مصوّر تعرّض للاعتداء.. وجمعية الصحافيين ترفض «سياسة الاعتذار»

شركات الأمن: نتبع تعليمات المطرب

التعامل بقسوة مع المصورين الصحافيين تحول إلى ظاهرة. من المصدر

على الرغم من تواتر رسائل الاعتذار، من قبل شركات أمن، بشأن تعديات تصفها دائماً بأنها «حوادث فردية»، إلا أن ظاهرة الاعتداء على العاملين في قطاع الإعلام، خصوصاً أثناء الحفلات الفنية، لاتزال تتواتر أيضأً، إذ تعرض في حفل أقيم نهاية الأسبوع في أبوظبي مصور صحافي بمجلة «أرى»، الصادرة عن مؤسسة دبي للإعلام، لاعتداء جسدي ولفظي من قبل أحد أفراد شركة الأمن، التي جاء في رسالة اعتذارها أنها «تتبع تعليمات العميل»، والمقصود هنا المطرب أو الفنان صاحب الحفل.

جمعية الصحافيين من جانبها، وفي تصريح لـ«الإمارات اليوم»، على لسان أمين السر العام منى بوسمرة، طالبت الصحافيين والمصورين الصحافيين بعدم التجاوب مع رسائل الاعتذار التي ثبت أنها لا تحول دون تكرار الظاهرة، مضيفة «جمعية الصحافيين تضع ضمن أولوياتها سلامة وحرية الصحافي أثناء تأدية عمله، وبناء عليه يجب على الصحافي الذي يتعرض لاعتداء ما، أثناء تأدية عمله أن يتواصل مع الجمعية، من اجل الإعداد لملاحقة قانونية، أضحت السبيل الوحيد للحد من الظاهرة».

ثالوث الخشونة

يذهب الكثير من المصورين الصحافيين إلى أن ثلاثي الأصوات الناعمة: هيفاء وهبي ونانسي عجرم وإليسا، هن الأكثر خشونة بالنسبة لتعامل حراسهن الشخصيين مع المصورين الصحافيين، وهي شهادة تتفق مع ما تعرض له الزميل المصور مصطفى قاسمي، من اعتداء من قبل «حراس» المغنية اللبنانية نانسي عجرم، في وقت كانت تغني فيه بقاعة الراشدية في فندق «البستان روتانا»، أغنية الأطفال البريئة «شخبط شخابيط».

وبالإضافة إلى الثلاثي، فإن نوال الزغبي الذي تعرض زوجها لأحد المصورين الصحافيين، على اعتباره مدير أعمالها، في كواليس «دبي للتسوق»، تعد حفلاتها الأسوأ في التعامل مع المصورين الصحافيين، بالإضافة إلى الفنان المصري عمرو دياب، الذي يحاط دائماً بحراس شديدي الاستثارة من عدسات الكاميرات، حسب مصورين صحافيين.

أمين السر العام لجمعية الصحافيين منى بو سمرة، من جانبها، أكدت شجب الجمعية التعدي على مصور مجلة «أرى»، وأي تعدّ يتم على صحافي أثناء تأدية عمله، مؤكدة أن «الجمعية تعتبر هذا التعدي بمـثابة تـعدّ على رسالة العمل الصحافي وقدسيته».

وفي الوقت الذي طالبت فيه بوسمرة المؤسسات والجهات المختلفة المساعدة بتسهيل مهمة الصحافيين والمصورين الصحافيين، من أجل التكامل في خدمة المجتمع، شددت على ضرورة لجوء الصحافي إلى «الجمعية»، من أجل اتخاذ الاجراءات القانونية تجاه أي جهة أو فرد، يثبت تورطه في الاعتداء عليه أثناء تأديته مهام عمله، ورفض كل صيغ الترضية التي ثبت فشلها في القضاء أو الحد من الظاهرة.

وتفصيلاً، تعرض مصور مجلة «أرى»، الصادرة عن مؤسسة دبي للإعلام، علي العجمي لاعتداء من قبل أفراد شركة أمن استعان بها منظمو حفل الفنانين اللبنانيين مايا دياب ووائل كفوري في أبوظبي، وهو الحفل الذي أقيم، في الأساس، لأغراض دعائية تتعلق بافتتاح صالة عرض علامتين شهيرتين في عالم السيارات، ما يعني أن الوجود الإعلامي هو هدف أول لإقامة الحدث، خصوصاً المصورين الذين تضطرهم ظروف عملهم إلى أن يكونوا شديدي القرب من الفنانين.

