جولة إثارة وتشويق ورعب في «أيام الشارقة التراثية»

«بيت الريعان» يستحضر خرافات إماراتية

صورة

لم يعد بيت الرعب مصدر تخويف أو اختباراً لمدى صلابة القلوب وشجاعة الشبان وقدرة النساء على تحمل الخوف، بل تجاوز ذلك بكثير، إذ أصبح بيت الرعب مصدراً تعريفياً بالأدب الشعبي، وزاوية جديدة تسلط على المعتقدات المندرجة تحت باب الحكايات الخرافية المعروفة في الإمارات بـ«الخراريف».

وبات بإمكان زوار مهرجان أيام الشارقة التراثية، والمقامة فعالياته في منطقة الشارقة القديمة «قلب الشارقة»، التمتع بجولة ترفيهية لا تخلو من الإثارة والمتعة والتشويق الممزوج بالخوف، في ركن «سكة الريعان»، أو ما يعرف باسم «بيت الرعب». تلك الجولة تبدأ من بوابة خشبية تحيط بها مجسمات لشخصيات خرافية من قديم الزمان، ولاتزال ترددها حكايات الأجداد وكبار السن، وكذلك بعض الكتب التي نقلت التراث الشفاهي ودونته.

«سويدا خصف»

لم ينس القائمون على «سكة الريعان» الشخصية المثيرة للخوف سسسويدا خصف» فهي كائن خرافي فريد يحرس مخازن التمر ولا يهاجم إلا من يتعدى الحدود، وفق الحكاية. هذه الشخصية يتكون اسمها من شقين «سويدا» و«خصف»، أما «سويدا» فهي تصغير لسوداء وترمز إلى سواد التمر المحفوظ، وخصف هو سعف النخل إذا شغل، والاسم وصفي لكينونتها، فهي تمرة سوداء محفوظة في خصف.

وتمتاز شخصية «سويدا خصف» بأنها ليست حرة طليقة، كبقية الكائنات الخرافية، إنما هي مقيدة في المكان الذي توجد فيه أو تنقل إليه. وأهم مكان توجد فيه هو مخازن التمور ومحال بيعها، وبعض البيوت التي كانت في الماضي تحفظ فيها كميات كبيرة من التمر، لذلك ينادى على «سويدا خصف» لمن يحاول دخول مخازن التمر لسرقتها، كما تقول الحكاية الشعبية.

«سكة الريعان» عبارة عن رحلة في متاهات الماضي بين سكك رملية تعود إلى منازل قديمة شبيهة بتلك التي عايشها الأجداد، تلك الرحلة تمنح مرتاد «الريعان» فرصة التعرف إلى الموروث الشعبي، وتحديداً المرتبط بالأدب الشعبي الإماراتي، من خلال استبدال الشخصيات التي باتت معروفة في بيوت الرعب من جماجم وهياكل عظمية ومصاصي الدماء، بشخوص خرافية كانت تردد حكاياتها المخيفة على مسامع الأطفال في الماضي لتخويفهم من أمور محظورة، منها شخصيات «أم الدويس» و«خطاف رفاي» و«سويدا خصف» و«أبوالسلاسل».

فكرة «سكة الريعان» ليست جديدة، بالنسبة لصاحبها الممثل الإماراتي عبدالله بن لندن، ولكن الجديد فيها هو ذلك التجدد في الشخصيات والتركيز عليها من ناحية التجسيد والأداء، إضافة إلى تغيير الديكورات والمجسمات المكونة للدهاليز والمتاهات بين السكك، والاهتمام بعنصري التشويق والاثارة، من خلال الاستعانة بالمؤثرات الصوتية والإضاءات.

إثارة وتشويق

أكد بن لندن أن «رحلة (سكة الريعان) باتت معروفة ولديها شعبية كبيرة لدى زوار أيام الشارقة التراثية، كونها تركز على عنصري الترفيه والإثارة، ولكن مشاركتها في الأيام التراثية جاءت بعنصر آخر وهو إحياء الموروث التراثي القديم المرتبط بالخراريف التي لايزال البعض يجزم حقيقتها، ويستخدمها سلاحاً لتخويف أبنائهم عن بعض الأمور»، لافتاً إلى أن «الإثارة في (سكة الريعان) تكمن في التلاعب البصري والمزج بين الشخصيات المتحركة والثابتة، التي توهم مجموعة المغامرين المتحمسين للرحلة، بأن تلك المجسمات غير حقيقية، الأمر الذي يدفعهم للاقتراب منها، ولكن بوساطة المؤثرات الصوتية والإضاءة المستخدمة مع الأداء الحركي المفاجئ للشخصيات، يحصل نوع من الإثارة والحماس لدى المجموعة التي تحاول الهرب وإيجاد طريق النجاة عبر المتاهات والدهاليز المظلمة نوعاً ما».

