يعود تاريخ بنائها إلى 1948

«قلعة المربعة» نموذج العمارة القديمة في الإمارات

صورة

«أقرأ عن وطني»

مساحة من المعرفة تخصصها «الإمارات اليوم» لتعريف القرّاء من مختلف الأعمار بدولة الإمارات، من خلال طرح موضوعات ترتبط بالهوية الوطنية، وتاريخ الدولة وثقافتها، وتراثها ولهجتها وإنجازاتها، وكل ما يرتبط بهوية ومكونات الدولة، والشخصية الإماراتية، وهو ما يصبّ في تحقيق أهداف نشر المعرفة والثقافة التي يستند إليها «عام القراءة».


عبر قديم الزمان؛ لعبت القلاع والحصون دوراً مهماً في المنطقة، حيث اتخذ منها السكان وسيلة لحماية المدن والتجمعات السكانية والدفاع عنها في حال تعرضها للهجوم. واتسمت القلاع والحصون بسمات معمارية مميزة عرفت بها، كما اختلفت المواد المستخدمة في البناء باختلاف المكان الذي بنيت فيه هذه القلاع، نظراً لاستخدام السكان المواد المتوافرة في البيئة في البناء.

أمر الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ببنائها خلال فترة حكمه للمنطقة الشرقية، لتكون برجاً للمراقبة ومقراً للحرس، واختار لها موقعاً استراتيجياً لتحتله عند حافة المدينة، حيث كانت تشرف على مدينة العين وتؤمّن لها الحماية المطلوبة، ويذكر أنه ــ رحمه الله ــ استقدم بنّاءً وحدد له بعصاه موقع المربعة، ومساحتها، وقال له: «هنا تبنى المربعة».

وتضم مدينة العين عدداً من القلاع التاريخية التي ارتبطت بمراحل زمنية مختلفة من تاريخ أبوظبي والمنطقة، من بين هذه القلاع قلعة «المربعة» التي تقع بالقرب من الحصن الشرقي في مدينة العين، ويحدها من الغرب والجنوب الطريق الرئيسة ومن الشمال المنازل السكنية ومن الشرق مركز الشرطة، و تعد آخر قلاع المدينة. كما أنها تحتل أهمية خاصة لدى أهل مدينة العين، خصوصاً الذين عاصروا مراحل البناء التي قادها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان، رحمه الله، الذي كان له الفضل في بناء المدينة، حيث يعود تاريخ قلعة المربعة إلى عام 1948، عندما أمر الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ببنائها خلال فترة حكمه للمنطقة الشرقية، لتكون برجاً للمراقبة ومقراً للحرس، واختار لها موقعاً استراتيجياً لتحتله عند حافة المدينة، حيث كانت تشرف على مدينة العين وتؤمّن لها الحماية المطلوبة، فالموقع الجغرافي كان من أهم الشروط التي يحرص أهل المنطقة على توافرها عند بناء قلاعهم وحصونهم. يذكر أنه ــ رحمه الله ــ استقدم بنّاءً، وحدد له بعصاه موقع المربعة، ومساحتها، وقال له: «هنا تبنى المربعة»، وكان يشرف بنفسه على مراحل البناء أولاً بأول.

