شراكة بين «الثقافة والعلوم» و«بحر الثقافة» من أجل جلسات أدبية جديدة في دبي

محمد المر: التقنية المعاصرة والذكاء الاصطناعي في خدمة الأدب

المر متحدثاً خلال الجلسة بحضور عائشة سلطان والسعد المنهالي والمرزوقي. تصوير: أسامة أبوغانم

قال رئيس مجلس إدارة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم، محمد المر، إن «التطور التقني المعاصر، وثورة الذكاء الاصطناعي المطردة والمتسارعة، لن تكون على حساب حضور الأدب والثقافة، بل هما بمثابة منظومة مؤهلة لمزيد من فرص وحظوظ ازدهار النتاج الأدبي والثقافي».

وأكد أن التوظيف الجيد للتكنولوجيا يمكن أن يوفر فرصاً غير مسبوقة، لانتشار نتاج إبداع الخيال والفكر البشري، مضيفاً: «توفر الطباعة التقليدية لأعمال لاقت نجاحاً الآلاف من النسخ التي تستوعبها دور النشر، لكن انتشار المواقع الإلكترونية والمنتديات والمدونات، ومواقع التواصل الاجتماعي، فضلاً عن تقنية القارئ الإلكتروني، كلها عوامل قفزت بانتشار إصدارات مختلفة، إلى ملايين من النسخ، التي كان لا يمكن استيعابها، لولا هذا التطور التقني».

وأشار المر إلى أن الثقافة والأدب وضمان ازدهارهما، لا يمكن أن يكون قاصراً على اجتهادات فردية، أو مؤسسات محدودة، بل هي مسؤولية مشتركة تنهض بها الدولة، إلى جانب المؤسسات ذات النفع العام، وهو ما جعله يشير إلى تقصير بين في الدور المعاصر لوسائل الإعلام المختلفة في هذا الإطار في العالم العربي عموماً، لاسيما في الوسائل المسموعة والمقروءة، من وجهة نظره.

متعة القراءة الجماعية

قالت السعد المنهالي: «إن صالون بحر الثقافة انتقل من شكله الخاص إلى مؤسسة ثقافية تعنى بالذائقة الجمالية والثقافة، وتطور إلى استضافة كتّاب ونقاد ومناقشة الكتب المسموعة، ومختلف الأشكال المتجددة من الإبداع». ووصفت القراءة الجماعية بـالمتعة التي تثري الخيال والفكر، مضيفة: «القراءة فعل فردي، لكن ما بعدها مناقشات وتأويلات، عناصر لا يمكن أن نصل إليها إلا عبر الجلسات المحتفية بالقراءة عبر صالوناتنا الأدبية».


الصالونات لن تنقرض

قالت الكاتبة عائشة إبراهيم سلطان: «إن الصالونات الأدبية لن تنقرض، ولن تتجاوزها رياح الحداثة، لأنها أصيلة، ومتطورة في الوقت نفسه، فهي ليست بدعة في التسيج الثقافي العربي، كما أنها لديها امكانات حقيقية لمسايرة ملامح التجديد في شتى صنوف الأدب، سواء على صعيد الشكل أو المضمون».

جاء ذلك، خلال جلسة حوارية دعت إليها ندوة الثقافة والعلوم بدبي، وتحدث فيها إلى جانب المر، رئيسة تحرير مجلة ناشيونال جيوغرافيك، ومحمد المرزوقي، أحد مؤسسي أول صالون أدبي يعنى بالأدب الروسي، وأدارتها، وعضو مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم، الكاتبة عائشة ابراهيم سلطان.

واستبق الجلسة التي جاءت بعنوان «حديث في الأدب» مؤتمر صحافي، بحضور رئيس مجلس إدارة الندوة سلطان صقر السويدي، شهد الإعلان عن تأسيس شراكة جديدة بين ندوة الثقافة والعلوم، وبين صالون بحر الثقافة، في أبوظبي، التي سيكون بمقتضاها «الندوة» أول مقر له في دبي، لاستضافة فعالياته المختلفة.

