مشواره استمر 63 عاماً

غيـاب فنـي عن جنازة الشناوي

كمال الشناوي 1921 - .2011 أ.ف.ب

شيعت بعد صلاة ظهر أول من أمس، جنازة الفنان الراحل، كمال الشناوي، من داخل مسجد «مصطفى محمود» في منطقة المهندسين، وسط غياب لافت للفنانين الذين لم يعرف عدد كبير منهم خبر الوفاة إلا بعد تشييع الجثمان، خصوصًا أنه توفي في ساعة مبكرة، ولم تحدد الأسرة موعد الصلاة على الجثمان إلا قبل الصلاة بساعة تقريبًا.

وينظر إلى الشناوي على أنه من الفنانين القلائل من أبناء جيله الذين استطاعوا الخروج من عباءة الحصر في أدوار معينة، مثل غيره من الفنانين الذين تم تصنيفهم في أدوار الشر أو الخير بصفه عامة. فخلال مشواره الفني الذي امتد على نحو 63 عاماً استطاع أن يقدم مزيجاً متنوعاً من الأعمال.. بعضها تمرد فيه على ملامحه الوسيمة، إذ جرى تصنيفه واحداً من فتيان الشاشة لينتقل بنفسه لتجسيد عدداً من أدوار الشر. وفى أحيان أخرى مزج بين خفة الظل والمرح، من خلال الدويتوهات التى قدمها مع الفنانة شادية وإسماعيل ياسين.

بدأ الشناوي في تحقيق حلمه بالتمثيل في عام ،1948 من خلال فيلم «غنى حرب»، ثم توالت أعماله في العام نفسه، وقدم فيلميه«حمامه سلام»، و«عدالة السماء»، لكن نجاح الشناوي مع شادية في تقديم هذين الفيلمين كان سبباً في استغلال بعض المخرجين للثنائي الذي أقاماه معاً وقدما من خلاله سلسلة من الأفلام الناجحة ليصل عدد الأفلام التى قدمها الثنائي معاً إلى 32 فيلماً، تنوعت بين الدراما والكوميديا. خلال هذه الفترة تردد أن هناك علاقة حب كانت قد جمعت بين الطرفين حتى إن الشناوي قرر أن ينتج لها فيلماً بعنوان «عش الغرام» من إخراج حلمي رفلة عام .1959

قدم الشناوي أربعة أفلام من إنتاج خارجي، منها فيلم لبناني بعنوان «بدوية العاشقة»، وفيلم إنتاج مشترك مع اليابان وهو «على ضفاف النيل»، وآخر سوري باسم «الرجل المناسب»، وأخيراً «لصوص على موعد» وهو إنتاج مشترك مع تركيا.

تألق الشناوي بأدوار الشر في بعض أعماله والتي حفرت في أذهان كثير من الناس، رغم عدم تصنيفه على أنه «النجم الشرير»، كما هو مثلاً في محمود المليجى، لكن براعته في تجسيد هذه الأدوار جعلته لا يغيب عن ذاكرة جمهوره. ولعل أبرز هذه الأعمال فيلم «المرأة المجهولة» مع شادية، والذي عرف من خلاله بشخصية «عباس» الرجل الذي حطم علاقة الحب بين شادية وحبيبها وحرمها من ابنها الوحيد، كذلك دوره في فيلم «الكرنك»، والذي قدم من خلاله شخصية ضابط المخابرات الذي يقوم بتعذيب المواطنين، و«اللص والكلاب» حيث تقديمه لشخصية الصديق الذي يستغل صاحبه في تحقيق أهدافه ومصالحه الشخصية. الشناوي من الفنانين الذين قرروا أن يشاركوا الوجوه الجديدة في أعمالهم، حيث تقديمه في عام 2006 لفيلم «ظاظا» مع الفنان هاني رمزي.

الشناوي أحد أهم الفنانين من الجيل الذي أطلق عليه «جيل العمالقة»، أو «جيل الزمن الجميل». هذا الجيل الذي «انطلق مع الفن بلا حسابات»، مثلما يقول الكاتب المصري وائل عبدالفتاح، في حديثه إلى «دويتشه فيله». والشناوي من الفنانين القلائل الذين استطاعوا أن يطورا أسلوبهم، وأن يحققوا حضوراً سينمائياً متألقاً عبر خمسة عقود، تاركاً تراثاً فنياً متنوعاً كبيراً. ويُرجع عبدالفتاح ذلك إلى قدرة الشناوي على «التحوّل»، ولأن له «حكاية هي حكاية قطاعات من المصريين الذين لا تستطيع أن تصنفهم. هو مصـري يستطيع أن يكون شريـراً وناعماً، رومانسياً وقاتلاً».

ولد كمال الشناوي يوم 26 ديسمبر عام 1921 بالمنصورة في دلتا مصر. عمل مدرساً لمادة التربية الفنية (الرسم) بالمدارس الثانوية، كما مارس الفن التشكيلي ثم تفرغ للتمثيل.

استطاع الشناوي أن يحقق نجاحاً متصلاً عبر خمسة عقود، وقام ببطولة عدد من المسلسلات التلفزيونية، من بينها «زينب والعرش»، و«هند والدكتور نعمان» و«أولاد حضـرة الناظر». وكان عنـوان آخـر مسلسـل شـارك فيـه عنواناً دالاً وهـو «آخر المشوار».

نال كمال الشناوى خلال حياته العديد من الجوائز، بدءاً من جائزة شرف من مهرجان المركز الكاثوليكي في عام ،1960 وانتهاءً بجائزة الامتياز في التمثيل من مهرجان جمعية الفيلم عام .1992 وفي الاحتفال بمئوية السينما العالمية عام 1996 اختار سينمائيون خمسة أفلام شارك فيها ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، وهي «أمير الانتقام»، و«اللص والكلاب»، و«المستحيل» و«الرجل الذي فقد ظله»، و«الكرنك».

تويتر