تتسم قلعة المربعة بسمات معمارية بارزة تجعلها من أهم النماذج الفريدة التي يمكن من خلالها التعرف إلى أساليب البناء القديمة. واكتسبت «المربعة»، مثل قلاع أخرى توجد في أماكن أخرى من المنطقة، اسمها من التصميم المعماري لها الذي يأخذ شكل المربع، وهو نظام عرف قديماً كنظام بناء يوجد في عدد من مدن الدولة الأخرى، وكانت المباني العسكرية التي تتخذ هذا الشكل تسمى بالمربعات. ونظراً لأهميتها؛ فرضت قلعة «المربعة» اسمها على المنطقة المحيطة بها بأسرها حتى أصبحت منطقة وسط مدينة العين تعرف بمنطقة المربعة. وتتألف القلعة من برج مستطيل الشكل تقع بوابته في وسط الجدار الغربي لشرفة القلعة المبنية من الطوب الطيني. وتتمركز الشرفات والأبراج المثلثة الشكل والمستخدمة للرماية على قمة الجدران والبرج، كذلك تتميز القلعة بالقوس متعدد الطبقات الذي يطل على الشارع الرئيس، والذي يعد نموذجاً للبناء المحلي، حيث استخدمت جذوع أشجار النخيل والحصير المصنوع من سعف النخيل لدعمه في البناء. وتعكس القلعة نموذجاً آخر من نماذج العمارة المحلية من خلال كوخ يوجد في ساحتها، وهو مبني من غصون النخيل، يعكس طبيعة العمارة المحلية التي كانت شائعة في بناء المنازل في دولة الإمارات حتى ستينات القرن الماضي. وتعكس الخامات المستخدمة في بناء قلعة المربعة حالة الانسجام التي استطاع أن يصل لها الإنسان القديم مع بيئته، وقدرته على تطويع الخامات البسيطة التي جادت بها البيئة التي يعيش فيها للتحايل على قسوة الحياة وقتها، وحماية نفسه والتجمعات الإنسانية التي يعيش فيها، ليجعل من الطين وسعف النخيل وجذوع النخل أدوات ليبني منها بيوتاً يعيش فيها، وقلاعاً وحصوناً لحمايته.

أمر المغفور له الشيخ زايد ببناء القلعة لتكون برجاً للمراقبة ومقراً للحرس، واختار لها موقعاً استراتيجياً.

للقلعة سمات معمارية تجعلها من أهم النماذج التي يمكن من خلالها التعرف إلى أساليب البناء القديمة.

وقد شيدت المربعة في البداية لتكون برجاً للمراقبة ومقراً للحرس لتتحول لاحقاً إلى مقر للشرطة وسجن محلي ومكان للتجمع من أجل إقامة المهرجانات وعقد الاجتماعات الرسمية للحاكم. وسمي مركز الشرطة الذي توسع لاحقاً باسم شرطة المربعة تيمُّناً بالقلعة، كما أنها احتضنت أول تجمع للشرطة بشكلها الحالي، وضمت إدارات المرور وغيرها من أقسام الشرطة بعد أن كانت مهجعاً للحرس في وقت سابق، وظلت تستخدم كمركز للشرطة حتى عام 1985، حيث تسلمتها إدارة الآثار والسياحة في العين، واعتنت بها من خلال ترميمها وإزالة المباني المستحدثة من حولها، والتي بنتها الشرطة كمكاتب لها لتعيد إليها من جديد تألقها المعماري والتراثي التقليدي الأصيل، وعادت لصورتها الأصلية، وهي قلعة مربعة الشكل مكونة من أدوار عدة يحيط بها سور كبير.

وبهدف الترويج والتعريف بقلعة المربعة في مدينة العين كأحد المعالم الثقافية التاريخية البارزة بدولة الإمارات، وكذلك الإسهام في تعزيز الاهتمام بالأنشطة الثقافية والفعاليات التراثية والترفيهية التي تركز على جميع أفراد المجتمع؛ نظمت القيادة العامة لشرطة أبوظبي بالتعاون مع هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، العام الماضي مهرجان المربعة التراثي في قلعة المربعة، وتضمن المهرجان العديد من الفعاليات التراثية، إلى جانب إتاحة الفرصة أمام الجمهور للتعرف إلى التاريخ القديم لشرطة أبوظبي من خلال متحف «المربعة للموروث الشرطي»، الذي اشتمل على مركبات قديمة للشرطة، وصور توثق لتاريخ شرطة أبوظبي، والعديد من المقتنيات الشرطية، والتاريخ الذي يمثل عراقة وتراث الشرطة، إضافة إلى سوق شعبي يزخر بمنتجات الأسر المنتجة.

تويتر