تجربة فنانين عايشوا الحياة في محميات أبوظبي

40 عملاً تستلهم طبيعة الإمارات في «خلق وإبداع»

صورة

تجربة فريدة خاضها مجموعة من الفنانين من جنسيات مختلفة، حيث استضافتهم هيئة البيئة - أبوظبي في المحميات الطبيعية التي تديرها، وهي: محمية الوثبة للأراضي الرطبة، ومتنزه القرم الوطني، ومحمية قصر السراب، حيث عايش الفنانون الحياة في هذه المحميات وما تتميز به من جمال وطبيعة متفردة ونظام بيئي دقيق. هذه التجربة أثمرت 40 عملاً تنوعت بين التصوير الفوتوغرافي والتركيب والنحت والرسم، ضمها معرض «الطبيعة.. خلقٌ وإبداع»، الذي تم افتتاحه مساء أول من أمس، في حديقة أم الإمارات في أبوظبي، ويقام احتفالاً بالذكرى العشرين لتأسيس هيئة البيئة - أبوظبي.

إلى جانب ما تحمله من جماليات واضحة، تميزت الأعمال التي ضمها المعرض الذي يستمر حتى 23 أبريل المقبل، بتوظيف الفنانين لخامات من البيئة التي عايشوها في المحميات الطبيعية، مثل المرجان والمواد العضوية والملح والطمي وغيرها، وقاموا بتوظيفها لتتحول إلى أعمال فنية فريدة، وظهر بوضوح مدى علاقة هذه الأعمال بالجذور الراسخة للإنسان الإماراتي في بيئة حاضنة لهويته وهواه وإنسانيته ووجوده، وقدرتها على التعبير عما تحتضنه البيئة الطبيعية الفريدة للإمارات من موائل الحياة الفطرية والمشاهد الطبيعية والأنواع النباتية والحيوانية.

انقسم المعرض الذي افتتحته مؤسِس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، المؤسس والمدير الفني لمهرجان أبوظبي هدى إبراهيم الخميس، والأمينة العامة لهيئة البيئة - أبوظبي، رزان خليفة المبارك، إلى أربعة أقسام، كلها استمدت عناوينها وأفكار الأعمال التي ضمتها من بيئة الإمارات: يحمل القسم الأول عنوان المشاهد الطبيعية، ويضم أعمال تكليف من قبل مهرجان أبوظبي للفنانين المشاركين، مثل عمل مخطوطات للمصور روبيرتو لوبارد الذي أمضى 24 ساعة على جزيرة بوطينة في عزلة تامة ومواجهة مطلقة مع الطبيعة، وقام بتسجيل هذه التجربة في 1440 صورة رقمية. تجربة أخرى خاضها الفنان طارق الغصين، حيث أمضى ثلاثة أيام وهو يصور بعض الجزر المحيطة بجزيرة بوطينة، وحصل على فرصة نادرة لاكتشاف جزر مجهولة تماماً، وقام بالتقاط صور فوتوغرافية تعبر عن كيفية ارتباط الإنسان بالطبيعة باستخدام صورته. بينما قامت الفنانة شيخة المزروعي في عملها «أرض الرمال» بحفر دوائر متحدة المركز في التربة الصخرية في رأس الخيمة.

واتسم القسم الثاني من المعرض الذي حمل عنوان «البحر» بما حملته الأعمال الفنية من تفرد لافت، من بينها أعمال الفنانة زليخة بينيمان التي استخدمت فيها المرجان لتخلق تشكيلات مختلفة، مثل مصابيح الطاولة وحاملات مصابيح جدارية، وعمل الفنان عامر الداعور الذي يتكون من أوزان صيد معلقة على خيط صيد مصنوع من النايلون وهيكل معدني مجلفن، ويحمل العمل رسالة بضرورة حماية البيئة البحرية من الصيد الجائر. وكانت الحيوانات هي عنوان ومضمون الأعمال في القسم الثالث من المعرض كما في عمل رنيم عروق «حياة جديدة»، الذي يصور سبع مجموعات من قرون المها العربي تنبثق تدريجياً من الرمال، في إشارة لجهود هيئة البيئة - أبوظبي لحماية هذه الحيوانات، كما استمدت الفنانة موضوع عملها الثاني «بريق اللؤلؤ» من ارتباط اللؤلؤ بتاريخ المنطقة. أما «تحليق» الذي قدمه استديو «inter.ae» فاستمد فكرته من حركة جناح الصقر، ليترجمها إلى عمل تركيبي معقد يعتمد على الهندسة الميكانيكية. وحمل القسم الرابع في المعرض عنوان النباتات وتضمن أعمالا تعبر عن النباتات المعروفة في البيئة الإماراتية مثل أشجار القرم وغيرها. كما قدم الفنان أحمد الفارسي عملاً من سلسلة دخان قديم، والذي استخدم فيه 80 ألف دبوس ملمع على قماش، ليجسد منها نخلة باسقة. بينما تفردت الفنانة فاطمة مطر لوتاه بتنفيذ عمل فني أمام الجمهور في المعرض.

من جانبها، أشارت هدى إبراهيم الخميس، إلى أن «المعرض يمثل مساحة للقاء المشترك بين الفنون والبيئة، حيث تطلب الحفاظ على البيئة وعياً إنسانياً وذائقة فنية، كما تعد الفنون وسيلة مهمة للارتقاء بالوعي البيئي، وتسهم في ترسيخ أهمية الحفاظ على موارد الحياة للأجيال والإنسان في كلّ زمان»، مضيفة أن «للفنان القدرة على إيصال رسالة الوعي بلغة الألوان والأشكال الفنية المجرّدة، والمعرض يسهم بالأعمال التي يضمها في التعريف بجماليات المكان والبيئة الإماراتية بعيون فنانين عايشوا هذا الجمال الطبيعي وأحبوه، فجسّدوه فناً عالياً بذائقة استثنائية فريدة». كما أثنت الخميس على الدور الرائد الذي تلعبه هيئة البيئة ـ أبوظبي منذ عشرين عاماً في تعزيز جهود الحفاظ على البيئة الإماراتية، والتعريف بموائل الجمال الطبيعي في إمارة أبوظبي، بل وإشهارها عالمياً على قوائم اليونسكو لمحميات المحيط الحيوي التي تجمع الكائنات المهددة بالانقراض، وتمثل موائل حمايتها وتكاثرها.

بينما عبرت رزان خليفة المبارك عن سعادتها «بما يضمه هذا المعرض من أعمال فنية تعكس النظم البيئية الإماراتية المتميزة التي استطاعت أن تلهم الفنانين لإبراز روائع الأنواع والتنوع البيولوجي لبيئتنا الطبيعية». وأضافت: «هذا المعرض هو احتفال ببيئتنا الطبيعية، وتراثنا الثقافي الغني ومجتمعنا الفني الموهوب. وهو موجه لجميع الأعمار من مختلف الجنسيات، وأود أن أدعو الجميع لزيارة المعرض، وكذلك زيارة المناطق الطبيعية للتعرف إلى ملامح تراثنا الطبيعي والثقافي الرائع».

وبالتزامن مع معرض «الطبيعة.. خلقٌ وإبداع»، يقام برنامج تعليمي تحت رعاية سمو الشيخة شمسة بنت حمدان آل نهيان، يتضمن جولات تعريفية يتم تنظيمها مرتين أسبوعياً، وجلسات حوارية مع فنانين، وورش عمل، كما سيحظى زوار المعرض من الصغار بفرصة التعرف إلى العديد من الأحياء البحرية والحيوانات، والنباتات، من خلال ورش عمل مصممة خصيصا لهم.

تويتر