يقرأن في أمسيات نسائية مغلقة وعلى «الإنترنت»

شاعرات خليجيات يكتــبن بأسماء مستعارة

مستورة الأحمدي: تعبت من الشاعرات المتخفيات وراء أسماء مستعارة . من المصدر

على الرغم من التحولات الاجتماعية في السنوات الاخيرة، إلا ان شاعرات خليجيات لا يزلن حتى اليوم يكتبن بأسماء مستعارة، ويقرأن في حلقات نسائية مغلقة او عبر الانترنت. ويعبرن عن قيود في المجتمع تح.جل دون ظهورهن العلني. وقد أقيمت أخيراً في العاصمة القطرية، الدوحة، أمسية شعرية نسائية ضمن فعاليات الدوحة عاصمة الثقافة العربية لشاعرتين من قطر هما «الوافي» و«رموز»، والشاعرة السعودية مستورة الأحمدي التي كانت شاركت في برنامج «شاعر المليون» على قناة أبو ظبي. وقالت مستورة أنها تهتم بمعالجة كثير من القضايا في الشعر الذي تكتبه، ولاسيما مشكلات المرأة الخليجية التي تضطر الى عدم الظهور في المجتمع، مضيفة «من الطبيعي أن يعبر الانسان عن همومه الخاصة وهموم المحيطين به، ولهذا تظهر هذه الموضوعات في شعري». وأكدت أن قضايا الرجال «أشبعت في الشعر من قبل الرجال، ولكن المرأة لم تقدم أفكارها كلها بعد»، مشددة على أن نكهة الشعر النسائية مختلفة، فهي تركز على الوجدانيات، متهمة الشاعر الرجل، بأنه «غالبا ما يركز على اثارة الغرائز في شعره، فهو يتحدث عن مفاتن المرأة، فيما المرأة تتحدث عن العاطفة، وهذا موجود في طبيعتها».

واعتبرت الشاعرة السعودية أن« المرأة الجادة تحاول أن تناقش الأمور بعقلانية ممزوجة بعاطفة، بينما الرجل عقلانية ممزوجة بعنف وشدة»، لافتة الى انها انتقلت الى كتابة الشعر الشعبي الى الشعر العمودي وقصيدة التفعيلة، مع الحفاظ على الوجدانية فيه، لأن الشعر لا يكون شعراً ما لم يكن عاطفياً، حسب وصفها. لكنها لم تفكر في خوض تجربة قصيدة النثر الذي لا تجده ممتعاً. وحول بلاغة شعر المرأة، قالت، «لا يمكن إجراء المقارنة، فالشاعرة السعودية ليس لديها مساحة الحرية نفسها التي يملكها الرجل، فمساحة الحركة والاندماج مع الآخر محددة، وإجراء أي مقارنة بين طرفين يفترض أن تقوم على تساوي أطراف المقارنة». واعتبرت أن الابداع لا يصنف بين رجل وامرأة، كما أنه لا يجب أن ننسب القصور والضعف للمرأة. ولفتت الى أن «المجتمع الخليجي بدأ يسمح قليلاً للمرأة بحقها في التعبير بالشعر وغيره، علما أن المجتمع لايزال يتحدث الى المرأة من وراء ستار، فهم لا يريدون التحدث مع المرأة مباشرة، بل عن طريق وسيط، كي يعيدوها الى عزلتها»، مضيفة أن «الشعر مصاب بحمى التشدق فيكتب البعض ما لا يمكن فعله، ويتغنون بأمور لم يعد لها وجود»، مشددة على أهمية تحضر المفاهيم، «حيث إنه بدلاً من التكلم عن اشياء ليست موجودة في المجتمع، فيظهر الشعر غنياً بألفاظ التهديد والوعيد، والافتخار، نحن بحاجة إلى تطبيق الحب وليس الحديث عنه فقط».

وخاطبت الشاعرة مستورة المرأة الخليجية بقولها «انت موجودة إذا أثبتي وجودك، ولا تكوني صدى لمفاهيم ترفضينها من الداخل، بل تتبنينها كي لا تُهاجمي، لذا عاندي ما أنت ضده كي يتغير». وأكدت أن الازدواجية أتعبتها، كما تعبت من الأسماء المستعارة التي تتخفى وراءها شاعرات خليجيات. وأكدت أن لديها ديوانا موجودا على موقع الكتروني، وستقوم هيئة ابوظبي للتراث بنشر ديوانها «حروف لا تجر»، بعدما شاركت في برنامج «شاعر المليون».

