‏أرجعن غيابهن للأهل والتقاليد والاكتفــاء من الشهرة‏

‏«شاعر المليــون» برنامج إماراتي بلا شاعـرات إمـاراتيات‏

البرنامج يشهد مشاركة شاعرات من أقطار عربية عدة. من المصدر

‏‏في ظل الحضور القوي واللافت للعنصر النسائي في النسخة الحالية من مسابقة «شاعر المليون»، والذي دشنته فعلياً الشاعرة السعودية عيدة الجهني العام الماضي، ومع الاحتفاء الكبير الذي تجده الشاعرات المشاركات في المسابقة من الجمهور أو النقاد على السواء، يبرز سؤال ملح: «أين شاعرات الإمارات من خشبة مسرح شاطئ الراحة؟ لماذا اكتفين بمقاعد المتابعة والتشجيع بدلا من خوض غمار المنافسة، خصوصاً أن مجتمـع الإمارات ليس أقل انفتاحاً من المجتمـع السعودي الذي تنتمي له الشاعرات اللاتي نافسن بقوة على اللقب؟

مسؤولة ملف الشعر في مجلة «المرأة اليوم» الشاعرة ميره القاسم، وجدت أن السؤال عن غياب الشاعرة الإماراتية عن «شاعر المليون»، «يطرح نفسه كثيراً، خصوصاً في ظل المشاركة النسائية القوية»، التي تشهدها المسابقة، وما يزيد من أهمية طرح السؤال، حسب القاسم، هو «وجود شاعرات إماراتيات متميّزات بالفعل على الساحة الشعرية، كما ان مجتمع الإمارات أكثر انفتاحاً وتقبلاً» لمشاركة المرأة في كل المجالات من المجتمع السعودي، الذي قدم مشاركات متميّزة في المسابقة، بدأتها الشاعرة عيدة الجهني في الموسم الماضي، حيث «قدمت قدوة حسنة وصورة جميلة للشاعرة الخليجية، لتفتح بذلك أبواباً واسعة أمام شاعرات الخليج، ومن بينهن شاعرات الإمارات للتواجد والمنافسة». مشيرة إلى أن هناك شاعرات من الإمارات «تقدمن للمشاركة في البرنامج منذ انطلاقه، ولكنهن لم يوفقن في تجاوز التصفيات» والوصول إلى قائمة الـ48 المشاركين في المسابقة.

اكتفاء

وأوضحت القاسم أن إحجامها وغيرها من الشاعرات اللاتي يمتلكن رصيداً كبيراً من التواجد على الساحة منذ سنوات عن المشاركة، «قد يعود إلى استطاعتنا تحقيق مكانة أدبية، وحالة من الاكتفاء من الشهرة والتواصل مع القراء». مستدركة أنه «لابد أن ندرك أن جميع من دخل المسابقة كانت له أسبابه الخاصة التي لا يعرفها غيره. أيضاً كل من لم يقدم على الاشتراك له أسبابه الخاصة به، فهي أمور ترتبط بالشخص وظروفه وشخصيته». موضحة أن المشاركة في هذه المسابقات «تمثل نوعاً من التحدي للذات، وبالتالي لابد أن يتسم الشاعر الذي يشارك فيها بروح المغامرة والتحدي».

ونفت القاسم أن تكون العادات والتقاليد هي السبب الرئيس وراء إحجام مشاركة الإماراتيات في المسابقة، «فالشاعرات اللاتي شاركن من قبل قدمن قدوة حسنة سواء في زيهن ومظهرهن اللذين اتسما بالحشمة والالتزام، أو لغتهن ومشاركاتهن التي حملت لغة شفيفة متزنة، وقضايا مهمة ذات أبعاد اجتماعية وإنسانية». وأضافت «جميل أن نطرح علامة استفهام حول عدم مشاركة الشاعرات في المسابقة؛ وهو ما يقودنا أيضا للتساؤل عن خلو لجنة تحكيم المسابقة من العنصر النسائي واقتصارها على الرجال، على الرغم من الأسماء النسائية البارزة في المنطقة». وعبرت القاسم عن أملها في أن يشهد الموسم المقبل من «شاعر المليون» مشاركـة اكبر من الشاعرات الإماراتيات، «سواء من أصحاب الأسماء المعروفة على الساحة، أو من المغمورات».

هاجس الأقنعة

الشاعرة والإعلامية زينب عامر، لم تُخف أنها طرحت هذا التساؤل على نفسها من قبل، فأصابها بالحيرة، «فلدينا أسماء كثيرة متميّزة، ربما تنقصها جرأة الحضور، بدليل استخدام الكثيرات منهن أسماء مستعارة، وأغلبية هذه الأسماء متجانسة وتشبه بعضها بعضاً، ونادراً ما يظهر الاسم الحقيقي، على الرغم من أن أغلبية هؤلاء الشاعرات غير محجبات حجاباً كاملاً، كما أنهن منفتحات من حيث تواجدهن على الساحة ومشاركتهن في الأنشطة». مشيرة إلى أن «هاجس القناع الأول هو الذي أثر في عدم اتجاه الشاعرة الإماراتية للظهور باسمها، وتكريس شعورها بالخوف وعدم الثقة بنفسها وفي تقبل الآخر لها. كما أن هناك إشكالية أخرى تتعلق بالأسماء المستعارة، وهو قلق الشاعرة من أن تخسر الجمهور الذي ارتبط لسنوات باسمها المستعار الذي اشتهرت به إذا ما كشفت عن اسمها الحقيقي».

