معرض «28».. لوحات متنوّعة تنحاز إلى الطبيعة

الفن التركيبي شكل جزءاً لافتاً في المعرض. تصوير: تشاندرا بالان

بمشاركة 28 فناناً من جنسيات عربية وأوروبية، انطلق مساء أول من أمس، المعرض التشكيلي العام في دورته الثامنة والعشرين، والذي تنظمه جمعية الفنون التشكيلية، في متحف الشارقة للفنون، وذلك بحضور سمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي ولي عهد ونائب حاكم الشارقة، ونخبة من كبار المسؤولين والفنانين في الدولة. وقد تميز المعرض (28)، بمشاركاته المتنوعة التي توزعت ما بين الأعمال التركيبية، وأعمال الفيديو، والصور الفوتوغرافية، وغيرها العديد من الأعمال المتميزة لمشاركات فردية، ضمت أبرز رواد الفن التشكيلي الإماراتي، ومعرضين شخصيين للفنانين الإماراتيين الواعدين منى عبدالقادر العلي، و ناصر نصر الله. 

روّاد

ومن أبرز رواد الفن التشكيلي الإماراتي المشاركين في المعرض، الفنانة د. نجاة مكي الحاصلة على العديد من الجوائز ومنها، جائزة الدولة التقديرية في مجال الفنون في عام ،2007 التي شاركت بلوحتين سعت من خلالهما إلى تحقيق التواصل مع البيئة البدوية التي تحتل جزءاً كبيراً من ذاكرتها المرتبطة بأيام الطفولة، وفي هذا قالت مكي لـ«الإمارات اليوم»، «تركز لوحتاي المشاركتان في المعرض على الغموض الذي يكتنف الصحراء بعد الغروب، والمتمثل في الظلام الدامس، الذي دفع مئات الكتاب والشعراء العرب إلى تناوله في كتاباتهم، في محاولةٍ منهم لفك لغزه الذي دفعهم لإبداع أروع وأجمل الكتابات والأشعار التي ذاع صيتها في أرجاء المعمورة، لتظل حاضرةً وبقوة في مخيلتنا»، وأكدت مكي «وفي محاولة لتجسيد الصحراء وما يكتنفها من غموض بعد الغروب، لجأت إلى جانب قماش الرسم إلى استخدام قماش الخيم البدوية (السدو)، الذي يحمل بعض صور ورسوم تجريدية لزخارف متنوعة وطيور، ومن ثم قمت بعملية الرسم عليه، وركزت على الظلام الأسود الدامس». وعلقت مكي «غالباً ما تدفعني صورة الصحراء البدوية المرتبطة بذكريات طفولتي، التي كنت أقضي صيفها بين شجر النخيل في فضائها الواسع مع أفراد أسرتي، إلى العمل على تجسيدها في لوحاتي، إلى جانب البحر، والحياة التقليدية القديمة بأدق تفاصيلها».

وتعد مشاركة الفنان الإماراتي عبدالرحيم سالم، الذي يعتبر من أوائل الفنانين التشكيليين في الدولة، امتدادا لتجربته المتميزة بالأبيض والأسود، حيث يعرض مجموعة لوحات إلى جانب عمل تركيبي لإطارات السيارات. وذكر عبدالرحيم لـ«الإمارات اليوم»، «تدور فكرة العمل بشكلٍ عام، حول موضوع البيئة وتأثير المواد المستهلكة في حياتنا، في ظل الاستهلاك المتزايد لها، الناجم عن الانفتاح والعولمة التي نشهدها». وكذلك الحال بالنسبة للفنان الإماراتي محمد القصاب، الذي رمز من خلال ثلاث جداريات من الإكريليك الأبيض والأسود، إلى أمور متعلقة بالبيئة وما يحل بها. وذكر أن «تأثيرات الظلام وعدم الوضوح، تفرض علينا دائماً أن نتلمس الضوء الأبيض لأنفسنا وللآخرين».

أما النحات الفلسطيني أحمد حيلوز الذي يعد من مؤسسي الحركة الفنية في الإمارات، ومن أوائل الفنانين فيها، فقد عمد من خلال مجموعة من اللوحات المشاركة إلى التأكيد على قدرة الإنسان على إعادة تدوير المواد المستهلكة، وإعادة إحيائها من جديد، إذا ما امتلك القدرة على الابتكار والتميز. وعن مشاركته في معرض (28)، ذكر حيلوز لـ«الإمارات اليوم» «أحاول من خلال مجموعتي المكونة من صفائح الألمنيوم التي تستخدم في طباعة الصحف والتي يتم تبديلها بعد كل طبعة، إضافة معادلات الفنان على الكلمات والصور وما تحمله من معانٍ على أسطح الصفائح، مؤكداً بذلك قدرة الإنسان بشكلٍ عام والفنان بشكلٍ خاص على إحياء المواد المستهلكة من جديد، إذا ما كان يملك القدرة على الابتكار والتميز».

