ينطلق 20 سبتمبر المقبل في رحاب جامع الشيخ زايد الكبير

معرض «الحج».. رحلة مع المُلبين وقيم السماحة

صورة

ينطلق معرض «الحج: رحلة في الذاكرة» في رحاب جامع الشيخ زايد الكبير في 20 من سبتمبر المقبل، ليستعيد المعرض إرث طرق الرحلات الشاقة التي كان حجاج بيت الله الحرام يقطعونها عبر القارات.

مقتنيات وتذكارات

من بين أبرز المعروضات مخطوطات إسلامية وصور فوتوغرافية أرشيفية، وآثار تمت إعارتها من مجموعة من المؤسسات المحلية والعالمية، إلى جانب مجموعة من المقتنيات الخاصة والمقتنيات الشخصية، وتذكارات الحج التي قدمها أفراد المجتمع.

 مؤشر القبلة (القرن الـ19 - الهند) مع نحاس وحزام من الجلد. «مجموعة ناصر داوود خليلي للفن الإسلامي»

 

 مؤشر القبلة (1271 هجرية - 1854/‏1855 ميلادية - الدولة العثمانية). «مجموعة ناصر داوود خليلي للفن الإسلامي»

ويعدّ قسم الرحلات من أبرز أقسام المعرض، الذي يقام برعاية سموّ الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، وينظمه مركز جامع الشيخ زايد الكبير، بالتعاون مع هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، بمناسبة مرور 10 سنوات على افتتاح جامع الشيخ زايد، إذ كانت صلاة عيد الأضحى عام 2007 أول صلاة تقام فيه.

ويأخذ قسم الرحلات حيزاً كبيراً من المعرض، ويستعيد ذكريات رحلة حج المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، التي قام بها عام 1979، ونقل التلفزيون الملوّن حينها تفاصيلها من خلال تقارير يومية مرئية.

ويبرز المعرض هذه التقارير التي تعود إلى شركة أبوظبي للإعلام، ويظهر فيها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - طيب الله ثراه - في مقابلة تلفزيونية أجريت معه من مشعر «منى»، يتحدث فيها عن المقاصد وراء الحج.

استعادة

يستعيد معرض «الحج: رحلة في الذاكرة» الصعوبات التي كان يتكبّدها الحجاج الإماراتيون قبل قيام الاتحاد لأداء فريضة الحج، لاسيما الطرق الوعرة التي كانوا يقطعونها على ظهور الجمال، أو سيراً على الأقدام، أو عبر ميناء الدمام في السعودية في رحلة بحرية مضنية.

وقال مدير عام مركز جامع الشيخ زايد الكبير، يوسف العبيدلي، إن «الجامع بات وجهة ثقافية بارزة يستقطب نحو خمسة ملايين زائر سنوياً من مختلف الثقافات، وجاء في المركز الثاني كأحد أفضل صرح معماري عالمي لعامي 2016 و2017 على التوالي، وفق تصويت أجراه موقع (تريب أدفايزر)، إلى جانب كونه صرحاً معمارياً إسلامياً فريداً يسهم في تكريس القيم السامية التي يتميز بها ديننا الحنيف».

وأضاف العبيدلي: «سيتمكن الزوّار - من خلال تسليط الضوء على الركن الخامس في الإسلام ومكانة الحج إلى بيت الله الحرام في نفوس المسلمين - من التعرف إلى قيم التواصل الحضاري والثقافي في هذه الشعيرة الكبرى، إذ يرصد المعرض تاريخ تطور رحلة الحج، ليس من خلال الطرق والأدوات والتقاليد فقط، بل أيضاً من خلال تزايد أعداد المسلمين الملبين للنداء الرباني من كل أصقاع الأرض، والقصص الإنسانية المرتبطة بهم».

وأوضح أن «المعرض يرتبط بشكل خاص بفكر الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الداعي إلى التمسك بقيم الإسلام السمحة والإحسان للناس».

سمات المؤسس

من جهته، قال مدير عام هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، سيف سعيد غباش، إن «المعرض الذي يستمر حتى 19 مارس المقبل، يلفت الانتباه إلى علاقة مجتمع الإمارات بهذه الرحلة الروحانية التي تتجسد فيها معان كثيرة، لعل من أبرزها المساواة والتسامح والتواضع وحسن الخلق ونبذ التعصب والعفو والإحسان والإخلاص للمبادئ، وهي السمات الأبرز التي تميز بها الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد، الذي ضرب أروع مثل في التسامح، وقدم نموذجاً يحتذى به كقائد مسلم عربي وفيّ لدينه ووطنه وأمته، وسفير عالمي للإسلام بمواقفه العالمية الخيرة».

وأضاف غباش: «لن تقتصر المعروضات على السرد التاريخي لعلاقة مجتمعنا برحلة الحج، منذ أن دخل الإسلام إلى هذه المنطقة من شبه الجزيرة العربية في السنة الثامنة من الهجرة، وإنما سيسلط الأضواء على ابتكارات المسلمين الأوائل لتسهيل رحلة الحج، من خلال بناء الاستراحات، وحفر الآبار على طرق الحج البرية، وما رافق ذلك من تقاليد وفنون تحتفي بموسم الحج العظيم».

إرث معرفي

يتضمن المعرض سرداً تاريخياً دقيقاً لتطوّر الطرق التي عبرها الحجاج قبل استحداث الطائرات، ويتتبع الإرث المعرفي، الذي تكون عبر هذه الرحلة التي استخدمت فيها أدوات فلكية لتحديد مواقع النجوم التي تحدد الطرق الصحيحة إلى مكة المكرمة، مثل الإسطرلاب، ومؤشر اتجاه القبلة، الذي مكّن من تحديد اتجاه الصلاة عبر هذه الرحلة الطويلة.

كما يتضمن قطعاً أصلية من هذه الأدوات، مثل الإسطرلاب النحاسي الموقع من قبل أحمد بن محمد بن إبراهيم من المغرب، ويعود إلى سنة 1123 هجرية (1711 - 1712 ميلادية) وهو من مقتنيات متحف زايد الوطني.

كما تعرض مجموعة من مؤشرات القبلة من مجموعة ناصر داوود خليلي للفن الإسلامي، تعود إلى فترات إسلامية مختلفة، واستخدمت في صنعها مواد مختلفة، مثل الخشب المطلي والنحاس والعاج والجلد، وغيرها من مواد.

ويحتوي المعرض على رسوم بيانية لطرق الحج عبر الجزيرة العربية مع تسليط الضوء على الأماكن التي توقف عندها الحجاج، مثل شجرة «الشبهانة» المعمرة بالقرب من مدينة السلع، وآخر لطرق سلكها مسلمو العالم عبر قارتي إفريقيا وآسيا، وصولاً إلى بيت الله الحرام، ومنها شبكة سكة حديد الحجاز التي أقامها العثمانيون بدايات القرن الـ20 لربط المدن الكبرى بمكة المكرمة، وهو المشروع الذي يعدّ مفصلياً في تاريخ الحج، إذ أسهم في تيسير رحلة الحج، ومهّد للمزيد من التحديث في الرحلة.

وتحضر في المعرض مجموعة نادرة من الصور والبطاقات البريدية، التي وثقت المشروع حتى تدميره أثناء الحرب العالمية الثانية.

ويستعيد كذلك إرث عصر البواخر التي دخلت الخدمة في أواسط القرن الـ20، وسرّعت من رحلة الحج عبر القارات، ومن بين الصور النادرة في المعرض، صور غرق سفينة حجاج عام 1968 في طريقها إلى باكستان، وهي من أرشيف المصور الشهير نور علي راشد.

تويتر