«الإمارات اليوم» عاينت أنقاض بيته المطمورة تحت التراب

أحمد بن ماجد.. «وردة الرياح» تشير إلى رأس الخيمة

ما تبقى من منزل عالم البحار والفلك أحمد بن ماجد. الإمارات اليوم

في منطقة الغب بإمارة رأس الخيمة أطلال بيوت قديمة مبعثرة هنا وهناك، يعود تاريخها إلى مئات السنين، لكن من بينها ركام بيت مدمر تماماً، بالكاد يلحظ المرء بعض حوائطه، ومع ذلك يحظى بأهمية خاصة، يكتسبها من صاحبه الذي كان يقيم فيه، وهو عالم البحار والفلك أحمد بن ماجد، الذي ولد في 1421 ميلادية، وتوفي عن عمر 81 عاماً.

40 كتاباً لابن ماجد

لم تقف إنجازات أحمد بن ماجد عند علوم البحار فحسب، وإنما كان أيضاً مولعاً بالتأليف شعراً وأدباً، فقد ترك وراءه مكتبة تضم 40 عملاً مكتوباً، مثل «الفوائد في أصول علم البحر»، «رسالة قلادة الشموس»، «تحفة الفحول في تمهيد الأصول»، «العمدة المهدية في ضبط العلوم البحرية»، «المناهج الفاخر في علم البحر الزاخر»، «كتاب الملل»، و«حاوية الاختصار في أصول علم البحار».

والزائر لمعهد الدراسات الشرقية في بلينيغراد يجد مخطوطة عربية كتبها أحمد بن ماجد في ثلاثة فصول، يصف فيها بالشعر طرق الملاحة المختلفة عبر البحر الأحمر والمحيط الهندي.


أحمد بن ماجد رافق فاسكو دي جاما في الرحلة الشهيرة حول الرجاء الصالح ما جعل منه شخصية تاريخية مهمة.

ويقول ناصر حسن الكاس آل علي، الذي رافقنا إلى حيث يوجد بيت أحمد بن ماجد «منذ قديم الزمان يحكي أهل الديرة عن أن هذا هو بيت النجدي، ويقصدون بذلك أحمد بن ماجد، الذي لا يختلف اثنان على انه كان يسكن (جلفار)، وهو الاسم القديم لإمارة رأس الخيمة». ووفقاً لمقتنيات الآثار التي توفرها «جمعية بن ماجد»، التي أنشأها ناصر آل علي، فإن أعمال التنقيب عن الآثار التي شهدتها رأس الخيمة أخيراً تؤكد أن جلفار، التي عاش فيها أحمد بن ماجد، يرجع تاريخها إلى أكثر من 5000 سنة قبل الميلاد، وكانت تتمتع بكثافة سكانية ونشاط تجاري مزدهر، وأيضاً صناعة السفن الخشبية، ويستدل على ذلك من مجموعة مقتنيات تضم العملات المعدنية، والخزف الصيني، والأفران التي استخدمت في صناعة الأواني الفخارية في منطقتي شمل ووادي حقيل.

وما بقي من ركام بيت أحمد بن ماجد يوحي بأنه، مثل بقية المساكن في ذلك الزمان، بني من مادة الطين، وله جدران ضخمة، وفي الغالب أن سقفه المدفون تحت الأنقاض يتألف من خشب الصندل والعريش الذي توفره أشجار النخيل. ووفقاً للمعلومات المتوافرة في المتحف، كان أحمد بن ماجد يتحدث بعض اللغات الأجنبية، حيث عاش في كنف أسرة تعشق البحار، فكان أبوه ملاحاً، وكذلك جده، واشتهرا معاً بمعرفة القياسات وأسماء الأماكن ومواصفات البحار، ومنذ الصغر اشتهر بن ماجد بحب الأسفار، وعندما بلغ سن العاشرة سمح له والده بمرافقته في رحلاته البحرية، بينما في سن الـ17 تولى هو نفسه قيادة أول رحلة بحرية بإشراف والده. ويقول ناصر آل علي «يؤكد التراث المتوافر في متحف أحمد بن ماجد ضلوع عالم البحار العربي في علم الفلك واستخداماته في الملاحة، وأيضاً اكتشافه أساليب متطورة في فنون الملاحة، عبر استخدام علم الفلك، ومن اختراعاته (البوصلة البحرية) المقسمة إلى 22 درجة، التي لاتزال مستعملة إلى الآن، وأيضاً (وردة الرياح)، وهي آلة مصنوعة من الخشب، وبداخلها دائرة مقسمة إلى الجهات الأربع الأصلية، وتستخدم في معرفة الرياح».

وتفيد الوثائق بأن أحمد بن ماجد وافق على مرافقة المكتشف البرتغالي، فاسكو دي جاما، في الرحلة الشهيرة حول الرجاء الصالح، بدافع اكتساب المزيد من الخبرات والمعرفة العلمية، وأن اسمه ارتبط باكتشاف الطريق الجديد الذي يربط أوروبا بالهند، ما جعل منه شخصية تاريخية مهمة.

 

تويتر