادرون على استيعاب خصوصية المشهد التلفزيوني، في حال توافرت لهم فرص مهمة للتعبير عن قدراتهم.

الممثلون الشباب من جهتم، طالبوا أصحاب شركات الإنتاج المحلية بالالتفات إلى قدراتهم، مؤكدين أن الوقوف على خشبات المسارح المحلية ومواجهة الجمهور هما السبيل الأمثل لإعداد ممثل تلفزيوني جيد، مشيرين أيضاً إلى أن إحجام معظم المنتجين المنفذين عن حضور المهرجانات المسرحية، خصوصاً المرتبط منها بإبداعات الشباب، يؤكد أن «أصحاب شركات الإنتاج لديهم خيارات جاهزة، تعتمد على الأسماء اللامعة والمكررة، بعيداً عن المراهنة على ضخ دماء جديدة في أعمالهم»، وفق فنانين شباب.

جوائز

«أوراق رابحة»

يطالب ممثلون إماراتيون شباب قطاعات الإنتاج الدرامي في التلفزيونات المحلية بدعوة شركات الإنتاج المنفذة للمسلسلات التي يتعاقدون لبثها، إلى إتاحة الفرصة للممثلين الشباب، بعيداً عن التعلل بالمقولة الثابتة التي تشكك في قدرات الممثل المسرحي، حينما يقف أمام كاميرا تلفزيونية.

ويقول ممثلون، فضلوا عدم الإشارة إلى أسمائهم، إن «هناك صراعاً علنياً يدور في كواليس التعاقدات على الأدوار في المسلسلات الجديدة، ليست بعيدة عن صراع الأجيال في الدراما الإماراتية»، مؤكدين أنه «في حال استمرت سيطرة جيل بعينه على الأدوار الرئيسة في الأعمال الجديدة، فإن مستقبل الدراما الإماراتية سيغدو في خطر حقيقي»، لافتين إلى أنهم يعون أن صناعة نجم تلفزيوني مهمة قد تستغرق عقوداً وليس فقط سنوات. وتساءل ممثلون حصدوا جوائز مهمة في مهرجانات محلية وخليجية، وشاركوا أيضاً في مهرجانات عربية، «إذا لم نثبت من خلال الفرص المحدودة التي توافرت لنا على المسرح أننا (أوراق رابحة)، فما الآلية التي يمكن من خلالها البرهنة على ذلك، في ظل تضاؤل فرص الدراما التلفزيونية أمامنا، واحتجابها عن معظمنا».

على الرغم من حصوله على جائزة أفضل ممثل في مهرجان المسرح الخليجي، ما يضعه نظرياً في مقدمة الممثلين الأكثر طلباً، في ظل التداخل بين أسرتي الدراما المسرحية والتلفزيونية في التجربة الخليجية عموماً، فإن الفنان الإماراتي حميد فارس ظل حبيس ندرة الأعمال التي يرشح لها، إضافة إلى عدم تطور تلك الأدوار، قياساً بالتطور المتوقع كإحدى ثمار تلك الجائزة.

ما ينطبق على فارس يساق أيضاً على الفنان إبراهيم أستادي، الذي يؤكد أن عمله مذيعا في إذاعة «نور دبي»، ثم انتقاله إلى «دبي إف إم»، لعب دوراً رئيساً في انشغاله عن التمثيل، سواء للمسرح، أو الدراما التلفزيونية، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أحقية وجدارة أبناء جيله من الممثلين الشباب في الإبداع تلفزيونيا، كما أبدعوا مسرحياً، مضيفاً أن «المسرح الذي هو أبوالفنون، بحاجة بالفعل إلى أدوار مختلفة عما تحتاج إليه الدراما التلفزيونية، لكن من المؤكد أن الذين أبدعوا في ظل غياب كثير من العوامل المساعدة على المسرح، يستطيعون أن يقدموا إبداعا موازياً، في ظل إمكانات أكبر للدراما التلفزيونية».

