د.مناهل ثابت: أبوظبي وجهة عالمية للتنمية المستدامة

مزاد «بيجو».. 35 قطعـة نـادرة بينها «صقـر زايد»

الفنانة السعودية خلود كردي شاركت في تصميم قطع المزاد العالمي. تصوير: إريك أرازاس

قالت سفيرة النوايا الحسنة لمؤسسة «إيكو آرت العالمية» في منطقة الشرق الأوسط، الدكتورة مناهل ثابت، ان الإمارات؛ وأبوظبي بشكل خاص، استطاعت أن تفرض نفسها واحدة من أكثر الدول إنجازاً في مجال الحفاظ على البيئة والتنمية المستدامة في العالم. إذ استطاعت ان تتجاوز مرحلة الخطابات والمؤتمرات والاجتماعات التي مازال معظم الدول رهيناً لها، لتنتقل إلى مرحلة العمل بإنشاء مدينة «مصدر» التي باتت تعد وجهة عالمية ونموذجاً فريداً للمدن الخضراء. كما تمثل تجسيداً لرؤية ابوظبي المستقبلية .2030 معربة عن أملها أن تقتدي دول العالم بمدينة «مصدر» وما تتميز به من توافق مع البيئة، ومفاهيم التنمية المستدامة.

وأوضحت ثابت لـ«الإمارات اليوم» ان انجازات ابوظبي في مجال البيئة والحفاظ عليها، كانت من أهم أسباب اختيارها لإقامة المزاد العالمي المتجول «بيجو 2010» الذي تقيمه مؤسسة «إيكو آرت العالمية» في 13 نوفمبر الجاري على جزيرة نوراي، ويحضره الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان والأمير ألبير الثاني أمير موناكو، بالإضافة إلى 350 من الشخصيات العالمية والمهمة، وهي المرة الأولى التي يقام فيها المزاد في منطقة الشرق الأوسط. وأضافت «يركز المزاد المتجول هذا العام على طائرين مهددين بالانقراض هما الصقر الحر الإماراتي، وطائر كالاو هورنبيل السنغافوري، اللذان اختارتهما المؤسسة بعد دراسات واسعة، حيث قام 35 من أبرز مصممي ومصنعي المجوهرات على مستوى العالم منهم بوميللاتو، وكارلو سيرلاتي، وديفيد شيلينغ، وميلينا زيفو، وإم سي إل، وكينزو بتصنيع 36 قطعة مجوهرات استوحت تصاميمها من هذين الطائرين اللذين بات وجودهما محدوداً للغاية».

الصقر الحر


عن كيفية اختيار موضوع المزاد كل عام أشارت د.مناهل الحاصلة على جائزة التميز في المجال الإنساني والبيئي عام ،2000 إلى أن الاختيار يتم بناء على دراسات يقوم بها مستشارون متخصصون، واستشارات مستفيضة مع مؤسسات وجهات مختصة بالحفاظ على البيئة والحياة البرية. لافتة إلى ان الصقر الحر في الفترة الحالية غير مهدد بالانقراض، ولكن تشير الدراسات إلى انه قد يتعرض للانقراض بعد ما يقرب من 20 عاماً إذا لم تتخذ إجراءات منظمة لحمايته. موضحة انه سيتم عرض المجموعة في عدد من دول العالم، إذ تنطلق من موناكو مروراً بسنغافورة وطوكيو قبل أن يقام حفل العشاء الختامي الذي سيشهد بيع القطع النفيسة المستوحاة من الطائرين في ابوظبي. وقالت «يتم اختيار المحطات التي يمر بها المزاد المتجول وفقاً للموضوع الذي تدور حوله الحملة، فمثلاً هذا العام تبدأ الجولة من سنغافورة موطن طائر كالاو هورنبيل، ثم طوكيو نظراً لأن الأميرة اليابانية هيساكو تاكامادو هي الرئيس الفخري لمنظمة حياة الطيور الدولية التي ستستفيد من عائدات المزاد، ثم تنتهي الجولة في ابوظبي مقر الطائر الثاني الذي تستهدفه الحملة وهو الصقر الحر.

استثمار مضمون

ذكرت ثابت أنه من الصعب توقع المبلغ الذي يمكن ان يسفر عنه المزاد، حيث يعتمد الأمر بدرجة كبيرة على تفاعل الحضور مع القطع المعروضة. معربة عن أملها ان يحقق المزاد عائداً يفوق العائد الذي حققه العام الماضي، الذي بلغ مليون دولار أميركي. كما اعتبرت ان الأزمة الاقتصادية التي يمر بها الكثير من مناطق العال،مليس لها تأثير كبير في المزاد والعائدات المتوقعة منه، نظراً إلى أن القطع المعروضة فريدة من نوعها ولم يتم تنفيذ سوى قطعة واحدة من كل تصميم، كما أن المزاد يبدأ من قيمة الكلفة الحقيقية لكل قطعة، ثم يبدأ بعد ذلك السعر في الارتفاع وفقاً لتفاعل الحضور، بالإضافة إلى ان المجوهرات خصوصاً المصممة بتوقيع كبار المصممين في العالم تمثل استثماراً جيداً وتأتي عائداته أسرع من القطع الفنية الأخرى كاللوحات والمنحوتات وغيرها.

