توّجتها اليونسكو عاصمة عالمية للكتاب لعام 2019

الشارقة.. مدينة جعلت القراءة أسلوب حياة

صورة

تروي حكاية مشروع الشارقة الثقافي سيرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، إذ أدرك سموه منذ طفولته قيمة الثقافة والكتاب، فشيّد إمارة للمعرفة، باتت بعد أكثر من أربعة عقود من العمل والجهد عاصمة عالمية للكتاب، يتوافد إليها كبار المثقفين، والمؤلفين، والمفكرين، والناشرين، وتقود برؤاها مشروع الثقافة العربية لتشرع نوافذ الحوار الإنساني مع العالم، وتكرّس مفاهيم أصيلة للتواصل والمحبة والسلام.

- نجحت مبادرة «مكتبة لكل بيت» في تحقيق إنجاز هو الأول من نوعه عالمياً، مع إعلانها الانتهاء أخيراً من توفير مكتبة منزلية لـ42.366 بيتاً إماراتياً في الشارقة.

- اهتمام حاكم الشارقة بالكتاب جعلها قِبلة لكل قارئ ومثقف ومفكر وناشر.


الشارقة.. إمارة أصبحت مكتبة ضخمة

تتأكد ملامح مبادرة «ثقافة بلا حدود» كمشروع ثقافي كبير، بالنظر إلى المبادرات التي تفرعت منه، إذ نجح في تشكيل قاعدة متينة لإطلاق سلسلة من المبادرات والبرامج التي تنصب في الرؤية المحورية لها، حيث نجحت مبادرة «مكتبة لكل بيت» في تحقيق إنجاز هو الأول من نوعه عالمياً، مع إعلانها الانتهاء أخيراً، من توفير مكتبة منزلية لـ42.366 بيتاً إماراتياً في الشارقة، بواقع 50 كتاباً لكل أسرة، ليصل إجمالي عدد الكتب التي تضمها هذه المكتبات إلى 2.118.300 كتاب، في خطوة تؤكد أحقية الشارقة بأن تكون عاصمة للكتاب، كما هي عاصمة للثقافة والفن والتعليم والمعرفة، وتعكس اهتمامها بالاستثمار في البناء المعرفي للإنسان.

في إطار ذلك، وضمن أهداف عريضة تتكامل مع رؤية «ثقافة بلا حدود»، أطلقت المبادرة مشروع «العربة المتنقلة» لتوفير الكتب للمرضى في المستشفيات الحكومية الذين عادة ما يقضون ساعات عديدة إما في انتظار زيارتهم للطبيب أو أثناء عملية العلاج، وبذلك تصل الكتب لمن لا يستطيع الوصول إليها. كما أطلقت مشروع «المكتبة الجوية» بالتعاون مع «العربية للطيران» لزيادة الوعي بأهمية الثقافة وجعلها أسلوب حياة، والتأكيد على أن الكتاب يجب أن يكون صديق الإنسان المقرب يحمله معه أينما ذهب.

مدينة الشارقة للنشر.. الأولى من نوعها في العالم

توجت الشارقة مشروع النهوض بواقع النشر المحلي والعربي والدولي، والذي يعتبر الأول من نوعه في العالم، بإطلاق «مدينة الشارقة للنشر» في العام 2013 بتوجيهات من صاحب السمو حاكم الشارقة، في إطار استراتيجي واضح، لتلبية حاجة قطاع النشر، وتوفير فرصة للناشر الإماراتي والعربي لفتح آفاق عالمية على مختلف أسواق الكتاب في العالم، وإتاحة المجال للناشرين الدوليين لتحقيق حضورهم في بلدان المنطقة من خلال هذه المدينة وما توفره من خدمات تلبي احتياجات الناشرين كافة، سواء شركات الطباعة، أو التوزيع، مروراً بخدمات التحرير، والمراجعة والتدقيق، وصولاً إلى الترجمة، والتصميم، والإخراج، ومجمل ما يتعلق بعملية النشر.