واعتبرت عامر أن مسابقة بحجم ومكانة «شاعر المليون»، «تعد أفضل مناسبـة لتقديم الشاعرة الإماراتية للساحة الشعرية» في المنطقة، متهمة عدداً كبيراً من الشاعرات اللاتي يستخدمن الأسماء المستعارة بالضعف، «سواء من حيث الشخصية، أو من حيث ما يقدمنه من شعر وما يطرحنه من قضايا، فلا تتعدى قصائد كل منهن قصائد الوجـدان والمشاعر، بإسلوب وأفكار مكررة كأنهن ينسخن عـن بعضهن، بينما أجـد الشعر قادراً على استيعاب قضايا أكثر اجتماعيـة وإنسانيـة».

نماذج مشرفة

من جانبها، اعتبرت الشاعرة هنادي المنصوري، الإدارية في صحيفة «هماليل» الأدبية الإماراتية، أن «الشاعرة الإماراتية موجودة، ولكن خلف كاميرات البرنامج»، مشيرة إلى أن «البرنامج شهد من قبل مشاركة سابقة من قبل الشاعرة الإماراتية ريانة العود، وكان ظهوراً مشرفاً لنا كشاعرات الإمارات، بل لشاعرات الوطن العربي جميعا»، مضيفة أن «عدم مشاركة الشاعرة الإماراتية في البرنامج لا تعني أنها غير موجودة»، وأكدت المنصوري أن هناك «أمثلة مشرفة ومشرقة للشاعرات مثل الشاعرة عوشة بنت خليفة السويدي فتاة العرب، التي كُرمت في جائزة أبوظبي للتميّز هذا العام». مضيفة أن كثيراً من الشاعرات الإماراتيات «تحكمهن ظروف أسرية معينة تحول دون ظهورهن على شاشات التلفزيون»، فكثير من أسرنا حسب المنصوري «تتحفظ بحكم العادات والتقاليد، على هذا الظهور أمام جمهور الرجال، على الرغم من وعي أولياء الأمر وثقافتهم، ولكن لدى أسرنا ميلاً كبيراً إلى التمسك بالعادات والتقاليد بعدم إظهار المرأة على مرأى من الجميع حتى مع التزامها بالزي التقليدي المحافظ».

وتتابع الشاعرة المنصوري أن «كثيراً من الأسر ترفض الظهور المتكرر للمرأة، والسبب الآخر يعود إلى اكتفاء كثيرات منا بالظهور الإعلامي المقروء كالنشر في المطبوعات المحلية والعربية والوسائل الإعلامية الأخـرى كالإذاعة».

عادات وتقاليد

واتفقت الشاعرة بدرية الخالدي «دموع» مع الرأي السابق، مشددة على أنه «على الرغم من التطور الكبير الذي شهده المجتمع الإماراتي في مختلف الجوانب، ووجود شاعرات متميّزات، مازالت الكثير من العائلات ترفض ظهور بناتهن أمام الجمهور وعلى شاشات التلفزيون، بينما ترفض بعض العائلات مجرد صوت فتياتهن على الإذاعة أو نشر صورهن في الصحف». معتبرة المشاركة في مثل هذه المسابقات «أمراً يتناسب أكثر مع طبيعة الرجل لما تتضمنه من تنافس مع أشخاص من دول مختلفة، وتواصلها على مراحل وحلقات لفترة زمنية طويلة».

وفي تعليقها على استخدام الأسماء المستعارة، اعتبرت الخالدي أن هذه الأسماء أصبحت تستخدم نوعاً من «الموضة والدلع» من قبل بعض الشاعرات. «وهذا ما دفعنا للكشف عن أسمائنا الحقيقية، والتوقف عن استخدام الأسماء المستعارة التي عرفنا الجمهور بها من سنوات، كما أنني حرصت على استخدام اسمي الحقيقي بعد أن اكتشفت سرقة بعض قصائدي، وقيام البعض بتلحينها وغنائها من دون الرجوع إليّ».

بينما ترى الشاعرة والإعلامية نوال سالم «نسايم السادة» أن عدم وجود الشاعرة الإماراتية في «شاعر المليون»، «ليس بسبب عدم مشاركتها في المسابقة، ولكن لعدم وصولها لمرحلة الـ48». وهذا ما يدعو حسب نوال سالم، «للدهشة لوجود أسماء نسائية إماراتية تفوق في مستواها الشعري الأسماء الخليجية والعربية المشاركة»، مضيفة أن «الشاعرة الإماراتية على الرغم من ذلك فإنها موجودة وحاضرة في العديد من المهرجانات والأمسيات الخارجية، والسر في غيابها عن برنامج ضخم يُقام في بلدها يظلّ عند الشاعرة نفسها».

تويتر