وقال المصور اللبناني علي العجمي إن «أحد أفراد الأمن قام باعتراضه، وسحبه بالقوة مع عبارات غير مهذبة وغير لائقة بحقه أمام الجمهور الحاضر، ما اضطره إلى الدفاع عن نفسه، بعد أن تجمع عدد من أفراد الأمن الآخرين، الذين قاموا بمشاركة زميلهم في الاعتداء عليه، في حين كانت مواطنته مايا دياب تواصل أداء فقرتها الغنائية». وأضاف العجمي أن «المسؤولين عن التنظيم، بعدما استشعروا خطورة الموقف قاموا باصطحابي إلى كواليس المسرح الصغير الذي أعد للحفل، وأعربوا بعيداً عن أعين الجمهور عن رفضهم التصرف الذي وصفوه بـ(الشخصي) من قبل أحد أفراد شركة الخدمات الأمنية، ودعوني إلى استكمال مهمتي الصحافية»، وذكر العجمي أن شركة الأمن قامت بتوجه رسالة اعتذار خاصة إليه في اليوم التالي للحفل، وقدموا له الرسالة المكتوبة والمتضمنة عبارات أسف لأهل الصحافة والإعلام عن هذا التصرف الذي قام به أحد عناصرهم، مشددة على أن ما حدث كان نتيجة اتباع تعليمات من قبل العميل «الفنان» ، والتي نتج عنها التصرف من بعض حراسنا، حسب صيغة الرسالة.

وأكد العجمي أنه كان يقف في الموقع المخصص للمصورين، وأن تكليفه جاء من قبل إدارة تحرير المجلة، بناء على دعوة وجهها المصمم اللبناني وليد عطا الله، بصفته التنظيمية في هذا الحفل، مؤكداً أنه سيتواصل مع جمعية الصحافيين لإطلاع المسؤولين في اللجنة المختصة بحماية الصحافيين على ملابسات الحادث.

العجمي المتخصص في مجال تصوير الفنانين والحفلات الفنية، أكد أن المصورين الصحافيين يتعرضون لمفارقات مذهلة في هذا المجال، مضيفاً «رغم أن الحفل الفني في الأساس لا يمكن أن يخرج عن نطاق القاعة التي تستضيفه، إلى آلاف المتابعين خارجها، سوى عبر الصورة والخبر الصحافيين، إلا أن هذه الحقيقة لا يتفهمها أفراد الأمن ولا تنعكس في تعاملهم مع المصورين والصحافيين».

حراس شخصيون

الحراس الشخصيون للفنانين هم، حسب عدد من المصورين الصحافيين، الأكثر إساءة في التعامل بمعظم الأحيان من أفراد شركات الحراسة، وهو ما يؤكده أيضاً عماد علاء الدين، المصور في جريدة «البيان»، مضيفاً «يبدو الأمر في كثير من الأحيان بعيداً عن التصور المنطقي، فالفنان الذي يحرص على أن تكون صورته ذات ألق خاص في وسائل الإعلام، هو نفسه من يقوم بدعم تصرفات حراسه الشخصيين، لتبقى هناك إشكالية مهنية حاضرة دائماً لدى المصور في الحفلات الفنية، لاسيما أن هناك فنيات للصورة تختلف باختلاف الموقع، لكن البعض يتصيد للمصور رغبته المهنية في أن يكون في مواقع متميزة، كي يضفي بإثارة المشكلات مزيجاً من هالة النجومية لدى الفنان، عن طريق إحاطته بحراس شخصيين، قد لا يستدعي الأمر وجودهم بالأساس».

مشكلات المصورين الصحافيين تتضاعف بشكل أكبر حينما يكون هناك عدم انسجام بين الحراس الشخصيين للفنان، وأفراد شركة الأمن التي تعينها الجهة المنظمة للحدث، حسب المصور الصحافي في مجلة «المضمار» فايز منصور، الذي يضيف «لا توجد احترافية في التعامل مع المصور الفني، كما هو الشأن في مجال الأحداث الرياضية على سبيل المثال، وحوادث الاعتداء على الصحافيين تفاقمت، على نحو يسـتدعي وقـفة جادة حيال هذا الأمر، ولم تعد سياسات الاعتذارات الشفاهية، أو حتى المكتوبة مقبولة، في ظل تصاعد الاعتداءات ووصولها إلى التعدي الجسدي».

الزميل بجريدة «الاتحاد» المصور الإماراتي حسن الكثيري، هو الآخر يرى ان الملاحقة القانونية هي الحل الأمثل، لوقف التجاوزات بحق المصورين الصحافيين خصوصاً، مضيفاً «رغم أن الأداء المهني للمصور بمثابة خدمة مجانية للفنانين، فإن المشهد يؤشر إلى ان تلك الخدمات ليست مقدرة بالنسبة لمعظم الفنانين، الذين لا يمكن ان يكونوا بعيدين عن المسؤولية إزاء تصرفات تصدر عن أفراد شركات أمن يحيطون بهم، سواء كانوا من حراسهم الشخصيين أو غير ذلك، وعلى المصور أن يمتنع عن تغطية حدث، لا يحظى فيه بالتقدير والحماية الكافية من قبل الجهة المنظمة».

تويتر