Emarat Alyoum

جمع الطوابع.. هواية قد يحوّلها الشغف إلى تجارة

التاريخ:: 09 مارس 2009
المصدر: شيماء هناوي - دبي
جمع الطوابع.. هواية قد يحوّلها الشغف إلى تجارة

لم تعد عملية جمع الطوابع البريدية مجرد هواية تثقيفية تسجل تاريخاً، وتجسّد أحداثاً، وتعكس واقعاً معاشاً فحسب، بل حوّلها شغف مقتنيها مع مرور الوقت إلى عملية تجارية تعتمد على البيع والشراء، وتحقق الربح الوفير في أحيان كثيرة . وعلى هامش المعرض العربي الثاني للطوابع 2009 الذي افتتحت فعالياته أخيراً في «مركز وافي» في دبي؛ التقت «الإمارات اليوم» هواة وتجار طوابع بريدية، أجمع معظمهم على أن هواية جمع الطوابع البريدية تتحول مع الشغف بها إلى تجارة، لابد منها لكي يكمل كل هاوٍ مجموعته الخاصة من هاوٍ آخر.

ويقول الإماراتي علي إبراهيم الفردان، الذي تعلق بهواية جمع طوابع البريد منذ ،1952 لتصبح مع مرور الوقت جزءاً من تجارته، «مع دخول وسائل الاتصال الحديثة، تلاشت شيئاً فشيئاً هواية جمع الطوابع البريدية، لتحل محلها تجارة الطوابع البريدية التي تعتبر ضرورة لابد منها، لإشباع نهم مقتنيها الذين يحرصون على زيادة مجموعاتهم، وإكمال النواقص فيها» . مشيراً إلى تفاوت أسعار الطوابع، إلا أنها لا تتخطى المعقول عند الهواة الخليجيين والعرب على حدٍ سواء، على خلاف نظرائهم الأوروبيين الذين تصل أسعار طوابع البريد لديهم إلى عشرات ومئات آلاف الدولارات، وأوجدوا منافسة غير شريفة، حسب الفردان الذي أوضح أن مشاركته في المعرض الثاني للطوابع 2009 في دبي الأولى، إلا أنه يعتقد أنه مكان مناسب لعملية تبادل الطوابع البريدية .

ويمتلك الفردان مجموعات كبيرة من الطوابع البريدية، مثل مجموعة منذ عهد القاجاريين في إيران الذين سبقوا عهد الشاه، إلى جانب المجموعة الخاصة بالزواج الملكي لشاه إيران محمد رضا بهلوي التي تجسد مناسبات زفافه الثلاث، إلى جانب مقتنيات، منها عملات النقود الورقية والمعدنية القديمة التي تعود إلى 115 سنة، ومجموعة لصور رؤساء العالم .

ويقول صاحب أول منتدى الكتروني في الخليج متخصص في العملات والطوابع وبطاقات الهواتف، الإماراتي الهاوي يعقوب يوسف، «أتاح لي المزاد الذي أقيم على هامش المعرض فرصة الظفر بمجموعات قيمة وفريدة، بأسعار مميزة، وعلى الرغم من أنها تعتبر أول مشاركة لي، إلا أنني بفضل الله وتوجيهات أصحاب الاختصاص، ظفرت بثماني مجموعات فريدة من الصعب الحصول عليها في الأسواق، لذا تعديت في بعضها الأسعار المبدئية، في حين استطعت شراء بعضها بأقل منها»، ومن المجموعات التي حازها يعقوب مجموعة جورج الخامس، أول إصدار عام ،1933 ومجموعة الألعاب الأولمبية، واتحاد البريد العالمي من البحرين، وأربع مجموعات مختلفة غير مستعملة من الإمارات.

عاشق الأرقام
ويقول القطري الهاوي حسن النعيمي الذي ظفر بالمجموعة المعدنية للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رقم «3» بفئاتها الثلاث، الأعلى سعراً في مجموعة العملات المشاركة في المزاد «عشقي للأرقام المميزة جعلني أحرص على اقتناء هذه المجموعة التي تنتمي بفئاتها الثلاث إلى المجموعة «3»، لذا قمت بالمزايدة على سعرها المبدئي 1500 درهم، حتى وصلت بها إلى 3000 درهم» . وأوضح أن هوايته منذ صغره جمع الأرقام المتسلسلة المميزة على العملات الورقية من مختلف دول العالم، وهو يمتلك 250 ألبوماً لمجموعات كبيرة، وقال «لن أفرط في مجموعاتي المميزة، ولن أحول هوايتي إلى تجارة بهدف جني الأرباح، وأطمح لدخول موسوعة غينيس للأرقام القياسية في هذا المجال».

