جاي بروك بانك: اقتربت من فلسطين بعد إقامتي في الإمارات

« قصص الجيب ».. أطفـال يصـــورون معاناتهم

صورة

كثيرون شاهدوا الصورة التي تسببت في إنهاء الحرب الأميركية على فيتنام، والتي التقطت في يونيو عام ،1972 وتظهر فيها الطفلة الفيتنامية «كيم فان» عارية تجري صوب الكاميرا وهي تصرخ من آلام احتراق جسدها من الخلف، بفعل القنابل الحارقة. حديثاً عاش الوطن العربي تغييراً جذرياً بعد صورة احتراق الجسد للتونسي «بوعزيزي»، الذي تسبب في إسقاط النظام في تونس وهروب بن علي، ومن بعده ثورة مصر التي خلعت رئيسها السابق محمد حسني مبارك. من هنا تحديداً ومع الاختلاف الزمني للصورتين، أوضح الأكاديمي الأميركي في مجال الإعلام الذي يدرس في «دبي مينس كوليج»، جاي بروك بانك، لـ«الإمارات اليوم»، أن مشروعه الشخصي الذي يحمل عنوان «قصص الجيب»، يأتي من إيمانه بالحق الفلسطيني، والعمل على نقل قضيتها من خلال الصورة الفوتوغرافية، أو من خلال أفلام الفيديو، لأنها تعد أعدل قضية لم تأخذ حقها حتى الآن». مشيراً إلى أن مشروعه يطمح إلى توزريع كاميرات فيديو على أطفال فلسطين، ومن يعيش في مناطق حرب حول العالم، وتدريبهم على التصوير ليحكوا قضيتهم من خلال الكاميرا «فهم أطفال، وما يميزهم أنهم لا يكذبون، وعملنا أن نمنحهم لغة سيفهمها العالم كله، وهي لغة الصورة». مؤكداً أن علاقته مع القضية الفلسطينية ومعاناة شعبها توطدت بعد إقامته في الإمارات منذ أربع سنوات. وقال «كنت أتعاطف تاريخياً مع الشعب الفلسطيني، إلا أنني كنت لا أرى سوى الإعلام الأميركي الداعم لإسرائيل، وجئت الى هنا وتأكدت أن حدسي تجاه هذا الشعب صحيح 100٪». وكشف عن أن مهرجان دبي السينمائي لهذا العام «سيعرض اول فيلم لأطفال فلسطين بكاميراتهم، من خلال قصة لافي الذي سيعود إلى فلسطين الشهر المقبل بعد 31 عاماً من الحرمان، وبعد حصوله على الجنسية الأميركية»، وتحدث جاي عن العقبات التي تعرض لها من قوات الاحتلال الإسرائيلي أثناء عمله في فلسطين.

فلسطين من الإمارات

من يرى جاي وهو يتحدث عن فلسطين يقول إنه تربى في حب هذا البلد وأهله، إلا أن الحقيقة ليست كذلك، حيث قال «نحن نعيش عصر الصورة والإعلام، وأنا كنت معرضا طوال عمري الى وسائل الإعلام الاميركية الصديقة لإسرائيل، فتخيلوا مدى المعلومات التي كنت اتلقاها منذ الصغر؟» واضاف «كنت أشعر دائما بأن الشعب الفلسطيني ليس كما يصوره الغرب، وانه مظلوم، وتيقنت من ذلك وبعد دخولي مجال الاعلام وعالم السينما» واضاف «المحيط الذي اعيش فيه كانت رؤيته للعرب بشكل عام مرتبطة بالارهاب، حتى انني عندما قبلت بعرض العمل في الدولة نصحني اصدقائي بعدم قبوله، لانني سأتعرض للخطر، بما انني احمل الجنسية الاميركية، ولم اتخيل ان يكون العرب بهذا اللطف وهذا الكرم وهذه العزة، وكم انا حزين، لأن الصورة النمطية عن العرب في الغرب لا تحكي الحقيقة، توطدت علاقتي مع القضية الفلسطينية بعد ان جئت الى الإمارات منذ اربع سنوات، من خلال طلابي الإماراتيين وأصدقائي العرب والفلسطينيين أيضاً، فقررت الذهاب إليها.