حضور نسائي

قالت محررة صفحة «همسات شعرية» في صحيفة «الوطن»، التي تقدم بعض الامسيات الشعرية بدرية حسن، إن حضور الأمسيات قليل نسبياً، مشيرة إلى أنه «سابقا لم يكن هناك بروز لشاعرات الامارات، لكننا اليوم بدأنا نرى حضورا للشاعرات الإماراتيات والسعوديات بشكل واضح، وفي الفترة الأخيرة بدأت القطريات بالظهور في الأمسيات». ولفتت الى أن «الشاعرات يعبرن عن الحياة والظروف المحيطة بهن من خلال قصائدهن، ويعبرن عن قضايا المرأة، فالقضايا الاجتماعية حاضرة أكثر من العاطفية». واعتبرت أن الأمسيات النسائية أحياناً لا يكون حضورها قوياً.

مسألة شخصية

الشاعرة القطرية التي تكتب باسم مستعار هو «الوافي» قالت «أعالج في شعري الكثير من القضايا، ولا أحكي عن الوجدانيات فقط، بل أتحدث عن فلسطين، وكذلك كتبت عن الصم والبكم كوني متطوعة في مركز لمعالجتهم». ولفتت الى ان «عادات المجتمع وتقاليده تقيد المرأة، وبالتالي لا يمكنها الكشف عن مشاعرها». لكنها اشارت الى أنه بدأ الاهتمام جيداً بالمرأة في الخليج فقد توافرت لها فرصة الاهتمام بالشعر والثقافة. ولفتت «الوافي» الى أنه لا مشكلة لديها من الجلسات النسائية، فهي تذهب وتلقي الشعر فيها، فأهم ما تطلبه هو ان يكون التعامل نسائيا.

واعتبرت الشاعرة القطرية أن «الرجال لا يعترفون بنجاح المرأة الخليجية في الشعر، ودائما تتهم بأن هناك من يكتب لها، علما أن الشعر معروف في بيئتنا القديمة، وهناك نساء يشهد لثقافتهن وإبداعهن في هذا المجال». وأكدت أن قوة الطرح هي التي تميز الشاعر عن غيره.

وبين الواقع والخيال تميل «الوافي» الى الصور الخيالية في شعرها. وقالت أن شعرها موجود على المواقع والمنتديات الشعرية، وكذلك ينشر في المجلات الشعرية، وفي ملحق صحيفة «الشرق» القطرية، مشددة على أنها تحتاج إلى وقت كي تنشر ديوانها الأول.

وأوضحت الشاعرة «الوافي» التي تحب هذا اللقب كونه يرمز للوفاء، أن معرفة الناس اسمها الحقيقي لن يكسبها أي شيء، «فهو مسألة شخصية، كما أنه على الرغم من دعم أهلي لي، إلا أنني أثق بأن المجتمع لن يتقبل وجودي شاعرة، كونهم يعتبرونه ترجمة شخصية لأحاسيسي».

لا يقل بلاغة

أكدت الشاعرة القطرية التي اختارت الاسم المستعار «رموز»، أن الشعر الوجداني مهم بالنسبة لها، لأن كل ما يخرج من القلب يدخل للقلب مباشرة، «لذا أحرص على أن أكتب عن الحب والخير والتسامح». واعتبرت الشعر النسائي يتميز بالعاطفة القوية، على الرغم من أن الرجال قادرون على محاكاة المشاعر كثيراً، لكن الشاعرة الخليجية، حسب «رموز»، «أثبتت وجودها بشكل ملحوظ، وهي تطور ادواتها نحو الأفضل». أما لجهة الاسم المستعار، فاعتبرته «لا يقلل من قيمة الشاعرة إطلاقا»، فقد بدأت تكتب تحت اسم مستعار وأكملت، لأنها أعجبها. واعتبرت ان الشعر النسائي «لا يقل بلاغة عن شعر الرجال، فقد ابدعت النساء في شتى المجالات، وإن كان هناك فرق في عدد الشعراء والشاعرات، فهذا من ناحية الكم لا الكيف».

تويتر