ويذكر التاجر البحريني أحمد عواد أنه يشارك في مزاد الطوابع والعملات الثامن كعارض بـ17 مجموعة من العملات والطوابع البريدية، بيعت منها خمس، كما أنه اشترى مجموعات يحتاج إليها من المزاد والمعرض كذلك. وتعتبر مشاركة عواد في معرض الطوابع الثاني، الأعلى قيمة.

ويرى الأميركي بيتر سينفر أن قلة هواة جمع الطوابع من العرب، وتواضع خبراتهم في مجال هواية جمع الطوابع البريدية، وراء تواضع أسعار بيعها، ويقول «تتفاوت أسعار بيع الطوابع البريدية لدينا، فقد يصل سعر بعضها من ثلاثة إلى أربعة دولارات، وزيادة أسعارها في بعض الأحيان يبررها ارتفاع أسعار السوق، فضلاً عن سعي بعضهم إلى اقتنائها، بهدف التظاهر بالقدرة على دفع مبالغ كبيرة تصل إلى 300 ألف دولار».

وأشار سينفر (65 عاماً) إلى أنه بدأ هواية جمع الطوابع البريدية في الخامسة من عمره، موضحاً «حين أهدتني جدتي أنا وأخي الذي يكبرني بسنة واحدة، ألبوماً لجمع الطوابع البريدية، كنت في الخامسة، وما أن بلغت الثامنة حتى بدأت في عملية بيعها وشرائها، واليوم أمتلك مجموعه ضخمة منها من مختلف دول العالم». ونوه بأهمية هواية جمع الطوابع البريدية «حيث استطاعت إلغاء الحدود بتجميع الشعوب، على الرغم من اختلاف أعراقهم وسياساتهم».

ويعتبر السنغافوري جاك لوه الذي يعمل في المجال نفسه أن تخصيص مبالغ كبيرة لشراء الطوابع البريدية خير من حفظ النقود في بنك قد يتعرض للخسارة، في حين يعود سعر الطوابع البريدية بفائدته على أصحابها، حسب لوه.

ويذكر الكويتي فرجام فتح الله خواجة الذي بدأ في المتاجرة بالطوابع البريدية في الخامسة إن هواية الطوابع البريدية تحولت لديه إلى تجارة تعتمد على البيع والشراء في محاولة لزيادة المجموعات، وإثرائها بالإصدارات المميزة، لافتاً إلى اختلاف أسعارها التي تبدأ من درهم لتصل في بعض الأحيان إلى آلاف الدراهم.

تحديد السعر
ويرى رجل الأعمال البحريني يونس هاشم الكوهجي صعوبة في تحديد أسعار طوابع البريد، نظراً لتفاوتها بناءً على عاملي التوفر والندرة، موضحا أنه «كلما توافرت الطوابع البريدية قل ثمنها، بينما كلما ندرت زاد ثمنها، فضلاً عن أن الخطأ في الطابع البريدي الناجم من المصمم أو عن عملية الطباعة يلعب دوراً في زيادة السعر»، معتبراً تجارة الطوابع البريدية ضرورة لابد منها، فمن خلالها يستطيع الهاوي التخلص من مجموعاته المكررة، وتزويد مجموعته بالإصدارات المميزة.

وتعلق الكوهجي بهواية تجميع الطوابع البريدية منذ 12 عاماً، ومن أبرز مقتنياته أول طابع عربي صدر في مصر عام ،1866 إلى جانب الطوابع العثمانية التي استخدمت في المنطقة العربية والحجاز، وطوابع البريد التي كانت تستخدم في الإمارات قبل قيام الاتحاد، إضافة إلى العملات والصور والوثائق والمستندات القديمة، وكل ما يتعلق بالمقتنيات التراثية . وقد ألف كتاباً يتناول تاريخ الطوابع في دول مجلس التعاون الخليجي، وسلط فيه الضوء كذلك على الدول العربية .

ويوافقه الرأي رئيس جمعية «أنفوس» الجزائرية مراد ناصلي، ويضيف «عملية تجارة الطوابع البريدية ضرورة لابد منها، فلجمعها والعمل على إثرائها، لابد من اللجوء إلى عملية الشراء والبيع، ولولاها لما استطاع هواة الطوابع البريدية تجميعها من مختلف دول العالم»، مؤكداً أهمية معارض الطوابع في إثراء هذه العملية وتنميتها، مشيراً إلى أن «أنفوس» نظمت معارض محلية، ومعرضين في المغرب، ومعرضين عربيين شهدا إقبالاً كبيراً.