ويأتي مشروع «مدينة الشارقة للنشر»، لتعزيز مكانة الإمارة لتصبح مركزاً عالمياً يستقطب المعنيين بقطاع النشر والطباعة بأنواعه كافة، ودعم الحركة الثقافية والبحث العلمي على المستوى المحلي والإقليمي والدولي. كما تمنح المدينة الناشرين فرصة الاستفادة من العوائد المستقبلية المتوقعة لهذا القطاع، حيث يستورد السوق الإقليمي للمنطقة كتباً ومواد ذات صلة بقيمة مليار دولار أميركي، بمعدل نمو يصل إلى 11% سنوياً، وتتوجه صناعة الكتاب مستقبلاً في العالم العربي والشرق الأوسط إلى ما يقارب 950 مليون فرد من سكان المنطقة.


للإطلاع على الموضوع كاملا يرجى الضغط على هذا الرابط.

بدأت الحكاية منذ أهدى والد صاحب السمو حاكم الشارقة، الشيخ محمد بن صقر القاسمي، لابنه خنجراً مذهباً، حيث رهن صاحب السمو الشيخ سلطان القاسمي الخنجر واشترى بثمنه كتباً، وراح يشق طريقه في العِلم، ويحمل شغفه بقلبه وعقله حالماً بعاصمة بنيانها الثقافة، فباتت مكتبة بيته تتسع وتمتد أرففها حتى صارت الشارقة مكتبة كبيرة تجمع قراء العالم، وتؤكد رؤيته التي لخصها بقوله: «الثقافة حجر الزاوية في التنمية المنشودة، وهي ما يحقق التوازن بين الانتماء الحضاري وروح العصر».

تنكشف فصول حكاية الشارقة، الحائزة لقب العاصمة العالمية للكتاب لعام 2019، بالوقوف عند تاريخ طويل ومستمر من العمل، كرس فيه صاحب السمو حاكم الشارقة، سلسلة من المشاريع، والمبادرات، التي ظلت تتنامى وترسم ملامح إمارة الكتاب عاماً تلو آخر، والتي يسرد كل فصل من فصولها حكاية مشروع ثقافي ظل الكتاب بطلها الذي يؤكد أنه إناء المعرفة الأزلي، وحجر بنيان الحضارات الصلب.

تتجلّى صورة الشارقة الثقافية بالوقوف عند مشاريعها السبّاقة، وبرامج عملها الرائدة، فمنذ اليوم الذي افتتح فيه حاكم الشارقة الدورة الأولى لمعرض الشارقة الدولي للكتاب، عام 1982، أعلن رهانه على المعرفة، وظل العمل يتواصل على مدار خمسة وثلاثين عاماً، حتى بات المعرض اليوم ثالث أكبر معرض كتاب في العالم.

ويكفي المتابع لسيرة الشارقة مع الكتاب المقارنة بين الدورة الأولى لمعرض كتابها، وبين دورته الأخيرة، حيث تحول المعرض من خيمة يجتمع فيها بعض الناشرين العرب وقلة من القراء آنذاك، إلى مهرجان معرفي يقود المشهد الثقافي العربي ويجمع سنوياً أكثر من مليوني زائر يتوافدون إليه من مختلف أنحاء دولة الإمارات، والبلدان المجاورة، ويستقطب ما يفوق الـ1500 دار نشر من عشرات الدول الشقيقة والصديقة.

وإلى جانب معرض الكتاب وحضورها البارز في الحياة الثقافية، تنتشر في إمارة الشارقة اليوم سبع مكتبات عامة، تقدم لروادها صنوف المعرفة وألوان الكتب، موفرة لهم البيئة المثالية لبداية رحلتهم مع عالم القراءة الممتع والمفيد، من خلال 600 ألف وعاء معرفي، تشمل الكتب، والدوريات، والمخطوطات، والمجلدات، وغيرها من المصادر المعرفية، بلغات أخرى عديدة.

واستناداً إلى هذا التاريخ الحافل بالإنجازات، تمكنت الشارقة أخيراً، من الحصول على ثقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، بمنحها لقب «العاصمة العالمية للكتاب لعام 2019» بفضل الجهود التي بذلتها الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، المؤسس ورئيس مجلس إدارة جمعية الناشرين الإماراتيين، ورئيس لجنة ملف تقديم الطلب إلى «يونسكو»، وأعضاء هذه اللجنة، وهم رئيس هيئة الشارقة للكتاب أحمد بن ركاض العامري، ورئيس مجلس إدارة المجلس الإماراتي لكتب اليافعين مروة العقروبي، ومدير مشروع ثقافة بلا حدود سابقاً والمدير التنفيذي لجمعية الناشرين الإماراتيين حالياً راشد الكوس.

تويتر