وقال إن «ما يصعب مسألة إيجاد الطريق الصحيح وبوابة الخروج من اللعبة، تلك الممرات والسكيك الضيقة والمغطاة بالرمال الصحراوية، إضافة إلى الستائر السوداء والمجسمات المصنوعة من مادة الفلين، التي تحمل جدرانها دمى مرعبة وأضواء حمراء صغيره تسهم في توليد الإحساس بالخوف والترقب».

خوف

أوضح بن لندن أن «تجهيز الديكورات والشخصيات تم خلال ثلاثة أسابيع من العمل المتواصل، لتظهر بالصورة المناسبة، لاسيما أن الشخصيات يجب أن تكون مطابقة للصورة التي رسمت في العقول وتناقلتها حكايات وخراريف الأجداد، فالكل يسمع بـ(أم الدويس)، ولكن لا يعرف أحد شكلها الحقيقي، لذلك كان لابد من تجسيد كل شخصية خرافية بحسب ما هو متعارف عليها»، مشيراً إلى أن «نجاح (سكة الريعان) يكمن في التشويق والإثارة، فكثير ممن جربوا اللعبة لم يتمكنوا من إيجاد بوابة الخروج بسهولة، ليس لأن المتاهات كثيره فحسب، بل لأن الحماس والخوف يطغيان على إحساس كثيرين، فيطلبون إيقاف اللعبة وإعلان هزيمتهم، ويعودون عند بوابة البداية من جديد».

كائنات خرافية

تطرق العضو الثاني في فريق «سكة الريعان» الممثل محمد عبدالرزاق، إلى الشخصيات الخرافية في التراث الإماراتي، والمستخدمة في اللعبة، والذين تجمعهم صفة واحدة كونهم رمزاً للتخويف كان يستخدم في الماضي، قائلاً إن «الشخصيات المستخدمة هي الشخصيات الخرافية القديمة نفسها، بما تحمله من تفاصيل دقيقة وأوصاف من ناحيـة هيئة كل شخصية والحكاية المرتبطة بها، فمثلاً (أم الدويس) هي خرافة تحكي قصة امرأه من جن يشاع أنها ذات جمال فاتن ورائحة زكية، تلك المرأة الشابة تلاحق رجالاً في الليل وتجعلهم يفتتنون بجمالها، وما أن يفتتوا بها ويلاحقوها، حتى تقتلهم وتأكلهم».

ولفت إلى أن شخصية «(أبوالسلاسل) تعود لرجل طويل القامة متوحش على هيئة إنسان، وهو مقيد بالسلاسل ويجر ثقلاً حديدياً خلفه، ويمكنه الظهور في أي وقت، وتحديداً في الليل ويستخدم اسم (أبوالسلاسل) كثيراً لإخافة الأطفال الذين يرفضون النوم مبكرا».

ويختلف الحال بالنسبة لشخصية «بودرياه» فهو كائن خرافي يعيش في البحر، ويقال إنه كان يظهر على شكل إنسان مخيف يسمعون صياحه في البحر وكأنه غريق، فإذا أنقذوه سرق طعامهم وأتلف سفنهم، وفق الحكاية الخرافية.

ويعرف «خطاف رفاي»، بأنه مخلوق خرافي مرعب، يمتاز بضخامته وبياضه الشديد، فهو شبيه بالشراع، وقد يظهر على هيئة سفينة بشراع كبير، وملامحه غير واضحة بسبب ضخامته وبياضه، غالباً ما يظهر في عرض البحر وتحديداً في البحار العميقة. وقد تعددت الروايات التي ذكرت «خطاف رفاي» ولكن الحكاية تؤكد على شدة فتكه بضحاياه، وأن الناجين منه قلة.

تويتر