ندوة حضرها محمد بن راشد في الذكرى الـ 20 لرحيل المغـــفور له الشيخ راشد

ملامح من حياة رجـــل دولة

محمد بن راشد يلقي شعراً خلال الندوة وبجانبه ماجد بن محمد. تصوير: مصطفى قاسمي

«ملامح من حياة رجل دولة» هو عنوان الندوة التي استضافتها ندوة الثقافة والعلوم في دبي، أول من أمس، في الذكرى الـ20 لرحيل المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، باني ومؤسس نهضة دبي الحديثة، بحضور صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الذي أجاب شعراً عن سؤال إحدى الحاضرات، فيما أحال الأديب عبدالغفار حسين في الندوة التي أدارها مستشار صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للشؤون الثقافية والإنسانية إبراهيم بوملحة، إلى الكثير من التفاصيل في حياة المغفور له.

الندوة التي حضرها أيضاً سموّ الشيخ ماجد بن محمد بن راشد آل مكتوم، وعدد من الوزراء والمسؤولين والمثقفين، جاءت بمثابة الفاتحة لموسم ثقافي جديد لـ«ندوة الثقافة والعلوم»، وصاحبها معرض صور في مدخل المبنى الحديث، وثّق لأحداث تاريخية وسياسية واقتصادية وحضارية وغيرها استلهمت نضجها من فكر وعزيمة المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، فيما رصدت الكثير من الصور بشكل خاص إعلان اتحاد الدولة وما سبقه من اجتماعات مختلفة لقادة الاتحاد.

صور حاضرة

 توقّف حضور ندوة «ملامح من حياة رجل دولة» التي استضافتها ندوة الثقافة والعلوم مساء أول من أمس، بمناسبة الذكرى الـ20 لوفاة المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طويلاً قبيل وبعد الندوة حول معرض أحال إلى جوانب من بصمات المغفور له، سواء في ما يتعلق بدولة الاتحاد أو إمارة دبي. أقدم الصور التي يحتفظ بها مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث في هذا الصدد تعود إلى عام ،1935 وجمعت بين المغفور لهما الشيخ سعيد بن مكتوم آل مكتوم، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، فيما أبرزت صورة تعود إلى عام 1960 زيارة تفقّدية للشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم الى المدرسة الصناعية في دبي، وحمل بعضها إحالة إلى العديد من القرارات والمواقف المصيرية في مسيرة دبي والإمارات، منها القرار الاتحادي بشأن توحيد النقد والبريد وعلم الاتحاد ونشيده وشعاره الرسمي، ونص اتفاقية إنشاء اتحاد الإمارات، وصور لحكام الإمارات في قصر الضيافة بالجميرا إبّان إعلان الاتحاد.

وأضفت أبيات شعرية قالها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نكهة خاصة على الندوة، إذ قال سموّه:

يا مرحبا بضيفنا وألف مرحبا

ترحيبة تسمع لها ترجيع

وجيت في دارك وبيتك ومنزلك

في وسط دار والمحل وسيع

والعز له دربين بادع وتابع

واللي حوى الاثنين صار رفيع

وتشير القصيدة إلى العلاقة الخاصة التي جمعت صاحب السموّ حاكم دبي ووالده المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، وهو أمر توقفت الندوة عند جوانب منه، بعدما أشار بوملحة في تقديمه الندوة قائلاً: «الواجب يحتم علينا أن نحكي ونتحدث عن المغفور له للأجيال، ناقلين ما شاهدناه وعايشناه من مكارم ومحامد وإنجازات وأخبار، ومعاناة من أجل إسعاد الآخرين، ما نطمح أن يكون ملء سمع وبصر أبناء الحاضر وفكرهم، كما كان كذلك ولايزال بالنسبة لنا، نابضاً بأجمل وأغلى الذكريات»، مشيراً إلى أن قدرة الباحث عبدالغفار حسين على تناول ذلك والحديث عنه مستمدة من معاصرته له وعمله في إحدى إداراته وتحت توجيهه في أحد أكثر القطاعات حيويةً وهي بلدية دبي التي كان نائباً لمديرها.