الفنان حسن يوسف، كذلك وعلى الرغم من حصوله على جائزة أفضل ممثل في مهرجان دبي للشباب في دورتين، وحصوله على جائزة أفضل مخرج، في أول عمل إخراجي يقدمه، إلا أنه ظل ضمن معادلة فنية غير مفهومة، إذ لم تتح له فرص حقيقية للتعبير عن طاقاته التمثيلية، فيوسف الذي يبذل جهداً استثنائياً من أجل التوفيق بين موهبته التمثيلية وعمله الرسمي، لم يعرف حتى الآن طريق النجومية التلفزيونية، ويمر عليه كثير من المواسم دون أن يصادف عروضاً جدية، رغم أنه بشهادة منتجين كثر، يمتلك موهبة فنية استثنائية.

يوسف الذي شارك في أعمال مسرحية عدة هذا العام، يؤكد أنه في هذه المرحلة المهمة من مشواره الفني، لايزال بحاجة إلى أدوار تعرفه بشكل أكبر بجمهور الدراما التلفزيونية، مضيفاً ان «الفنانين الشباب لا يرفضون عروضاً لتصوير أعمال تلفزيونية، فجميعنا في حالة تعطش للدراما التلفزيونية، التي تفتح من دون شك، آفاقاً أوسع للممثلين امام جمهور المشاهدين، قياساً بالأعمال المسرحية التي تبقى مرهونة بمكان وزمان معينين وجمهور خاص».

مواهب

الحديث عن مدى توافر فرص حقيقية للفنانين الشباب في الدراما التلفزيونية، يؤكده البعض بأنها جدية ومتوافرة، مشيرين إلى الشهرة الواسعة التي حققها الممثل مروان عبدالله، لكن يتجاهل هؤلاء أن فرص الفنان «استثنائية»، ولا تقاس عليها فرص الشباب، إذ إن مروان عبدالله ارتبط بالمسرح منذ نشأته مدعوماً بارتباط والده الفنان عبدالله صالح به، إضافة إلى ذيوع صيته كونه مقدم برامج تلفزيونية من خلال برنامج «سوالفنا حلوة»، الذي يشارك في تقديمه على شاشة دبي الفضائية، ما يجعل الفرص التي أتيحت أمام عبدالله استثنائية، لاسيما أنه ظل لسنوات طويلة يسند إليه دور الابن إلى جانب فنانين محترفين يقومون بأدوار رئيسة في المسلسلات، وأبرزهم جابر نغموش ورزيقة طارش وسميرة أحمد وفاطمة الحوسني وأحمد الأنصاري وحبيب غلوم، وغيرهم.

ورغم إقرار مروان عبدالله نفسه بأنه توافرت لديه فرص أكبر بكثير من تلك التي توافرت لأقرانه من أبناء جيله، إلا أنه يؤكد «لاأزال أمتلك الكثير من الطاقات الفنية التي لم يتم استثمارها بعد، فمعظم أدواري تكاد تكون بمثابة حلول فنية، إذ يدور معظمها في سياق دور الابن لشخصية محورية، والعمل مع هؤلاء الفنانين المعروفين مكسب أدبي وفني، لكنني تواق لأدوار تثير طاقات الممثل لديّ».

ويضيف عبدالله «هناك حاجة ماسة لأن يتم التعامل مع طاقات ومواهب الشباب بشكل يعي التحديات المستقبلية للدراما الإماراتية، وعلى نحو مغاير من قبل شركات الإنتاج المحلية». ويقول «هناك كثير من الشباب الذين يتألقون تمثيلياً وإخراجياً وفنياً، خلال مهرجان دبي لمسرح الشباب، ويتلقون بالفعل إشادة رسمية من لجان التحكيم المتعاقبة على مختلف دورات المهرجان، لكن للأسف في معظم الأحيان تظل هذه الطاقات معطلة، ومرهونة بدورة جديدة سنوية للمهرجان نفسه».

الفنان طلال محمود الذي بدأ مشواره ممثلاً عبر أدوار قصيرة، أسلمته إلى تجارب كتابة نصوص مسرحية ودرامية أخرى، يؤكد أن «الفنانين الإماراتيين الشباب لا حاضن لهم، من أجل إثبات وجودهم في الدراما التلفزيونية، رغم أن نجاح بعضهم في النهاية ينُسب لآباء كثيرين، معظمهم غير شرعيين، من الناحية الفنية».

تويتر