وأضاف المر: «في الماضي كان الشاعر يكتب قصيدته وإن طبعت في مجلة بحدود آلاف النسخ، ولكن مع التقنيات الحديثة لم يعدّ غريباً أن نسمع عن قراءات تصل إلى ملايين القرّاء، في غضون فترة زمنية وجيزة».

وذكر أن «أول صالون أدبي كان لسكينة بنت الحسين، وهذا الصالون كان في مرحلة مبكرة من التاريخ العربي وتعاقب عبر العصور، حتى عصرنا الحديث وجميعنا يتذكر صالون مي زيادة الأشهر، الذي كان يعدّ ساحة أدبية أثرت الحركة الفكرية والأدبية في مصر والعالم العربي».

وتابع: «تمثل ندوة الثقافة والعلوم صالوناً أدبياً ثرياً على مدار أكثر من 30 عاماً، عبر استيعابها العديد من الأنشطة الثقافية الأدبية والفنية، إلى جانب مناقشات الكتب التي كانت تعقد بشكل دوري، فضلاً عن استضافة العديد من الرموز الأدبية المهمة في الساحة العربية والعالمية». وقال: «الصالونات الأدبية ظاهرة تطورية ولها مستقبل، لكن على الشباب التوجه لمفاتيح الثقافة، سواء في الفن التشكيلي أو المسرح أو الأدب، التي أساسها الأساطير اليونانية والرومانية، وغيرها من الأدبيات المهمة، كذلك هناك دور للتربية والتعليم والمناهج الدراسية في توجيه القراءات والمعرفة».

بينما عبّرت السعد المنهالي عن تطلعها إلى أن تكون هناك صالونات أدبية في كل أنحاء الدولة، مضيفة: «صالون بحر الثقافة تأسس برغبة من الشيخة روضة بنت محمد بن خالد آل نهيان، وبدأ بما يقارب 40 عضواً وصلوا الآن إلى نحو 100 عضو».

ولفتت إلى أن معظم الصالونات الأدبية مؤسسوها من النساء، مبررة ذلك بما أسمته «الطبيعة الإنسانية في المرأة»، مشيرة إلى أن صالونات القراءة تثري الشخصية وتلهمها، وتكسبها خبرات مضاعفة حسب تجربتها الذاتية في صالون بحر الثقافة. بينما أكد سلطان صقر السويدي أهمية التعاون بين المؤسستين ما يثري الأنشطة الثقافية في أنحاء الدولة.

واثنت عائشة سلطان على ترحيب مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم بفكرة الشراكة مع صالون بحر الثقافة، وتقديمه كل الدعم لإنجاح الصالون، كذلك اثنت على جهود مؤسسة بحر الثقافة، التي خرجت من نطاق العمل الثقافي الفردي إلى العمل المؤسسي، الذي يبرز ويثبت العمل الثقافي على أرض الواقع.

وأضافت: «سيناقش الصالون الأعمال الأدبية والكتب ثقافية والتاريخية من الإصدارات ذات التأثير في الذائقة الأدبية للمتلقي، كذلك ستكون هناك جلسات نقدية في الأدب، جلسات شعرية وموسيقية، ومناقشة الأدب العربي أو العالمي المحكي على لسان أطفال».

وعن تجربته مع الأدب الروسي، أشار المرزوقي إلى دور المكتبة المدرسية في البداية، عبر غلاف رواية «الأم لمكسيم غوركي»، وأخذته الرواية في عوالمها لتفتح له الطريق لمزيد من القراءة في الأدب الروسي.

وأضاف أن «ارتباطه بالأدب الروسي دفعه لزيارة متحف تولستوي في روسيا، واطلع على مراسلاته مع المجدد محمد عبده، كذلك زار مكان سكن ديستوفسكي، وشعر حينها بأنه إحدى شخصيات ديستوفسكي»، وأكد أن المكتبات العربية تضخ العديد من الإصدارات غير الجادة وتفتقد العمق، وهذا ما يشجعه وأعضاء صالون الأدب الروسي على الاستمرارية.

تويتر