أعلام الإمارات

في مستهل ورقته أكد عبدالغفار حسين أن «الحديث عن أعلام الإمارات يجب أن يظل متواصلاً لأهميته عموماً ولجيل الشباب خصوصاً، فالإمارات مستمرة دائماً في إخراج رجال ماهرين في قيادة الدفة»، وأشار إلى أن «صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم اقتفى معالم طريق من سبقوه،ولكن بالاعتماد على النفس، ولسان حاله يردّد قول الشاعر:

لسنا وإن كرمت أوائلنا

يوماً على الأنساب نتكّل

نبني كما كانت أوائلنا تبني

ونفعل مثل ما فعلوا

وأشار حسين إلى قول صاحب السموّ حاكم دبي، في كتاب «رؤيتي»: «نحن حملنا راية والدنا، مثلما حمل هو راية والده، قبله، وتابعنا المسيرة.. كل الفرق أنه كان يقوم بأعمال في الستينات والسبعينات، بينما نقوم نحن بأعمال مشابهة في العقود التي بعدها، لكن الهدف واحد، هو تنمية دبي وضمان مستقبل المواطنين والمقيمين والسهر على راحتهم وأمنهم، في بيوتهم ومدينتهم».

صبر وحكمة

لفت حسين إلى أنه لن يقصر حديثه في ذكرى المغفور له راشد بن سعيد آل مكتوم حول موضوع بعينه، نظراً لعظم إنجازاته وشموليتها وتماسها مع مختلف المناحي والميادين، مشيراً إلى أن العفوية والبساطة من الخصال الرئيسة للمغفور له، بالقدر ذاته الذي يحوز فيه سمات الصبر والأناة والتريث والحكمة في حسم الأمور، مضيفا أن من حسن الطالع أن يكون قائد نهضة دبي الحديثة وهو صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، خريج تلك المدرسة التي تعلّم فيها على يد أبيه أصول إدارة الحكم، بل إن المغفور له كان «يرى فتوّته وشجاعته وعزيمته وحبه للعمل في ولده محمد، وكأن الأب يعد ابنه لهذا اليوم».

وتوقّف عند الملمح القيادي في جوانب شخصية المغفور له، مشيراً إلى أنه «كان رجل دولة مرموقاً، ذا شخصية جذابة قوية، يحترم تعهداته واتفاقاته مهما كلفه ذلك من صعاب»، مشيراً إلى حكمته في التمسك بفكرة إقامة الدولة على أساس اتحاد فيدرالي، وأثبتت الأيام أيضاً أنه كان على صواب».

حداد وخشوع

تذكّر حسين مع الحاضرين يوم رحيل المغفور له، ووقوف المجتمعين في جلسة انعقاد للأمم المتحدة حداداً بعد علمهم بنبأ رحيله، في سابقة جديدة في هذا السياق ليكون من خلالها المغفور له أول زعيم ليس برئيس دولة تُصدر بشأن رحيله الهيئة الأممية ردة الفعل تلك، التي تؤكد مكانته الكبيرة بين زعماء العالم وساسته.

وأشار إلى أن حس المواطنة وحقوق المواطن كانا من المحاور الأساسية التي أولاها المغفور له عناية خاصة.

وتحدث عن فطنة المغفور له واستباقه كثيراً من الأعراف والمواثيق الدولية، عندما قرر في مرحلة مبكرة من نشأة الدولة أن «كل من عاش عندنا فترة طويلة، وأصبح ولاؤه للبلد ولنا كحكام، فهو منا ويستحق الجنسية مهما كانت جنسيته الأصلية»، وهو بذلك كان يعلي حس المواطنة على فئوية الانتماء إلى القبيلة، مشيراً إلى أن المغفور له كان رجل دولة قوياً وعصرياً. وتحدث حسين عن حكمة المغفور له وحرصه على «الاحتفاظ بعلاقات متوازنة وودية في علاقاته الدولية، فقد كان يرى أن الازدهار التجاري لدبي قائم على الحيادية والعلاقات الودية بينها وبين مختلف الأطراف.

كان سياسياً محنكاً، يقدم مصلحة الوطن والأمة ويعليها على مختلف العواطف والاهتمامات»، لافتاً إلى ان اتجاهه في وقت مبكر إلى تأسيس بنية تحتية حديثة كان بمثابة الأساس إلى البناء العصري الذي يواصل تشييده صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.

تويتر