«وجه امرأة» تتحدّى الاحتلال الإسرائيلي.. والمعرض يُفتتـــح الجمعة المقبل في رام الله

«بيكاسو في فلسطين» شاهد على رحلة شاقة

صورة

يرصد مشروع «بيكاسو في فلسطين» الظروف الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني نتيجة الاحتلال الإسرائيلي. وجاء المشروع بفكرة للفنان التشكيلي الفلسطيني خالد حوراني، الذي نجح أخيراً في انجاز المشروع الذي يعد شاهدا على رحلة شاقة. وتفتتح الأكاديمية الدولية للفنون في فلسطين، الجمعة المقبلة، معرضاً فنياً، هو الأول من نوعه، للفنان بابلو بيكاسو، ضمن مشروع «بيكاسو في فلسطين» الذي يستمر أثلاثة أسابيع في مبنى الأكاديمية.

كما يتضمن المشروع معرضا توثيقيا في مؤسسة المعمل بالقدس لرحلة لوحة «وجه امرأة» لبيكاسو من متحف «فان آب» في مدينة آيندهوفن الهولندية إلى مدينة رام الله، ويبلغ مسار نقل اللوحة نحو 3539 كيلومتراً حتى تصل الى فلسطين. كما ان اللوحة ستعود الى المتحف الهولندي بعد اختتام العرض، وبذلك تقطع مسافة 7078 كيلومتراً ذهابا وايابا.

وقال الفنان حوراني ان «المشروع يستعير اللوحة من متحف فان آب، ورغم أن اللوحة عرضت في أكثر من مكان بالعالم على مدار الـ50 عاماً الماضية، وهي لوحة تكعيبية تفكيكية من عام ،1943 إلا أنها لم يسبق لها، أو لغيرها، أن كانت في فلسطين للعرض العام». وطلب حوراني استعارة اللوحة من المتحف الهولندي في منتصف عام ،2009 ومنذ ذلك الحين بدأ البحث في كيفية استعارة اللوحة ونقلها إلى فلسطين، حيث أنشئ لها، في داخل مبنى الأكاديمية، متحف مصغر يراعي الظروف أالمتحفية وفق المعايير العالمية لاستقبال هذه اللوحة.

وعلى هامش معرض «بيكاسو في فلسطين»، يستضيف العمل مجموعة من المتحدثين في برنامج أحاديث بيكاسو يومي السبت والاحد المقبلين لفتح النقاش حول هذا المشروع، برمته، فنياً وسياسياً واجتماعياً. كما يجري توثيق المشروع ككل في فيلم سينمائي تحت إشراف المخرج رشيد مشهراوي، وفي مجلة «أي بروير» الفنية في اكتوبر المقبل.

واوضح حوراني ان الجهود لاستعارة وتأمين ونقل اللوحة من متحفها في هولندا إلى فلسطين، استمرت عامين حتى دخلت حيز التنفيذ، وتناول البحث والتحضير الجوانب القانونية والفنية والرسمية للعملية التي يخوضها المشروع، والتي تبدو عادية في أي سياق آخر. وقال ان «المشروع بدأ فكرة لاستعارة لوحة أصلية لعرضها للجمهور الفلسطيني، فإن وجودها في فلسطين يضع أمام الفن العالمي أسئلة حقيقة حول علاقة الفن بالسياسة والجغرافيا والتنقل. وبهذا ستكون أول رحلة لبيكاسو إلى فلسطين، رحلة بحث في الأنظمة التي تحكم حياتنا ومساراتنا في التنقل وفي العلم، ففيه يتم فحص إرث بيكاسو وفنه الحديث، وكذلك دور المتاحف ومقتنياتها في العالم».

واضاف حوراني، صاحب الفكرة، عن المشروع «إنه أكثر من مجرد استعارة لوحة لوضعها في فلسطين، إنه الطريق أالطويل الذي استغرقه العمل للحضور. فهو استعارة للتاريخ أيضاً، وهو يمنح لحياتنا المعاصرة زخماً جديداً، وهو استعارة للأمكنة، وهي تكتسب معانيها من نشاط فني. فخصوصية وضع فلسطين، هي التي تمنح هذا العمل طاقة المستحيل. إنه عمل عن المؤسسات في غير أمكنة والممولين للفن والأصدقاء والإعلام في مغامرة من نوع خاص، تبدأ بحضور عمل بيكاسو إلى فلسطين، لكنها لا تنتهي بعودته».

ويستمر عرض لوحة «وجه امرأة» للفنان بيكاسو، التي تعتبر أيقونة من الفن الحديث، مدة ثلاثة أسابيع في مبنى الأكاديمية الدولية للفنون في رام الله، في غرفة عرض تعتبر أول متحف للفن الحديث في فلسطين من حيث ملائمتها والظروف المتحفية العالمية.