مشروع للجميع

البداية كانت في فلسطين، لكن مشروع «قصص الجيب» تعنى بتدريب الأطفال ما بين 10 أعوام و16 عاماً، الذين يعيشون في مناطق حرب وخطرة حول العالم، وعن اسم المشروع وحكايته، قال جاي «اعتمدنا تسمية المشروع «قصص الجيب»، كناية عن أن أجهزة الهواتف المحمولة التي أصبحت متاحة بشكل كبير مع الأغلبية، وهي تحتوي على كاميرات، وهذه الكاميرا وعلى الرغم من عدم منافستها الكاميرات المتخصصة، إلا انها تفي بنقل الحقيقية». مشيرا إلى ان ما نشاهده حاليا من خلال نشرات الأخبار مبنية على أفلام مصورة من كاميرات هواتف محمولة، وهي إثبات على الجرائم التي ترتكب بحق الإنسانية في البلاد التي تشهد على ثورات في الوطن العربي. موضحاً أن المشروع قائم على مبدأ العمل التطوعي بكل شيء، سواء في التعليم او من خلال توفير الكاميرات التي نريد توزيعها على الأطفال المعرضين للخطر وللموت في كل لحظة. وأضاف أن المشروع يقوم على فكرة أن الصورة الفوتوغرافية أو المصورة عن طريق الفيديو قادرة على بناء التغيير، ولفت الانتباه للقضايا التي لم تأخذ حقها، وهي في الوقت ذاته توفر فرصة للأطفال كي يسردوا قصصهم التي لا نعرفها كمتلقين، ويبثوا تجاربهم في جميع انحاء العالم، سواء في المهرجانات السينمائية او في المحطات التلفزيوينة. مؤكدا أن الأطفال حول العالم يشبهون بعضهم، واهتماماتهم واحدة حتى إنهم يشاهدون افلام كرتون واحدة، وهم الفئة التي سنحرص على أن تكون أول المشاهدين لما يعانيه اطفال فلسطين، لخلق جيل يقف الى جانبهم ويحقق لهم حلم الوطن.

عملية الاختيار

قال جاي «قررنا أن تكون الفئة العمرية بين 10 سنوات و16 سنة، ويتم اختيار المرشحين من خلال مسؤولين في مراكز اجتماعية لهم اتصال مع إدارات المدارس التي ترشح بدورها الطلاب الذي يحبون العمل في مجال التصوير»، ومن بعدها نقوم على تدريب الطلاب على مدى أسبوعين، ونمنحهم الكاميرا هدية، كي يستمروا في تصوير ما يجري من حولهم من أحداث. مؤكدا أن «القصص ليس من الضروري ان تكون سياسية، فمن الممكن ان تكون اجتماعية أو اقتصادية، ومن الممكن أن يقوم طالب بتصوير شارع أو بيته أو صديق عمره، أو يحكي قصة حبه فتاة ما، وهكذا وبعد عملية التصوير، يقول جاي: يأتي دورنا، إذ نجمع المواد المصورة ونحولها إلى أفلام وثائقية بعيون أطفال لا ذنب لهم سوى ان لا أحد يسمع صوتهم.

جاي الذي كان في فلسطين الصيف الماضي، وزار القدس ورام الله وجنين ومخيم بلاطة ونابلس، قال «كنت أتمنى أن أزور غزة، لكنهم رفضوا إعطائي التصريح، لكنني سأحرص على زيارتها الشهر المقبل، وكذا مدن فلسطين. وقال «من الصعب وصف الشعور، فعتاقة المدن تأكيد على هويتها العربية الفلسطينية ولا مجال ألا تكون غير ذلك. مشيرا إلى أن مدينة رام الله حديثة نوعاً ما، كون مقر الرئاسة فيها، لكنها تحتفظ أيضا بعتاقة مخبأة من السهل ايجادها. جاي الذي عندما يلفظ مصطلح اسرائيل يؤشر بعلامتي التنصيص، كأنه يؤكد عدم اعترافه بهذا الكيان قال: «ذهبت أيضا إلى يافا، ولم اشعر إلا انها يافا الفلسطينية، على الرغم من المحاولات الاسرائيلية في تحويلها إلى مدينة في مقاييس عالمية، لكنها ستظل يافا».

عراقيل إسرائيلية

تحدث جاي عن أطفال فلسطين قائلاً: «هم حالمون ويتحدون الظروف الصعبة، ومع ذلك فلديهم ابتسامة قادرة على هدم الجدار الذي قوقعهم وعزلهم عن العالم بشكل كبير. وأضاف كنت أحرص على مشاهدتهم وهم يقصدون المدرسة، ويقفزون من حاجز الى آخر، ويحاولون التسلق على الجدار العنصري، ويرمون حقائبهم من على الجهة الثانية، صور من شأنها أن تبقى في الذاكرة، ومن حقها ان تنتشر. وقال أيضا «بالنسبة للأطفال في المشروع فهم أطفال حكاياتهم بريئة براءة عيونهم، على الرغم من ان تلك العيون لم تر الفرح كثيراً، يحكون قصصهم بمنتهى الشفافية، على الرغم من الألم في تلك القصص، ولقهر والظلم، إلا أن قلوبهم شجاعة محاربة لأي اعتداء وأي عدوان، بينهم الكثير ممن فقد والديه أو صديقه أو شقيقه، إلا ان رغبتهم في الحياة اقوى من أي حزن، كم تعلقت بهم وأحببتهم، وتعلمت منهم كيف ان صاحب الحق لا يهمه إلا ان ينقل الحقيقة، وتعلمت منهم الصمود». وعن اذا ما تعرض ومشروعه لأي عراقيل اسرائيلية، قال: ««نعم، خصوصاً في ما يتعلق بين المدن والوقوف على الحواجز وعمليات التفتيش المهينة»، مشيرا إلى أنه على الرغم من جنسيته الاميركية إلا أنهم يدركون أن ما أقوم به ضدهم، لذلك يعاملونني بطريقة فجة.

تويتر