اختتم في الشارقة بعد يومين من الحوارات الساخنة

ملتقى المسرح يدعو الأكـاديميين إلى «الخشبة»

الملتقى أوصى بتنظيم «سيمبوزيوم» للنقد المسرحي. من المصدر

بعد جلسات نقاش ساخنة، ومداخلات وتعقيبات أثرت بحوثاً وأوراق عمل قدمها مشاركون في ملتقى «نقد المسرح العربي -رؤية مستقبلية»، الذي نظمته الهيئة العربية للمسرح، ضمن مشروع الاستراتيجية العربية للتنمية المسرحية، اليومين الماضيين، خلصت الندوة إلى توصيات من شأنها إحداث نقلة نوعية في النقد المسرحي العربي، منها إقامة عملية متكاملة، (سيمبوزيوم خاص)، للنقد المسرحي يشارك فيها صُنّاع المسرح والنقاد والاكاديميون.

وأوصى المشاركون في الجلسة الأخيرة للندوة، التي أقيمت بقصر الثقافة في الشارقة، أول من أمس، بتفعيل العلاقة بين أكاديميي الفنون المسرحية والفرق والمهرجانات للنهوض بالنقد المسرحي، كما أكدوا أهمية تنظيم ورش وندوات للتثقيف النقدي يشارك فيها مسرحيون ونقاد، إضافة إلى توثيق الحركة النقدية المسرحية في العالم العربي.

مرجعيات

كانت الجلسات التسع شهدت طرحاً عميقاً وتقييماً جاداً للممارسة النقدية العربية الحالية، شملت توصيفات ومرجعيات النقد المسرحي العربي، إذ أكد الدكتور عبدالرحمن بن زيدان في بحثه، أن «وجود النقد في أي حيز ثقافي أو فني أو فكري، لا يمكنه أن ينمو وينضج إلا بنمو ونضج الأدب نفسه، لاسيما أن النقد المسرحي الموجود في مجاله الثقافي العربي لا يمكن أن يبدع ويتطور وتبرز شاعريته إلا في وجود نص قائم على البحث عن متعة والتجاوب مع التفاصيل الصغيرة التي يصنعها كلام النص في الإرشادات المسرحية، وفي نص الحوار».

ولفت بن زيدان إلى «وجود صيغة لعلاقة جدلية قوية بين الأدب والنقد، قائمة على قانون الإثارة والاستجابة والعلاقة بين المرسل والمتلقي، لذلك فإن الحركة النقدية المسرحية العربية مشروطة بنمو الأدب وما تفضي إليه الإنتاجية المسرحية من تغير، وبالكفاية في تسخير التقنية أثناء إنتاج العرض المسرحي».

فيما تناول الناقد عبده وازن في بحثه مسألة ثقافة الاستهلاك، قائلاً إنها «تقضي على تراثنا، فالإعلام الآن بات يصنع ثقافة ويلغي أخرى، ووسائل الاتصال قسمت العالم إلى قرية مركزية وأخرى ثانوية، كما تأثرت العلاقة بين المسرح والإعلام بالكونية الجديدة»، مشيراً إلى أن «الحديث يجب أن ينصب على المسرح نفسه، وليس المسرح التجاري، وهو مسرح لا يمكن وصفه بالشعبي، لأن الأخير يعكس صورة المسرح الجاد».

واعتبر وزان أن «هناك تواطؤاً بين المحطات والمنتجين وبين الإعلام والإنتاج الغنائي، للترويج له بين الشركات وجلب المعلنين، بالتالي يتراجع جمهور الثقافة الجادة، لاسيما أن الإعلام سعى لعزل أهل المسرح عن جمهور الفضائيات».

وهاجم وازن نقاداً واعلاميين ممن يكتبون النقد المسرحي في الصحف، خصوصاً الذين ينقدون وهم ليسوا من ذوي الاختصاص غير الأكاديميين على حد قوله، معتبراً أن المجلات المسرحية المتخصصة لن تتمكن من ملء الفراغ الذي أحدثته الصحافة اليومية، لاسيما مع مشكلات التمويل والتوزيع الذي تعاني منه.

خلط المصطلحات

كشف الدكتور يونس الوليدي في ورقته البحثية بعنوان «النقد المسرحي ما له وما عليه»، عما يعانيه النقد المسرحي العربي من «خلط في المصطلحات والمفاهيم، إذ بات يُطلق على كل من المُنظّر والباحث اسم ناقد، دون الوقوف أمام الفرق الشاسع بينهما، فالمنظّر يصاحب حركة إبداعية جديدة؛ قد يسبق تنظيره هذه الحركة ليمهد لها، أو يصاحبها ليدعمها وقد يأتي بعدها ليقرب بعيدها ويشرح غامضها، أما الباحث فيهتم بشعريات المسرح ونظرياته والمصطلحات والمفاهيم ويتابع تاريخ التجارب المسرحية وتطورها وعلاقة المسرح بالفنون والآداب».

