تشارك فيه 11 فنانة ويعزز خطوات المرأة التشكيلية

«نساء في الفن».. الألوان مؤنـثة ويعوّل عليها

ردينة فردون تألقت ألوانها الزيتيــــة علـى المخمل. تصوير: مصطفى قاسمي

استطاع معرض «نساء في الفن» الذي افتتح أخيراً في كورت يارد غاليري في دبي، تعزيز صورة المرأة ومكانتها في عالم الفن، سواء في التشكيل أو التصوير. وقد قدمت الفنانات المشاركات الفن التشكيلي بأساليبه ومدارسه المتنوعة، بدءاً من التجريد ووصولاً الى المدرسة الانطباعية والواقعية، ثم أنماط الفن المعاصر. ومن الجهة الأخرى، كان فن التصوير الضوئي نابعاً من الحياة الإماراتية، سواء بتراثها أو حتى طبيعتها الصحراوية، فيما تميز «الديجتال آرت» بتقديمه رؤية عصرية للفن تختلف عن عالمي التصوير والتشكيل.

أنوثة

مجوهرات

عُرضت في المعرض الذي شاركت فيه 11 فنانة، مجموعة من تصاميم المجوهرات، والمصنعة من الأحجار الثمينة، والأحجار نصف الثمينة. وقد طغت على القطع الموجودة، التصاميم الكبيرة الحجم، فكانت العقود تتألف من أحجار صغيرة، اما أن يتوسطها تصميم الورود، أو حجر كبير محفور. أما الألوان التي استخدمت فتباينت بين الزهري والأزرق والأصفر والأسود والأبيض.

وفي الواقع عندما يتجلى الحس النسائي في الأعمال، يشعر المتلقي بشيء من الحميمية في الألوان، التي قلما تكون قاسية، ولربما حضرت هنا، بشكلٍ ما، مقولة الفيلسوف «ابن عربي» «ما لا يؤنث لا يُعوّل عليه»، إذ بدا كل شيء مؤنثاً بالكامل، وحرصت النساء على عرض أفكارهن بتسلسل لوني يتقدم بتدرجات واثقةٍ الى جانب أنوثتهن، ومتماهياً مع ما يُعوّلن عليه، أما الأعمال الفنية، فبدأت مع الأشكال الهندسية التي تقسّم فيها العراقية لينا العقيلي اللوحة لتقدم عالم المرأة بخصوصية دافئة، ثم انتقلت الى التجريد مع أفكار الفرنسية الجزائرية الاصل دجميلة مدبوحي، التي نقلت واقع دبي وزخم الحياة والأبراج فيها بريشة تجريدية الألوان مزجت بين الفرح والتفاؤل. ولم تغب الأعمال الانطباعية عن المعرض، فكانت متجلية في أعمال الموريشيوسية بريجيت روشاي، التي نقلت الحياة في دبي، متخذة من سوق مدينة جميرا موضوعاً للوحاتها. وإلى جانب اللوحات الزيتية الواقعية، استخدمت الفنانة الباكستانية فاطمة رحمن، الخامات المتعددة، لتنتج من خلالها أعمالاً معاصرة، وتنجز الحروف العربية بصورة تشكيلية رمزية، تبرز أهمية تكافؤ اللون والشكل في العمل الفني.

وقد حمل المعرض الذي يستمر حتى 11 نوفمبر المقبل، أفكاراً جديدة، لاسيما لجهة استخدام المخمل خامة للرسم عليها، وذلك في أعمال اللبنانية ردينة فردون، إذ مكنتها الخامة من إبراز قوة وقع اللون، وكذلك قدرته على ايصال الفكرة وربطها بالزمن الذي كانت تصوره وهو زمن السلاطين والأمراء. في المقابل، قدمت اللبنانية سوزان ناصيف، لوحات من «الديجتال آرت» الذي يعتبر من الفنون الحديثة التي تجمع بين فن التصوير وتكنولوجيا البرامج والطباعة.