التحول يفقد المتعة
في المقابل، يقول حمود بن سالم الهنائي «بدأت في جمع الطوابع البريدية عام 1983 حينما كنت طالباً، وحولتها في 1998 إلى تجارة بهدف الاستفادة المادية منها»، ناصحاً غيره من الهواة بـ«ألا يتحولوا إلى تجار حتى لا يفقدوا متعة الهواية التي تنم عن حب المعرفة، والتعرف إلى تاريخ وحضارة وثقافة مختلف دول العالم».

ويوضح زميله العماني حاتم عبدالفتاح العطار أن هواية جمع الطوابع البريدية تحتاج إلى وقت طويل، وعناء كبير، من خلال البحث المتواصل عبر الكتب والمعارض والانترنت.

ويروي الأمين المالي في جمعية البحرين لهواة طوابع البريد صالح محمد الحسن، الملقب بـ«الهاوي الشامل» حكايته مع الطوابع قائلاً «تحولت هواية جمع طوابع البريد لدي من هواية إلى عملية تجارية، بهدف إثرائها وتعزيزها، لاسيما أنها تعمل على إبراز تاريخ وأحداث مهمة، محفوظة في الذاكرة»، ويضيف عن مجموعاته الخاصة «أملك طوابع (المجهود الحربي) التي أصدرتها حكومة البحرين، لمساعدة متضرري حرب أكتوبر ،1973 فضلاً عن مجموعتي التي أشتهر بها والتي تصور الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، والأحداث السياسية في عهده». ويحمل الحسن شعار «المحافظة على التراث واجب وطني» يجسده من خلال متحفه الذي يضم المقتنيات التراثية المختلفة من مملكة البحرين والدول الخليجية والعربية في منزله.

ويقول العماني سلطان هلال الحبسي «هواية جمع الطوابع البريدية ترغم الهاوي على تحويلها إلى عملية تجارية، بهدف سد النقص في مجموعاته وإثرائها، والتخلص من المجموعات المكررة التي يقتنيها الهاوي إذا توافرت بأسعار زهيدة»، لافتاً إلى أنه «لا يوجد هاوٍ لا يعاني من نقص في مجموعاته، كما لا يوجد هاوٍ لا يملك مجموعة خاصة به يستحيل التفريط فيها». وكان الحبسي بدأ بجمع الطوابع البريدية عن طريق المراسلات، حتى اكتشف وجود أقسام خاصة بالبريد في كل دول العالم، تعمل على إصدار طوابع خاصة للهواة. كما يقوم بتجميع العملات القديمة، ويعتزم بعد تقاعده من عمله افتتاح معرض خاص به.

«المعرض العربي للطوابع» 

 انطلق المعرض العربي الثاني للطوابع ،2009 يوم الخميس الماضي في مركز وافي في دبي، تزامناً مع احتفالات «بريد الإمارات» بمناسبة مرور 100 عام على بدء الخدمات البريدية في الإمارات.

ويشارك فيه مديرون وممثلون من أكثر من 20 مؤسسة بريدية من الدول العربية، بالإضافة إلى جمعيات داعمة لهواية جمع الطوابع، وعدد من تجار بيع الطوابع والعملات، والمطابع المتخصصة في طباعة الطوابع.

المزاد الثامن 
قال منسق عام المعرض العربي الثاني للطوابع، وأمين سر جمعية الإمارات لهواة الطوابع عمر محمد أحمد، لـ«الإمارات اليوم» «بلغ الناتج الإجمالي لمبيعات مزاد الطوابع والعملات الثامن، الذي نظمته الجمعية في مركز وافي، مساء أول من أمس ، 710 آلاف درهم» . وأفاد بأن المزاد شهد حضوراً ومنافسة بين 96 من الهواة والتجار على حد سواء، ويعد النسبة الأعلى بين المزادات التي نظمتها الجمعية.

وأضاف «بلغ سعر أغلى المجموعات التي بيعت في المزاد 180 ألف درهم، وكانت مجموعات من النوادر للإمارات، في صفحة كاملة تشمل العيد الوطني السادس (1977)، وبطولة السباحة (1975)، واليوم العربي لمحو الأمية، وصفحة كاملة للألعاب الأولمبية أطلنطا من دون تخريم».