وتابع أنها «تخصصات مختلفة في المنطلقات والأهداف والوظائف والأدوات، ولأن النقد المسرحي العربي يجب أن يوضع على مساره الصحيح، لذلك لابد من الفصل بين مجالات الاشتغال، فلا يعيب المنظر والباحث ألا يكونا ناقدين، كما لا يعيب الناقد ألا يكون باحثاً أو منظراً».

واقترح الدكتور سيد علي اسماعيل في ورقة عمل قدمها ضمن الجلسة الثانية للندوة بعنوان «ترجمة نقد المسرح»، عدم نشر أي نص مسرحي عربي مؤلف دون وجود مقدمة من المؤلف، أو دراسة للنص من قبل ناقد أو دارس، وضرورة الاهتمام بالتنقيب عن الآثار من النصوص المسرحية العربية المخطوطة أو المجهولة، وإعادة نشرها ودراستها في مشروع تأصيل المسرح العربي، مطالباً أيضاً بدراسة المجلات المسرحية التي صدرت في العالم العربي دراسة توثيقية نقدية، لاسيما مجلة «المسرح» في مصر، و«الحياة المسرحية» في سورية، و«كواليس» في الإمارات، مع التفكير في إعادة نشر ما احتوت من نصوص مسرحية مترجمة أو مؤلفة في كتب مستقلة، إذ يمكن التوسع في هذا الأمر، بضم بقية المجلات التي نشرت نصوصاً مسرحية، مثل مجلة «الآداب» في بيروت، وغيرها من المجلات العربية التي تحتفظ في أوراقها الصفراء البالية بثروة مسرحية تراثية، على حد تعبيره.

مشروع الببلوغرافيا

حملت الجلسة الرابعة عنوان «نحو ببلوغرافيا مشروحة للنقد والنقاد»، قال الدكتور عبدالناصر خلاف، إن «العمل الببلوغرافي يعد إحدى الوسائل الحديثة الفاعلة المستخدمة في توثيق النتاج الفكري والتعريف به، كما أن وضع ببلوغرافيا للنقد والنقاد في التخصص المسرحي، يعتمد على الوثيقة الأولية بوصفها مصدراً سواء كانت كتبا أو مجلات أو جرائد أو رسائل جامعية يتطلب مجموعة من الأدوات والآليات».

واعتبر خلاف العمل الببلوغرافي «شاقاً»، وذلك «لاتساع المساحة الجغرافية لتوثيق النتاج والتي تشمل جميع الدول العربية دون استثناء واتساع التغطية الزمنية التي صدرت فيها الأعمال والدراسات والمقالات النقدية، إضافة إلى أن بعض المقالات المنشورة في الصحف والمجلات الصادرة قديماً لن تكون متوافرة في أرشيف المكتبات الوطنية والجامعية».

وحول منهجية العمل قال خلاف «تنفيذ العمل الببلوغرافي يتطلب تشكيل لجنة علمية مهمتها التفكير والإشراف والمتابعة في الهيئة العربية للمسرح، مكونة من خبراء في مجال النقد المسرحي وعلم المكتبات، تحدد مواصفات المواد الواجب فهرستها والفترة الزمنية وجرد الأعمال السابقة، على أن تقوم اللجنة العلمية بإرسال دعوات مفتوحة لهيئات وأفراد لمساعدتها في تحقيق المشروع، وتزويدهم بعناوين كتب ودراسات وأبحاث سبق نشرها»، لافتاً إلى أهمية تشكيل فريق عمل متفرغ في كل دولة مكون من مختصين في النقد المسرحي وعلم المكتبات، ويحدد العدد بحسب مدة المشروع وحجمه، يقومون بجمع المادة الخام من الجرائد والمجلات والجامعات والمكتبات الوطنية ومراكز البحث، وجرد وفهرسة المواد بحسب استمارة موحدة توضع من قبل اللجنة العلمية، ثم يتم تجميع المواد ودراستها وتبويبها والتأكد من قيمتها العلمية من طرف اللجنة العلمية على أن يتم نشرها في أجزاء منفصلة يشمل كل جزء إحدى الدول.

تويتر