عن قرب

نجاة مكي.. عاشقة البحر والصحراء

مكي ظلت تستمد موضوعاتها الرئيسة من البيئة الإماراتية. تصوير: أسامة أبوغانم

مستلهمة طبيعة الإمارات؛ تقف الفنانة الإماراتية نجاة مكي في أعمالها الفنية بين الماء والرمال لتتخذ من الصحراء بكل ما تختزنه من وهج وصمت، والبحر وما يموج به من قصص وحكايا، مرجعية تستند إليها في عملها، وتقربها من جوهر هذا الوطن، لتنطلق منها إلى موضوعات شتى تتنوع وتختلف، لكنها تظل منتمية إلى الإمارات.. الجغرافيا والتاريخ.. والتراث.

التميز الذي اتسم به مشوار د. نجاة مكي مع الفنون التشكيلية، خصوصاً الرسم والنحت منذ بدايته، الذي أهلها للحصول على جائزة الإمارات التقديرية فرع الفنون عام ،2008 لم يكن نتيجة لاستلهام الفنانة للتراث الإماراتي وعناصره فقط، بقدر ما استند إلى فكر وتجربة خاصة خرجت بالتراث بمعناه الحسي المباشر إلى فضاء أكثر اتساعاً بلمسات تجريدية رمزية، كما في تناولها بعض الأشكال الهندسية مثل الدائرة والمثلث، إذ عملت على توظيف المعاني التي طالما ارتبطت بهذه الأشكال في الحضارات والأساطير المختلفة، كما تتبعت في لوحاتها بعض الرموز القديمة والأرقام وتأثيرها في حياة الإنسان، أيضاً كانت المرأة دائماً حاضرة في أعمال مكي، سواء في الرسم أو النحت، حيث مثلت المرأة في هذه الأعمال الوطن، والأرض، والأم، والحياة ذاتها.

هذا الارتباط الشديد بالموروث الشعبي الإماراتي لم يبعد مكي عن التفاعل مع ثقافات أخرى والاستفادة منها، خصوصاً أنها تلقت دراستها في كلية الفنون الجميلة بجامعة القاهرة على أيدي فنانين وأساتذة كبار، شهدوا لها بالتفوق والنبوغ، وتعلمت جميع فروع الفن من نحت وتصوير وأشغال فنية وخزف في عامها الأول في الجامعة، قبل أن تتخصص في النحت، لتتخرج عام ،1982 ثم تحصل على درجة الماجستير في النحت البارز والميدالية بتقدير امتياز، تبعتها بدرجة الدكتوراه في النقش على النقود المعدنية والمسكوكات عام ،1998 وهو ما تشير إليه مكي، مؤكدة أنها لم تنفصل عن المكان الذي ولدت ونشأت فيه، «فالفنان لابد أن يتمسك بأسس وجذور قوية يستند إليها، ثم يبدأ بعد ذلك في العمل على تطوير تجربته من خلال الاحتكاك بتجارب أخرى من مختلف أنحاء العالم».

لافتة إلى أن زيارة معارض ومتاحف فنية في مختلف دول العالم، ساعدتها على تطوير تقنياتها الفنية واستخدام الألوان والجماليات بأسلوب مغاير، وإن ظلت تستمد موضوعاتها الرئيسة من البيئة الإماراتية، والتراث المحلي الغني بمفرداته الجمالية، مثل الزخارف الهندسية والتراثية على واجهات المباني، وفي ملابس النساء والحلي وغيرها من العناصر التراثية الثرية، التي تناولتها بأساليب مختلفة.

من المشاركات التي تعتز بها مكي، والتي مثلت فيها الإمارات والمرأة الإماراتية، مشاركتها في ملتقى النحت الدولي الثاني بالصين، الذي جرى في مدينة تشانغ تشونغ، بمشاركة ما يقرب من 50 نحاتاً من مختلف دول العالم، بينها سبع دول عربية.

وخلال هذه المشاركة قامت بتنفيذ عمل نحتي عرض في حفل الختام في الحديقة الدولية للتماثيل، تمهيداً لعرضه ضمن مجموعة الأعمال النحتية في أكبر حديقة للتماثيل بالصين.

وحتى في الصين لم تبتعد مكي عن الإمارات، فاختارت أن يعبر عملها عن العلاقة بين الرجل والمرأة في المجتمع الإماراتي، وما تتضمنه من معاني التقدير والتعاون.

أما مشاركتها في بينالي مكتبة الإسكندرية الدولي الرابع في أبريل ،2010 فحملت أطروحة مغايرة لجأت فيها إلى تقديم مقاربة بصرية، ومعالجة لونية رائعة لمجموعة من النصوص الشعرية، التي اختارتها بعناية لتكون موضوع لوحاتها، واتجهت فيها إلى الشعر الجاهلي لما يحمله من قيم وأخلاقيات راقية، فأخذت أبياتاً من شعر امرئ القيس وعنترة العبسي، وشاعر الهند طاغور، وصاغتها داخل لوحاتها بتناسق شديد الحبكة، كما صاغت ألوانها وأشكالها الهندسية والخطية، ومساحاتها بأسلوب شديد الحرفية والإتقان.

تويتر