بعد معرضه الأخير في «فانديميا غاليري»

بسيم الريس: أرسم جـدارية تحكي الثورة

صورة

يحاول الفنان السوري المقيم في الإمارات، بسيم الريس، أن يجعل من الفن رسالة تواصل بين الأفراد، من خلال ابتكار طرق جديدة لبناء علاقة بين المتلقي واللوحة، فالريس الذي قدم معرضه الفني في فانديميا غاليري، في فندق الكيمبينسكي في دبي، وحمل عنوان «ينمو بقربي جدار»، يؤكد أن الفن لغة تواصل بين الشعوب، مشيرا إلى أن مشروعه الذي انتهى منه أخيراً، «على كل جدار لوحة»، أثبت أن «هناك أشخاصا يحبون الاحتفاظ بأعمال فنية، لكن ظروفهم المادية تحول بين تحقيق الرغبة، فقررت أن أرسم لهم مجانا»، وبعد اندلاع الثورة في موطنه سورية، قرر ان يبادر الريس بمشروع اطلق عليه «لكل شهيد لوحة»، مضيفاً «لكنني لم أتخيل هذا الكم الكبير من الشهداء، فتوقفت لأراقب وأحزن فقط، وأنقل هذه اللحظات على جدارية ستحكي سورية الحرة».

«ينمو بقربي جدار»

سيرة فنان

فنان تشكيلي ولد في سورية في عام .1970

حاصل على بكالوريوس في الهندسة الزراعية - جامعة دمشق.

عضو نقابة الفنون الجميلة - دمشق - سورية.

عضو جمعية الإمارات للفنون التشكيلية - الشارقة.

العديد من المعارض الفردية والجماعية في بلدان مختلفة.

كاتب مستقل في العديد من الصحف والمواقع الالكترونية.

مجموعة قصصية أولى تحت الطبع.

حاول الريس من خلال 22 لوحة في معرضه الأخير «ينمو بقربي جدار» أن يصور الحالة التي يعيشها الفرد المتعلق بأدوات الاتصالات الحديثة، إذ تراه وحيداً تماماً حتى لو كان على قائمة اصدقائه آلاف الأسماء، وأضاف تختفي الرائحة واللمس والإحساس بينه وبين تلك الشاشة حتى لو حاول ان يقنع نفسه بأهميتها، فهو معزول تماما عن الطبيعة»، مشيرا إلى ان «هذا لا يعني ان الاستفادة التي خلقتها الشاشة في تغيير تفكير الشعوب ومساهمتها البناءة في اضاءة النور للثورات كانت بالغة الأهمية وكسرت هنا جدراناً كثيرة، فهي أعمال تحاكي ببساطة الجدران التي هدمتها التكنولوجيا بدعمها للحرية وبناء جدران بين الفرد والطبيعة. حتى إن وجوه الريس قاسية في معالمها وملطخة، فهي ببساطة تعكس قسوة الحياة التي يعيشها هذا المعزول عن محيطه». الريس الذي يكتب القصة القصيرة وفاز بجائزة الشارقة للإبداع العربي ،2010 عن فئة القصة القصيرة، يلاحظ المتلقي ان عيون شخوصه جاحظة لا حياة فيها، ولا ينفي هو ذلك «صحيح، فاللمعة اختفت تماما من عيون شخصياتي، فهذا الضوء الذي لا يظهر إلا فرحاً ليس موجوداً، والسبب أن شباب اليوم يعيشون بعيدا عن محيطهم المحسوس والملموس، مكتفين بما يقدمه الانترنت لهم، حتى باتوا معتادين على هذا الشكل من الحياة التي جففت التماعات الضوء في أيامهم»، فقد تحول الانسان في لوحاته الى كائن بشع المظهر، اظافره طويلة وشعره اشعث كأنه بات منسلخا عن الوقت، أما بالنسبة للألوان المستخدمة فهي جريئة ومفعمة بالحيوية على عكس شخوصه، «أردت أن احكي اللون الذي يعطي الأمل والتفاؤل، وارتباط اللون الجريء من الممكن ان نمزجه مع جرأة الثورات التي تحدث من حولنا»، وهو يستخدم المدرسة التعبيرية لإعطاء المتلقي فرصة للتحليق بخياله.

الفن في كل بيت

في بداية العام الجاري، أعلن الريس عبر موقعه على شبكة التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، أنه سيهدي كل محب للفن لوحة من رسمه، فكتب : «الحب لغة فعل وليس لغة قول، لذا لن أطيل بما سأقول وسأعلن محبتي لكم فعلا من الجمال، لكل أصدقائي عشاق الفن، لكم أينما كنتم ومهما كانت لغتكم وجنسيتكم، هديتي لعام ،2011 لوحة لكلّ منكم، علّ اللوحة تجمعنا».

«وقد جمعتنا فعلاً»، هكذا يقول الريس، موضحاً «لاقت هذه المبادرة صدى واسعاً لدى محبي الفنون بشكل عام، حتى إنني قمت بإرسال اعمال الى مناطق شتى حول العالم، في الصين وأميركا وبريطانيا والنرويج وروسيا وغيرها من المناطق الغربية والعربية»، وقال «لا يوجد أكثر من الفن قدرة على توحيد القلوب، ومبادرتي كانت تهدف الى زرع الفن في كل بيت»، حيث أعلن وقتها «إذا رغبت في أن تحصل على لوحة من أعمالي فقط ابعث برسالة على (إيميلي) وستصلك لوحة تحمل اسمك»، مؤكدا «هذه المبادرة أخذت رواجاً واسعاً وعملت على تحطيم كل القيود بين اللوحة والمشاهد، وكان ذلك متزامناً مع انطلاق ربيع الثورات»، ويضيف الفنان السوري «لا أريد ان أقول انني كنت أشعر بشيء خفي يدفعني لأحلق في العالم من خلال لوحاتي، لكن ومنذ بدء ربيع الثورات العربية عرفت سر الحماسة التي في داخلي والتي لم أكن اجد لها أي تفسير»، وقرر الريس أن ينهي مبادرته ليبدأ ثانية بعد اندلاع الثورة في موطنه سورية، «الثورة في موطني هي الحلم الذي عشته، وعشت لأجله ولأراه، ومع بداية الثورة قررت أن ان اكون جزءاً منها خصوصاً بعد سقوط أول شهيد، وأطلقت مبادرة لكل شهيد لوحة»، وأضاف «لكنني لم استمر، لأنني لم اتخيل أن الموت سيلف وطني بهذا الكم، فتعب قلبي وروحي معه وقررت التوقف حزناً لأراقب فقط».

جدارية الثورة

ومع ارتفاع عدد الشهداء في سورية، يقول الريس، «شعرت بأنني أمام مشكلة حقيقية، أريد أن أكون جزءاً مما يحدث في وطني، وأن اساند اصحاب الحناجر الحرة، لكنني لم اتخيل أن عدد الشهداء سيصل الى هذا الكم فقررت ان احكي سوريا من خلال جدارية اوثق فيها الشهداء بأمالهم وأحلامهم وخيبتاهم وبما حملوا من مشاعر»، مضيفا انه يريد أن يرسم اغاني الثورة وأهازيجها في جدارية يحكي فيها سورية الحرة، مشيرا الى أن الجدارية «أشبه بوثيقة تحكي كل ما حدث في سورية، سأسجل اللحظة فيها وألوانها».

تويتر