أما الفنانة الإماراتية سلمى المري، التي لها باع طويل في الفن التشكيلي، فقد شاركت بعملين هما امتداد لمشروعها الفني الذي حمل عنوان «بعض مني ومنهم»، والتي قامت، أخيراً، بتنظيم معرض خاص بها ضم 64 لوحة فنية، وشهد في يومه الأول حضور 450 زائرا.

وذكرت المري أن مشروع «بعض مني ومنهم»، يعد ترجمة فنية لقصائد متنوعة لستة شعراء عرب، تفاعلت معها فجسدتها في لوحات بأسلوب يجمع ما بين الرمز والتجريد، وليبقى على المتلقي إضافة رؤيته، لتعم شمولية النص، مقروءاً ومشكلاً ومحسوساً»، وتابعت المري «(بعض مني ومنهم) تجسد (جدارية) الشاعر محمود درويش الذي يعتبر أحد شعراء الذين سلطت الضوء عليهم في هذا المشروع، إلى جانب نزار قباني، ومحمود صالح، وأحمد راشد ثاني، وغادة السمان، وبروين حبيب».

واعدون

وإلى جانب أوائل الفنانين التشكيليين في الدولة وروادها، شارك فنانون إماراتيون واعدون بمجموعة من الأعمال الفنية المتميزة ومنهم، الفنان خليل عبدالواحد الذي يسعى للجمع بين الفن التشكيلي وأعمال الفيديو. وعن مشاركته في المعرض، قال «أشارك بعمل فيديو يعد محاولة جديدة لتسجيل لقطات من أحداث عامة مستوحاة من النمط الاعتيادي (الروتين) الذي يعيشه الناس بما يحيطهم من ظروف، وما يحمله من تعقيدات، تدعو المشاهد إلى التساؤل وتحرضه على المتابعة».

وقد ضم معرض (28)، معرضين شخصيين للفنانين الإماراتيين الواعدين منى عبدالقادر العلي، والفنان ناصر نصر الله، قدمت العلي فيه مجموعة من الأعمال التركيبية والصور الفوتوغرافية، أما ناصر نصر الله، فقد عرض مجموعة لوحات ذات أسلوب مختلف ومواد متنوعة بالإضافة إلى عمل فيديو.

وقد ذكرت منى العلي عن مشاركتها «أقدم خلال معرضي الشخصي الأول خلاصة تجربتي الفنية المتمثلة في 10 سنوات من التدريب والعمل والمشاركات المتنوعة، أعمال تركيبية تجسد شخصيات واهتمامات البشر وميولهم، وذلك بتنفيذها من خلال استخدام مجموعة مختلفة من المواد، هذا إلى جانب الفيديو والصور الفوتوغرافية»، وأكملت «تتميز أعمالي في الأغلب بمواكبتها متغيرات البيئة والمجتمع، وأسعى من خلالها إلى التأكيد على هويتي الفنية التي لا تنفصل عن المجتمع الذي أعيش فيه، والتي أحرص على أن يتفاعل معها الناس باعتبارهم جزءاً منها كذلك». وعلقت العلي «مشاركتي هذه ستشكل نقلة نوعية في حياتي، لاسيما أنها تعتبر المعرض الشخصي الأول لي، تحت سقف المعرض التشكيلي العام في دورته الثامنة والعشرين، إلى جانب رواد الفن التشكيلي في الدولة». وقال الفنان ناصر نصر الله «بعد مرور تسع سنوات على بداية دخولي مجال الفن، رأيت أن الفرصة سانحة لتنظيم معرض شخصي، لاسيما أنني نجحت في تكوين بصمة خاصة بي كفنان، تشمل مختلف الفنون».

وذكر عن هذا المعرض «تتوزع أعمالي المشاركة في المعرض على ثلاث قاعات، تضم الأولى تسع لوحات ذات أسلوب مختلف ومواد متنوعة، والثانية يعرض فيها فيديو عبارة عن رسوم متحركة مكون من شخصيتين قمت بابتكارهما الأول (صبعه) والثاني (نظارات)، أما الثالثة فتشتمل على رسوم مطبوعة، حرصت من خلالها على تجديد مجموعة من الرسوم القديمة الموجودة في دفاتري».

تويتر