أما التصوير الضوئي، فقد قدم بأعمال تبرز بيئة الحياة الإماراتية وتراثها، إذ ركزت الاماراتية موزة الفلاسي على إظهار الصحراء، والغزال الذي التقطته في اكثر من حركة. بينما أكدت المواطنة نادرة بدري أن النساء الاماراتيات يشتغلن بأيديهن تراث البلد. وبالإضافة الى كل ذلك، كانت هناك أعمال تصور الطبيعة للألمانية بربرا ويدج، في حين رسمت المواطنة ذهبية بألوانها المائية الحركة الدائرية للأشياء، كأنها إشارة الى الكون والعالم، الذي برز ايضا في أعمال الألمانية بريجيت بوتلسكي، التي اعتمدت على ألوان الكون لتصور كوكبا في الليل والنهار.

امرأة

 

لوحات حروفية للفنانة الباكستانية فاطمة رحمن


سوزان ناصيف أمام جانب من أعمالها

وتقول الفنانة العراقية لينا العقيلي عن أعمالها «استخدمت ألواناً محددة في إبراز عالم المرأة، ولكني أعتمد على الوجوه، وكوني درست الهندسة المعمارية، بات لدي نوع من التركيب الهندسي في الألوان، حتى صار هذا الارتباط بين اللون والتركيب تلقائياً». ولفتت الفنانة التي كل أعمالها عن المرأة، الى أنه في القدم كان معظم الفنانين من الذكور، وبالتالي كانت تعرض المرأة من وجهة نظر الرجل. واعتبرت أن الرجل ينظر للمرأة على أنها مخلوق أضعف منه، بينما المرأة نظرتها مختلفة لغيرها من النساء، فهي تنظر للطموح والنجاح. بينما لفتت اللبنانية ردينة فردون، الى أن تغيير الخامة الأساسية التي اعتمدتها (المخمل) ساعدتها على إبراز اللون، فهي تعمل على تفتيح لون المخمل. واعتبرت أن هذه اللوحات التي تقدمها والمتأثرة بالشرق الأوسط القديم برزت اكثر مع الخامة الجديدة التي اختارتها. وأكدت أنها تلاحظ أن ميول الناس في الفن الجديد والمعاصر إلى التجريد، بينما هي تميل الى المدرسة الانطباعية.

الهوية التراثية

الإماراتية نادرة بدري قالت إن تصويرها للنساء وهن يعملن في أشغال تراثية التقطتها من مهرجان في الضفرة، لم يكن من أجل المشاركة في هذا المعرض، ولكن فكرة الصور ناسبت المعرض. وقدمت فكرة الصور التي شاركت بها بالقول، «أنا كمصورة ابتكر الفن، ولكن النساء بما كن يشتغلن، أبدعن في ابتكار الفن واستخدامه في المنزل». ونوهت بأن الهوية التراثية شبه مخفية، «لأن النساء الإماراتيات يفضلن عدم الظهور، وبالتالي سعيت الى ان أبرز أدوارهن بأيديهن». واعتبرت التصوير تجميداً للحظة، ومدى أهميته تنبع من كونه مرتبطاً بالواقع دون إضافات. بينما من جهتها اللبنانية سوزان ناصيف، التي قدمت أربع لوحات من «الديجتال آرت»، عرضت لمفهوم الديجتال آرت، فقالت، «يمكن القول انه الجديد المختلف، لأنه عمل صعب وهو بدأ في الخارج، واليوم صار ينتشر في دبي». واعتبرت أنه من الأعمال الصعبة، كونه يحتاج للتفكير في الصور، وكذلك الفكرة والألوان، «فمثلاً في لوحاتي حاولت أن أقدم المرأة التي تمثل الحياة، ضمن صورة رمانة التي تعتبر رمز التجدد، بأسلوب فني يعتمد على المزج والتركيب، فأحببت ان تكون المرأة راقصة الباليه ضمن الرمانة، والتقطت الصور الكفيلة بإنتاج الفكرة». ولفتت إلى أن الناس اعتادوا فكرة اللوحات الزيتية، ومن الصعب أن يقتنعوا بهذا الفن الجديد، علماً بأن اللوحة هنا تحمل فكرة، وبالتالي أرى أنهم يحتاجوا إلى وقت كي يقتنعوا بهذا الفن. ونوهت بأن لوحاتها الزيتية تستغرق الوقت نفسه الذي يحتاجه «الديجتال آرت».

تويتر