معرض ثنائي للإماراتي بن لاحج والأردنية أبوديل في «مــطر» دبي

«شعر ومَثَل».. احتفـاءً باللغة العربية

اللوحات غلب عليها خط الثلث وتضمنت 27 مثلاً. تصوير: أشوك فيرما

احتفى المعرض الثنائي للفنان الإماراتي مطر بن لاحج والأردنية نسرين أبوديل، الذي انطلق أخيراً في مرسم «مطر» بدبي، باللغة العربية، في توليفة فريدة جمعت الأمثال والأشعار في لوحات تشكيلية مميزة، قدمت تحت عنوان «شعر ومثل».

وسلط بن لاحج الضوء، في لوحاته التشكيلية، على الأمثال الشعبية، التي اختارها أخيراً، لتكون خطاً مبتكراً لمجموعة أعماله الفنية التي تتوزع ما بين الرسم والنحت والتصوير والابتكار الذي ترجمته اللوحات.

ترجمت لوحات بن لاحج الابتكار في الأمثال الشعبية، عن طريق تقديمها منحوته بخط الثلث، في إطار لوحات الـ«ستيل»، والاكتفاء بحرفٍ واحد يمثلها على السطح المفروش برمل الرخام، إلى جانب القماش، باستثناء لوحة حملت سورة الإخلاص، عمود أخذ شكل المسلة، بارتفاع ثلاثة أمتار وعرض 25 سم، حمل الأمثال ذاتها التي حملتها اللوحات، فضلاً عن مجسم أفقي تغنى بامتداد الحرف وسرعة الأحصنة، بعنوان «أمواج وسرعة» بطول 140 سم وعرض 100 وارتفاع 70 سم.

حرص بن لاحج في عملية اختياره الأمثال، التي زادت على 27 مثلاً، التركيز على أمثال محلية تتشابه وأمثال عربية في الأصل أو المعنى، بهدف وصولها إلى أكبر شريحة ممكنة من الجمهور، لاسيما الشباب منهم، لتوطيد علاقتهم بها.

مطر بن لاحج.

تبادل فني

أكد الفنان الإماراتي مطر بن لاحج لـ«الإمارات اليوم»، أن معرض «شعر ومثل»، الذي جمعه والفنانة الأردنية نسرين أبوديل، «نتاج طبيعي للتعاون والتبادل الفني الذي أحرص على القيام به مع مختلف الفنانين العرب والمحليين على حد سواء، فضلاً عن وجود حلقة وصل تجمع ما بين «مثل مارت» لبن لاحج، و«نقش»لأبوديل، تقوم على الاحتفاء باللغة، والتغني بجماليات حروفها التي نجدها حاضرة في مختلف الأعمال الفنية».

نسرين أبوديل.

يؤمن بن لاحج بأهمية الأمثال التي تعد معايير أخلاقية تشكل بدورها ضابطاً سلوكياً، ومنهجاً أخلاقياً، لابد من تناقله سلفاً عن خلف، لتظل محفورة في ذاكرة الشعوب التي صنعتها نتاجاً طبيعياً لظروفها التي تجسد همومها وعاداتها وقيمها وشجونها وشتى تفاصيلها، الأمر الذي يترجم إطلاقه أخيراً مشروع «مثل مارت».

«مثل مارت»

يحمل «مثل مارت» على عاتقه ابتكار أشكال فنية تقوم على الاحتفاء بالأمثال، وتشكل على حد قوله «باعثاً جديداً للاهتمام بها، والعمل على إحيائها وتناقلها، بهدف توارثها عبر الأجيال جيلاً بعد جيل».

ويؤكد «مثل مارت» احتفاء بن لاحج باللغة العربية، التي يسعى للحفاظ عليها من التهميش والإهمال الذي تواجه به، الأمر الذي تؤكده منحوتته التي حازت أخيراً الجائزة الثانية في المعرض السنوي للعام الـ30 لجمعية الإمارات للفنون التشكيلية، تحت عنوان «لغة تنعى نفسها»، شكلت نصباً اعتبره بن لاحج «رسالة أسعى من خلالها إلى إنقاذ اللغة العربية من براثن التهميش والإهمال والهجران الذي تعانيه».

يتكون النصب الذي يعرض حالياً في متحف الشارقة للفنون، من ثلاث كتل معدنية، تحمل الكتلة الوسطى «جثمان اللغة العربية بعدما أصيبت في مقتل أدى إلى تمزيقها، إثر اختراق رمح الثقافات الدخيلة الذي نجم عنه سيلان دماء اللغة، الأمر الذي جسدته بحرفي الألف والهاء، من كلمة «آه»، المعبرة عن شدة الألم، متناثرة على سطح قاعدة المنحوتة بمساحة 230 بـ230 سم».

شعر

في الجانب الآخر من «شعر ومثل» الذي يستمر حتى الأول من الشهر المقبل، سلطت الأردنية أبوديل الضوء على الشعر، الذي لا يقل، وإن زاد أهميةً على الأمثال، إذ يمثل الموقع المركزي في الحضارات الإنسانية، ويلعب دوراً كبيراً في ارتقاء الشعوب والنهوض بها، كما يعتبر وسيلة حية ومؤثرة لسرد الأحداث التاريخية المهمة وحفظها في ذاكرة التاريخ، هذا إلى جانب الوقائع الحياتية التي تجعلها أكثر جمالاً وتعبيراً.

ركزت أبوديل، الآتية من عالم التصميم الفني، في لوحاتها الـ30 على قصائد مشهورة، لأبرز شعراء المهجر، كـ«البعض نحبهم» لجبران خليل جبران، وإيليا أبوماضي، إلى جانب الشاعر السوداني الهادي آدم، فضلاً عن آية الإخلاص، استعرضتها جميعاً بتقنيات متنوعة. اختلفت التقنيات أو الآليات التي استخدمتها أبوديل في لوحاتها، لتتلاءم مع تكرار القصائد التي خطتها بالخط الحديث، فتجدها توزعت ما بين «الريزن»، والأكريليك، والخشب وخامات مختلفة. وكذلك الحال بالنسبة لأسمائها التي تنوعت لتناسب ذلك التكرار. تغنت القصائد التي استخدمتها أبوديل في لوحاتها، بالإنسان والتفاؤل بالحياة، هذا إلى جانب الحب، الأمر الذي ظهر جلياً في قصيدتي «البعض نحبهم» لجبران، و«أغداً ألقاك» للهادي.

تويتر