«يوتيوب».. إمبراطــورية جديدة

«يوتيوب» لعب دوراً داعماً للربيع العربي في كشف حقائق عديــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدة بالصوت والصورة. ارشيفية

60 ثانية فقط اختصرت أحداث واحد من أكثر الأعوام التي مرت على العالم أحداثاً، فكل ما شهدته الكرة الأرضية من أحداث كبرى، تم تجميعه في فيلم لا تتجاوز مدته الدقيقة الواحدة، قامت بإنتاجه وكالة رويترز الإخبارية. وشهد الفيديو الذي يعود تاريخه إلى السادس من ديسمبر الجاري، خلال الأيام القليلة الماضية، انتشارا كبيرا على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك». أما على موقع «يوتيوب» فقد بلغ عدد مشاهدي الفيديو ما يزيد على ربع مليون مشاهد في مدة لا تزيد على أسبوع واحد، كما حصد مئات التعليقات من مشاهدين من مختلف الجنسيات، وهي مؤشرات لا تعبر عن أهمية الفيديو فقط، بل أيضاً عن المكانة التي بات «يوتيوب» يتمتع بها، كونه وسيلة تواصل عابرة للقارات، ومخزناً لملايين المواد المصورة في جميع المجالات، ليشكل ذاكرة حية لكل ما يحدث في العالم من حولنا، وامبراطورية لإعلام مختلف.

لم يعد «يوتيوب» مجرد موقع إلكتروني فقط، بل صار اشبه ما يكون بإمبراطورية مترامية الأطراف، تتسع ليتداخل تحت عباءتها الشرق والغرب، الجنوب والشمال، من دون حدود الواقع وقيوده، ليس فقط الحدود الجغرافية والقيود القانونية، بل أيضا حدود التوقع والمعتاد، فالفضاء متاح متسع أمام كل من يملك فكرة أو موهبة، او حتى يعتقد انه يملكها، ليقدم ما لديه إلى ملايين المشاهدين دون الحاجة إلى تجارب أداء، او انتظار على أبواب أصحاب ومالكي المحطات الفضائية وشركات الانتاج، فكل ما يحتاج اليه كاميرا صغيرة تفتح له نوافذ الحياة والمستقبل، ولعل المثال الأبرز في هذا المجال الفنان الشاب جاستين بيبر، الذي تحول بفضل «يوتيوب» من مراهق يهوى العزف والغناء إلى هوس يجتاح العالم، وأيقونة للمراهقين والشباب في كل انحاء العالم، في رحلة نجاح قدمها في فيلم عرض في دور السينما في كل أنحاء العالم، ولاقى نجاحا كبيرا بسبب شهرة بيبر. وكان نيك جوناس بطل فريق «جوناس برازرذ» قد سبق جاستين بيبر في صناعة شهرته عبر «يوتيوب» أيضاً، حتى اصبح الآن مع اخويه جو وكيفين. في المقابل حقق البعض شهرة واسعة عبر الموقع العالمي، لكنها شهرة من نوع خاص، مثل المراهقة الأميركية ربيكا بلاك، التي عرفها «يوتيوب» باعتبارها صاحبة «أسوأ أغنية في التاريخ» بعد ان قامت بتقديم أغنية بعنوان «فرايداي»، ورغم عدم رضا المشاهدين عن الأغنية وصاحبتها، نجحت بلاك في جذب أكثر من 40 مليون شخص لمشاهدتها عبر الموقع، واشارت تقارير إلى أن أغنية بلاك تمكنت من جمع نحو مليون دولار خلال أسبوعين من عرضها على «يوتيوب»، حصلت هي على 60٪ منها، حيث أعلنت أنها ستتبرع بها لمصلحة ضحايا زلزال اليابان الذي وقع عقب اإطلاقها أغنيتها على الموقع بأيام قليلة.

أيضاً يتميز «يوتيوب» بأنه فضاء مفتوح بمعنى الكلمة، من الصعب ان يمارس أحد الرقابة عليه، ولذلك أصبح منفذاً لعرض مواد منعت من العرض على الشاشات، مثل الاعلانات ومشاهد من الاعمال الدرامية التلفزيونية والسينمائية أيضاً، إضافة إلى الأغنيات، وهذه المواد غالباً ما تكون محور اهتمام زوار الموقع، ويتحول منعها إلى سبب لانتشارها على نطاق واسع. في المقابل، نتيجة لصعوبة فرض رقابة على «يوتيوب»، اصبح وسيلة لنشر أعمال وأغنيات أحيانا قبل طرحها في ألبوماتها في الاسواق، كما حدث اخيراً مع أغنية الفنان المصري محمد حماقي «شخبطة على الحيط»، حيث تم تسريب الفيديو كليب وعرض على «يوتيوب»، ولاقى انتشارا واسعا، ما دفع الشركة المنتجة له (روتانا) إلى مخاطبة إدارة الموقع لرفع الفيديو كليب تماماً، ومنع عرضه حتى موعد طرح الألبوم في الأسواق.

بعيداً عن الفن؛ فرض «يوتيوب» نفسه على عالم السياسة والنضال، فكان له الدور الأبرز في كثير من الثورات على مستوى العالم، خصوصاً في الدول العربية، وإبراز ما يتعرض له الثوار والمتظاهرون من ممارسات وحشية، ولايزال الموقع يلعب هذا الدور في أكثر من بلد، من بينها سورية في ثورتها الشعبية، وأصبح المتظاهرون فيها يحرصون على تصوير تظاهراتهم، ووضع لافتة كتب عليها المكان والتاريخ حتى لا يتم التشكيك في هذه التظاهرات أو نسبها إلى بلدان أخرى أو فترات سابقة. ورغم الدور الكبير الذي لعبه «يوتيوب» في ثورات العالم، فإن دوره لم يكن إيجابياً دائماً، بعد ان استخدمه البعض لأغراض خاصة من خلال تزوير بعض الفيديوهات، والاساءة بها لأشخاص وجهات، كل حسب أغراضه.

تويتر