وقال مدير متحف فان آب، تشارلز إيشه، ان «مشروع (بيكاسو في فلسطين) جزء من تطور مداه أكثر اتساعاً، ففيه يترافق الفن التقليدي والحديث مع التغيرات الثقافية والاجتماعية الجارية من حولنا، فإحدى الأسئلة المهمة هي كيف يكون لدور المتحف الأوروبي صيغ ذات معنى في فهمنا للعالم وتناقضاته الداخلية»، مضيفا «أعتقد أننا أيضاً نطور القدرات الكامنة في هذه المقتنيات بواسطة هذا العمل. إن اللوحة هذه خاصتنا، ستتغير برحلتها إلى رام الله، وستأخذ معنى إضافياً، وستبقى القصة جزءاً من تاريخ هذه اللوحة من هذه اللحظة، إذ نشعر بأننا نصنع تاريخاً جديداً في هذا المشروع بالبناء على سابق تاريخ اللوحة».

وتلقى مشروع «بيكاسو في فلسطين» دعماً من مؤسسة موندريان الهولندية ومؤسسة دوين، التي تقول مديرتها التنفيذية، نينا تيلوغن «يجعلنا (بيكاسو في فلسطين) نرى طرقاً مختلفة لعرض الفن، ودوراً جديداً للمتاحف ومعنى جديداً للفن في سياقات مختلفة، أونرى أيضاً أن العرض ممكن في أعقد الظروف، بما في ذلك فلسطين. وهذا ما تقف وراءه وتدعمه مؤسسة دوين».

وذكرت مؤسسة موندريان «لم يحدث سابقاً أن استعرضنا أسئلة الممكن والمستحيل في قضايا استعارة اللوحات لمناطق تعتبر خطرة، عدا عن أنها مقموعة بحكم واقعها. وعليه، فإن دور متحف فان آب يتجرأ بهذه الخطوة، ومع شركاء إعلاميين متميزين وتوفر لنا سياقاً ملائماً وعمقاً للمشروع إلى جانب المسؤولية العامة».

تم اختيار اللوحة وهي «وجه امرأة» (1943) لبابلو بيكاسو، التي يقدر ثمنها بنحو 81 مليون دولار، من قبل طلبة الأكاديمية الدولية للفنون في فلسطين، وهي إحدى أبرز الأعمال التي تعبر عن الفترة التعبيرية التي رسم فيها الفنان العالمي بيكاسو، وهي الفترة التي رسم فيها متأثراً بالحرب الأهلية في إسبانيا. ولذا أيرى كثيرون أن رحلة هذه اللوحة إلى فلسطين مرتبطة بالقضايا المعاصرة والآليات التي تسيطر على الحقوق الثقافية والكفاح عبر أزمنة وأمكنة.

ويعمل في هذا المشروع، إلى جانب خالد حوراني وتشارلز إيشه، كل من فاطمة عبدالكريم من الأكاديمية الدولية للفنون، وريمكو دي بلاي من متحف فان آب.

يترافق مع المعرضين، معرض بيكاسو في رام الله والمعرض التوثيقي لمشرع «بيكاسو في فلسطين» في القدس، برنامج على مدار يومين بعنوان «أحاديث بيكاسو»، الذي يتلو الافتتاح في يوم الجمعة المقبل، ويتحدث عدد من الضيوف العرب والأوروبيين، ويعقبون على ما يعكسه المشروع بشكل موسع ومدى ترابط هذا العمل الفني مع واقع التعاون بين المؤسسات الأوروبية والعربية بصورة عامة. ويتم تنسيق برنامج «أحاديث بيكاسو» بالتعاون مع مؤسسة المعمل، وأوتست في لندن، ومتحف بير زيت الافتراضي ومؤسسة عبدالمحسن قطان ومركز خليل السكاكيني وحوش الفن ومؤسسة صابر ومحترف شبابيك والتقاء الفنانين في غزة.

إن أحد أهم عناصر هذا المشروع الفني، أهو توثيق هذه التجربة الأولى من نوعها، التي تتلخص في فترة التحضيرات والبحث الطويلة للتأمين والنقل وعرض اللوحة وعرض نتائج هذا العمل والتعقيبات عليه وانعكاساته في مجلة الفن «أي بروير» التي تنشر بالعربية والانجليزية، عدداً خاصاً في اكتوبر المقبل.

ويعمل المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، على إنتاج الفيلم السينمائي الوثائقي الذي يتناول التجربة بتفاصيلها من بدايتها حتى عودة اللوحة إلى هولندا.

تويتر