معوقات وإشكاليات تقف حجر عثرة أمام نشر ثقافته

«العمل التطوعي».. نموذج للتكافل

المجتمعات العربية بصورة عامة تعاني غياب ثقافة العمل التطوعي. الإمارات اليوم

قلة الدعم المالي وتراجع أعداد المنتسبين وسيطرة القيم المجتمعية، من أبرز القيود التي تحد من المشاركة في العمل التطوعي، لاسيما في ظل غياب ثقافة التطوع في المجتمع ومحدودية التفاعل مع المؤسسات الرسمية وافتقار المجال التطوعي إلى برنامج عمل واضح وهامشية العلاقة مع المؤسسات الإعلامية.

وقالت أستاذة أصول التربية في «جامعة الإمارات»، الدكتورة آمنة خليفة، في ورقة عمل قدمتها، أول من أمس، في ندوة ثقافة العمل التطوعي، إن «اشكاليات المشاركة التطوعية التي تعد شكلا اساسيا من أشكال التكامل بين الناس، تنقسم إلى شقين، الأول مرتبط بالجمعيات التطوعية نفسها، إذ إن العمل التطوعي لم يتبلور عند كثير من المتطوعين في تلك الجمعيات، كما أن الأعضاء الفاعلين في مجالس ادارات الجمعيات محدودون، أما الشق الثاني فيتعلق بالتأثير الخارجي الذي يدفع مسيرة العمل التطوعي، منها المعوقات المالية التي تحد من انطلاقة العمل التطوعي وتدني الإقبال الجماهيري، وعدم تفاعل وسائل الاعلام مع فعاليات الجمعيات».

وأكدت أن «الجمعيات التطوعية تعاني مشكلات أهمها محدودية مشاركة المتطوعين في العمل الأهلي، وغياب تام لمراكز توجيه المتطوعين وتدني الحوافز المجتمعية للمتطوعين وضعف الوعي العام لدى المواطنين بقيمة التطوع المنظم، الأمر الذي يعكس غياب ثقافة التطوع، خصوصاً أن معظم المتطوعين بحسب للدراسات الميدانية في العالم العربي، يكونون في المرحلة العمرية من 45 سنة إلى 65 سنة».

الإعلام والتطوع

 

أكد عميد كلية المعلومات والإعلام والعلوم الإنسانية في جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا، الدكتور خالد الخاجة، أن للإعلام تأثيراً في نشر وتعزيز العمل التطوعي من خلال تسليط الضوء على أهميةِ العملِ التطوعي لتحفيز الأفرادِ وحثهِم على المشاركة في الجمعيات التطوعية وبث برامج تحفز المتطوعين وأصحاب القرار والجهات المسؤولة على المساعدة في كل أشكال العمل التطوعي، فضلاً عن التركيزِ الإعلامي على الدوافع والقيمِ الدينية لمساعدة المجتمع وبناء حوافز جديدة وجذبِ الاهتمام للمشاركة المجتمعية والخدمية، وتعميق روح التكامل بين الناس وتشجيعِ التعاون وبث روح الجماعة وتغليب مصلحتها على مصلحة الفرد. وطالب الخاجة وسائل الإعلام المختلفة بتعريف أفراد المجتمع بماهية العمل التطوعي وبيان مدى «حاجة المجتمع إليهِ وتبصيرِهم بأهميتِه ودورِه في عمليةِ التنمية، وكذلك إبرازِ دورِ العاملينَ في هذا المجالِ بطريقةٍ تكسبهُم الاحترامَ الذاتي واحترامَ الآخرين».

ضمانات مقترحة

لضمان نشر وتعزيز ثقافة العمل التطوعي، اقترحت خليفة على الجمعيات التطوعية تطوير هياكلها التنظيمية وتأهيل وتدريب الكادر الإداري والتطوعي، ومتابعة واستيعاب التطور في مضامين ومفاهيم العمل التطوعي، ما يسهم تدريجياً في نقل العمل التطوعي إلى مراحل نوعية، لافتة إلى أهمية توسيع دائرة المساهمين في العمل التطوعي واستنباط وسائل جديدة لتشجيع التطوع، وتفعيل العلاقة بين الجمعيات التطوعية والمستفيدين من خدماتها، وذلك بتطوير مهاراتهم وقدراتهم على مواجهة تحديات التغير وصعوبات الحياة المعيشية، إضافة إلى تجديد نظم المعلومات والإحصاءات للحصول على بيانات دقيقة عن واقع وحجم وتطور العمل التطوعي والمستفيدين منه، وشددت خليفة على ضرورة تطوير التشريعات المنظمة للعمل التطوعي بما يواكب التغيرات الاجتماعية والاقتصادية، الأمر الذي يحقق التكامل والفاعلية لقطاع التطوع، منها تطوير ميثاق أخلاقي وميثاق لمزاولة النشاط، تتبناه الجمعيات الأهلية، ويستند بشكل أساسي إلى شرعية واستمرارية عمل الجمعيات التطوعية واستقلاليتها والالتزام بقيم المحاسبة والمساءلة والشفافية.

مواصفات

استعرض أمين عام الاتحاد العربي للعمل التطوعي يوسف علي الكاظم، أهداف العمل التطوعي، قائلاً إن «العمل التطوعي يضمن للمتطوع الحصول على تدريب في مجال التطوع، وأفضل الطرق لقيادة المتطوعين، وينمي الروح الإيجابية والعمل الجماعي لدى الأفراد، ويطور قدرات ومهارات المتطوعين»، لافتاً إلى أن «هناك مواصفات يجب توافرها في المتطوع، منها أن يكون حسن السيرة والسلوك، ويتصرف بلباقة مع الجمهور، كما يجب أن يؤمن بأهمية العمل التطوعي ويشعر بالاندفاع نحوه، وأن يمتلك القدرة على الانسجام والتكيف مع الآخرين، ويبدي استعداداً لخدمة العمل التطوعي من دون السعي لتحقيق أغراض ذاتية، والتحلي بالأمانة والسرية التامة في ما يطلع عليه من معلومات تخص العمل التطوعي»، وأكد الكاظم أهمية تحفيز المتطوعين بتوفير البيئة التطوعية المناسبة والصالحة لممارسة العمل وتحديد الهدف من وراء الخدمة التي يشارك فيها المتطوع، وخلق الرغبة لديه للاستفادة من المهارات والمعارف أثناء عمله، إضافة إلى بث روح الرغبة في مساعدة الآخرين وإتاحة الفرصة للمتطوع للظهور وإثبات الذات وتقديم جرعات من التحفيز المعنوي من خلال إيجاد مشاركات تساعد المتطوع على التقدم والرقي في عمله وشغل أوقات فراغ المتطوعين بما يفيد التطوع.

ومن واقع تجربة مركز قطر للعمل التطوعي بيّن الكاظم أبرز النقاط التي تساعد على تحقيق المؤسسات التطوعية للنجاح، منها تطوير مستقبل العمل التطوعي والاهتمام بقضايا من صميم المجتمع المحلي والبيئة المحيطة، وتوحيد الجهود التطوعية على المستوى العربي، ووضع خطط واقعية لإيجاد حلول سهلة لمشكلات المجتمع وتصميم برامج زمنية طموحة لتنفيذ الخطط الاستراتيجية إضافة إلى الاهتمام بكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة ومتابعة الفئات التي تحتاج إلى دعم مالي واقتصادي، واستقطاب القيادات التطوعية الصادقة لتولي أدوار القياية في العمل التطوعي وإشراك المتطوعين في وضع خطط وبرامج المؤسسة التطوعية.

تويتر