«بقايا فن».. غزة تنهض من الرماد

لوحات لفنانين فلسطينيين وعرب وأجانب تحولت إلى حطام بعد الحرب الإسرائيلية على غزة. تصوير: زهير دوله

تعمدت إسرائيل، خلال حربها على قطاع غزة، طمس التراث الفلسطيني، ومحو المعالم الثقافية، ضمن منهجها في تخريب كل شيء في جميع مناطق القطاع، حيث دمرت الصواريخ الإسرائيلية مبنى الفنون والثقافة التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في حي تل الهوى في الجنوب الغربي لمدينة غزة، جراء استهداف مقرات الجمعية الثلاثة، بما فيها مستشفى القدس التابع لها.

وتسبب هذا الاستهداف في حرق ما يقارب 350 لوحة فنية بشكل كامل، وتضرر عدد كبير من اللوحات، كما أصيب مرسم الفن التشكيلي الموجود في مبنى آخر بأضرار، واحترقت عدد من الأعمال الفنية التي في داخله، كما تم تدمير المسرح الفني الموجود في مقرات جمعية الهلال، والذي يُعد أول مسرح في القطاع.

فيما نظم 12 فناناً تشكيلياً فلسطينياً، معرض «بقايا فن»، محاولين لملمة بقايا اللوحات التي دمرتها الحرب على غزة، عارضين ما تبقى من الإبداعات وسط الرماد والركام والجدران السوداء التي تسبب فيها الاحتلال.

وقال الفنان التشكيلي الفلسطيني رائد عيسى، أحد المشرفين على القسم الفني في جمعية الهلال الأحمر، لـ «الإمارات اليوم» إن «الاحتلال الإسرائيلي سعى من خلال حربه على قطاع غزة إلى طمس الفن والتراث الفلسطيني، فخلال توغله البري في منطقة تل الهوى، أطلق القذائف والصواريخ المدمرة والحارقة على جمعية الهلال الأحمر بما فيها مستشفى القدس الطبي التابع للجمعية»، مشيراً إلى أن الصواريخ أدت إلى تدمير كامل لحق بمبنى الفنون والثقافة المكون من خمسة طوابق، نتيجة الاحتراق الكبير الذي تعرض له.

مئات اللوحات

وتابع عيسى «دمر معرض الفن التشكيلي بشكل كامل، والذي كان يضم مئات اللوحات الفنية، حيث احترقت بداخله ما يقارب 350 لوحة فنية، جميعها يمثل التراث الفلسطيني، ومنها أعمال فنية لي شخصياً ولمجموعة التقاء للفن التشكيلي التي كانت تشرف على القسم الفني في الجمعية، بالإضافة إلى لوحات فنية لفنانين فلسطينيين مشهورين من قطاع غزة والضفة الغربية»، لافتاً إلى أن المعرض كان يضم لوحات فنية متنوعة لرسامين أجانب، وأهدوها لجمعية الهلال الأحمر، وهناك لوحات اقتنتها الجمعية، وقد احترقت، بالإضافة إلى لوحات لفنانين عرب تحولت إلى حطام أيضاً، مثل الفنان عبدالعال حسن، والفنانة هبة عنايت.

وذكر أن إحدى اللوحات التي احترقت، هي لوحة فنية كان اسمها «العرس الفلسطيني»، والتي رسمها الفنان المصري عبدالعال حسن منذ 20 عاماً، وقد اقتنتها جمعية الهلال الأحمر، مشيراً إلى أن قسم الفن التشكيلي الذي يضم مرسماً ومعرضاً أصابته شظايا القذائف والصواريخ، ما تسبب في تحطيم واحتراق ما بين كامل وجزئي لعدد من اللوحات.

وأضاف الفنان التشكيلي الفلسطيني «بعد أن انتهت الحرب توجهنا إلى جميعة الهلال الأحمر، وذهلنا من هول الخراب الكبير، وعلى الفور حاولنا أن نخرج ما تمكنا إخراجه من بقايا اللوحات المحترقة والمحطمة، وجمعناه في مكان واحد حتى يكون شاهداً على عنجهية الاحتلال، وسعيه لطمس التراث الفلسطيني، أما بقية اللوحات فقد تحولت إلى حطام أسود لم نتمكن من جمعه، وقد خططنا عليه عبارة غزة بالإنجليزية».

أول مسرح
وأشار الفنان محمد الحواجري، عضو مجموعة التقاء للفن التشكيلي، إلى أن المسرح الفني التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، تعرّض للاحتراق والتدمير، والذي يُعد أول مسرح فلسطيني في قطاع غزة، حيث تم تأسيسه وافتتاحه عام ،1996 مضيفاً أن المسرح شهد العديد من الفعاليات الفنية المتنوعة، وكان لبنة أساسية لبداية المسرح الفلسطيني، وانطلاقة الفنانين في هذا المجال.

ولفت إلى أن «أول مدرسة لتعليم الموسيقى للأطفال على صعيد فلسطين، والتي كانت أحد أقسام مبنى الفنون والثقافة، دمرت بالكامل، واحترقت الآلات الموسيقية التي كانت بداخلها، وتحولت إلى حطام، حيث افتتحت هذه المدرسة في شهر نوفمبر من العام الماضي، وكانت تحتضن ما يقارب 30 طفلاً من كلا الجنسين لدراسة الموسيقى مدة ثلاث سنوات».

وأفاد بأن الخسائر التي تكبدها المركز الثقافي جراء الاستهداف الإسرائيلي بلغت نحو 15 مليون دولار.

لوحات توثيقية
وقال الفنان التشكيلي عبدالناصر عامر إن «بقايا فن» يسعى لإبراز وتوثيق جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق كل ما هو كائن في فلسطين عبر رسومات فنية بسيطة، وقد أقيم هذا المعرض وسط جدران سوداء، في محاولة لإيصال رسالة بأن الفن والتراث الفلسطيني سيبقى أحد المنابر التي تعبر عن واقع الشعب الذي يقع تحت وطأة الاحتلال».

وأوضح أن المعرض الفني الذي جمع في جنباته لوحات فينة، هو محاولة من قبل فناني غزة على الوقوف من جديد ومعاودة عملهم الفني، على الرغم مما لحق بأكبر مركز ثقافة وفنون في غزة من دمار نتيجة القصف الإسرائيلي خلال الحرب على قطاع غزة.

جانب من الدمار الذي حلّ بمبنى الثقافة والفنون في غزة-تصوير: زهير دولة

معارض دولية


قال الفنان الفلسطيني عبدالرؤوف العجوري، عضو مجموعة التقاء للفن التشكيلي المشرفة على القسم الفني في جمعية الهلال الأحمر في غزة، إن «اللوحات الفنية المحترقة في الحرب الإسرائيلية على القطاع، والتي تعتبر نتاج ثماني سنوات من العمل، شاركت في معارض دولية وعربية»، موضحاً أن أهمها معرض المكتبة العربية في جنيف، ومعرض مدينة الفنون العالمية في فرنسا، ومعرض في مدينة سيدني تحت عنوان «أنا أتذكر الـ 48»، وبينالي الشارقة عام ،2000 وغاليري زارا في الأردن، ومعرض حوض البحر المتوسط في بينالي الإسكندرية.

تويتر