وقالت د.مناهل ان مؤسسة «إيكو آرت» تقوم بجمع التبرعات ثم توزيعها بعد ذلك على عدد من الجمعيات المختصة بالبيئة والتوعية البيئية، وهذا العام سيتم التبرع بكامل عائدات المزاد لمصلحة خمس مؤسسات خيرية هي: مؤسسة الأمير ألبير الثاني في موناكو، ومنظمة حياة الطيور الدولية، وأونا إينيرجي تشيلدرنز فوند، ومؤسسة الحافظ، ومؤسسة إنسانية من دولة الإمارات العربية المتحدة سيتم تسميتها من قبل الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، مشيرة إلى ان مستوى الوعي البيئي في المنطقة العربية بدأ يتزايد يوماً بعد يوم، وان هناك العديد من المنظمات العربية استطاعت ان توجد وتحقق نتائج ايجابية، «لكن عليها ان تسعى للعمل والتعاون مع منظمات عالمية حتى تستطيع ان تكون أكثر انتشاراً وتأثيراً».

واعتبرت سفيرة النوايا الحسنة لمؤسسة «إيكو آرت العالمية» ان المحصلة النهائية لتجربة منح فنانين لقب سفراء لمختلف المنظمات الإنسانية العالمية إيجابية. موضحة ان معايير اختيار الفنان غالباً ما ترجع إلى المنظمة نفسها، وفي كثير من الأحيان يصبح مجرد تعيين الفنان في هذا المنصب رسالة ايجابية، اذ يلفت انتباه شريحة كبيرة من الجمهور للمنظمة وأهدافها.

صقر زايد

من جانبها، أشارت الفنانة السعودية خلود كردي، مصممة المجوهرات التي شاركت في تصميم القطع المعروضة في المزاد العالمي، إلى انها استلهمت التصميم الذي تشارك به من أشعار المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، إذ استخدمت كلمات بيتين له في وصف الصقر لتكوّن منها دبوساً على شكل صقر أطلقت عليه «صقر زايد»، واستخدمت في تنفيذه 60 غراماً من الذهب الأبيض والأصفر، وثلاثة قراريط من الألماس، واستغرق ما يقرب من الشهر ونصف الشهر حتى تحول من فكرة إلى قطعة متميزة من المجوهرات. وقد حصلت على لقب «أفضل مصممة مجوهرات عربية ناشئة» من معرض المجوهرات والساعات الذي أقيم في البحرين في أكتوبر الماضي. لافتة إلى ان اختيارها للمشاركة في مثل هذا الحدث الخيري العالمي، يمثل دفعة قوية لها للاستمرار والنجاح.

وذكرت كردي التي أطلق عليها كتاب توثيقي عن المجوهرات في الوطن العربي لقب «جوهرة الصحراء»، انها تميل في عملها إلى تقديم قطع المجوهرات «الكبيرة الحجم» ذات التصميمات الفريدة، حيث تعمل على تنفيذ قلادة تتضمن قطعة من الزمرد بوزن 75 قيراطاً، كما سبق أن صممت خاتماً يحوي قطعة ألماس بوزن خمسة قراريط. كما تسعى دائماً إلى استخدام الألماس الملون، خصوصاً الألوان غير الشائعة مثل الزهري والأزرق والأخضر، موضحة ان تصميماتها تعتمد في الغالب على ابراز جاذبية الحجر الكريم الذي تضمه القطعة من خلال بساطة التصميم نفسه.

واعتبرت كردي التي دخلت مجال التصميم منذ ما يقرب من عامين وعملت قبلها مدة أربع سنوات مديرة لمنطقة الخليج في بورصة دبي للألماس؛ ان ثقافة الاستثمار في الأحجار الكريمة مازالت غير منتشرة في العالم العربي مثل انتشارها في الغرب، مشيرة إلى ان إيجاد مكان على الساحة يتطلب الكثير من الجهد والعمل المتميز، خصوصاً في البداية، «لكن في النهاية يفرض العمل الجيد نفسه».

قطع فريدة

أشارت مصممة المجوهرات ابتسام صعب، التي تشارك في المزاد بقطعتين، إلى أن الصقر أيضا كان موضوع تصميمها، حيث قامت في البداية بتصميم خاتم على شكل رأس الصقر، استخدمت فيه الذهب الأبيض والألماس الأبيض والبني، بينما اختارت الياقوت للعينين. ولكنها عادت لتضع تصميماً آخر عبارة عن حلق لصقر صغير، من الذهب الأبيض والأسود والزهري، واختارت للمنقار حجراً كريماً نادر هو «الجيد». وقد حاز التصميمان إعجاب القائمين على المزاد وقاما بضمهما للعرض، معربة عن سعادتها بالمشاركة في الحدث الخيري. وقالت «شاركت من قبل في العديد من المعارض، ولكنها كانت ذات طابع تجاري، بينما يحمل هذا الحدث طابعاً فنياً إلى جانب طابعه الإنساني، كما أستعد للمشاركة بتصميم جديد في مزاد خيري أيضا يقام في الثاني من ديسمبر المقبل في موناكو، لمصلحة جمعية خيرية تترأسها الأميرة ستيفاني لمحاربة الإيدز».

وتصر صعب على ان تكون تصميماتها فريدة، فلا تنفذ من التصميم إلا قطعة واحدة فقط. معتبرة ان المرأة عندما تقرر شراء قطعة مجوهرات فهي تسعى إلى الحصول على قطعة فريدة تعبر عن ذوقها واسلوبها وجانب من شخصيتها، كما أشارت إلى تأثرها بالفترة التي أقامت فيها بالإمارات حيث انعكس ذلك على تصميماتها، اذ تبرز فيها روح الصحراء برمالها وتموجاتها الساحرة، وشمس الخليج المتوهجة، كما استلهمت مجموعتها الأخيرة من عالم البحار، وما تزخر به أعماق البحار من مخلوقات جميلة، خصوصاً نجمة البحر والقواقع.

تويتر