يجمع بين الماضي والحاضر

«قلب الشارقة» تاريخ ينبض بالحياة

صورة

«أقرأ عن وطني»

مساحة من المعرفة تخصصها «الإمارات اليوم» لتعريف القرّاء من مختلف الأعمار بدولة الإمارات، من خلال طرح موضوعات ترتبط بالهوية الوطنية، وتاريخ الدولة وثقافتها، وتراثها ولهجتها وإنجازاتها، وكل ما يرتبط بهوية ومكونات الدولة، والشخصية الإماراتية، وهو ما يصبّ في تحقيق أهداف نشر المعرفة والثقافة التي يستند إليها «عام القراءة».
 



بعبق التاريخ ورائحة السنين، يقف «قلب الشارقة» حارساً وشاهداً على مئات السنين التي احتلت خلالها إمارة الشارقة مكانة خاصة على خارطة المنطقة، كواحدة من الموانئ المهمة والمراكز التجارية التي يقصدها القاصي والداني، نظراً إلى تمتعها بمنطقة ساحلية واسعة تمتد على الخليج العربي وخليج عمان، وكان خلالها قلب الشارقة يعج بالحركة والنشاط، ويجمع الأسواق والبيوت والمقاهي والمدارس وغيرها.

جاء مشروع «قلب الشارقة»، الذي يقع على بعد خمس دقائق فقط من كورنيش المدينة، و10 دقائق من مطار الشارقة الدولي، ليعيد منطقة الشارقة القديمة إلى الواجهة بلمسات عصرية، حيث يعد مشروع الترميم الأول من نوعه للمناطق التراثية في الشارقة، والأكبر والأبرز في المنطقة.

تقع منطقة قلب الشارقة في الجزء القديم من إمارة الشارقة، ووفقاً لمصادر تاريخية، لعبت هذه المنطقة دوراً بارزاً في تطوير التجارة، حيث أكد الإدريسي، عالم الجغرافيا العربي في القرن الـ11، على وجود ميناء في المكان الذي تقع فيه منطقة قلب الشارقة حالياً، كما تميزت الشارقة تاريخياً بوجود عنصرين أسهما في وجود المستوطنات البشرية في الخليج العربي؛ الأول أنها تقع في مدخل محمي من البحر، يُدعى محلياً الخور، وثانياً وجود المياه العذبة في أعماق ضئيلة نسبياً.وحسب المصادر التاريخية التي ترجع إلى عام 1756 كانت توجد ثلاثة مواقع على الساحل بين القطيف (في المملكة العربية السعودية)، وصير (رأس الخيمة)، هي: العجير وقطر والشارقة، وتحتوي هذه الأماكن على نسبة ضئيلة من السكان، ومنها كان يتم نقل بلح البصرة والأرز إلى عرب الصحراء من قبل غواصي اللؤلؤ، وحتى زمن التجارة القديمة مع الشرق، وقدوم عائلة القواسم بأسطولها البحري القوي للإقامة في المنطقة، ولغاية النصف الأول من القرن الـ19، كانت الشارقة الميناء الأهم في الخليج العربي الأدنى، إلى أن تم تدمير موقع الشارقة القديمة ومينائها بالكامل من قبل البريطانيين في عام 1820، قبل أن يتعافى بوتيرة أسرع من بقية الموانئ في منطقة الإمارات. حيث أصبحت المنطقة نقطة تواصل حضاري بين التجار القادمين عبر البحر، وبين سكان المنطقة وبقية مدن الإمارات، وهو ما أوجد نشاطاً تجارياً كبيراً في المنطقة، ساعد السكان على إقامة العديد من البيوت السكنية والأسواق والمساجد، التي ظلت شاهدة على نمو المدينة وتطورها عبر الزمن. وفي السنوات الأخيرة؛ جاء مشروع «قلب الشارقة»، الذي يقع على بعد خمس دقائق فقط من كورنيش المدينة، و10 دقائق من مطار الشارقة الدولي، ليعيد منطقة الشارقة القديمة إلى الواجهة بلمسات عصرية، حيث يعد مشروع الترميم الأول من نوعه للمناطق التراثية في الشارقة، والأكبر والأبرز في المنطقة. ويهدف المشروع، الذي تقوم على تنفيذه هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، ومن المقرر إنجازه في عام 2025، إلى إبراز الازدهار الذي عاشته الإمارة منذ أكثر من نصف قرن، وإعادة ترميم وتجديد المناطق التراثية لتشكيل وجهة سياحية وتجارية متفردة ذات لمسة فنية معاصرة تتناغم مع طابع الخمسينات. وتم في عام 2014 إدراج منطقة قلب الشارقة، ضمن القائمة التمهيدية لمواقع التراث العالمي التي تشرف عليها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو»، بما يعكس ثراء التراث الأثري والتاريخي في دولة الإمارات العربية المتحدة.

ويضم المشروع، الذي ينقسم إلى خمس مراحل يتم العمل على المرحلة الأولى منها حالياً، عدداً من المعالم التاريخية والتراثية البارزة، تضم عدداً من الأسواق، مثل سوق الشناصية الذي يعد من أقدم وأكثر الأسواق حيوية في المنطقة، وسوق العرصة، والسوق القديم، وسوق صقر. ومتاحف من بينها متحف الحصن، الذي يعد أهم بناء في الشارقة منذ بداية القرن الـ19 وحتى منتصف القرن الـ20، وتم بناء الحصن عام 1823 ليستخدم آنذاك مقراً للحكم وسكناً لعائلة القواسم الحاكمة. وتضم صالات العرض في المتحف مقتنيات واسعة من الصور والقطع والقصص التي توفر للزوار فرصة عيش تاريخ الشارقة وأهلها، و«متحف بيت النابودة»، و«متحف الشارقة للتراث» الذي يمكن من خلاله استكشاف أسلوب الحياة في الشارقة القديمة، والتعرف على الاحتفالات والأعمال الثقافية المحلية والتقاليد القصصية المرتبطة بتراث الإمارة الثري، بالإضافة إلى متحف «مدرسة الإصلاح» التي تأسست عام 1935 لتكون أول مدرسة نظامية تفتتح أبوابها في الشارقة، وتستقبل في فصولها طلاباً من جميع أنحاء المنطقة، وهو يضم المقاعد الخشبية وغرف الدراسة المظللة، وصور الأشخاص الذين أحيوا عملية التعليم، وغرفة ناظر المدرسة ومرافع القرآن المصنوعة من خشب النخيل، ليقدم المتحف للزوّار لمحة عن النظام التعليمي القديم الذي يعود تاريخه إلى أكثر من 80 عاماً. أمّا أكبر متاحف قلب الشارقة وأشهرها فهو «متحف الشارقة للحضارة الإسلامية» المطل على خور الشارقة، الذي يحوي بين جنباته أكثر من 5000 قطعة فريدة جمعت من كل أرجاء العالم الإسلامي، وتكشف جوانب من ثراء الحضارة الإسلامية وكنوزها، ويتيح المتحف لزواره إطلالة تاريخية على الفنون والعلوم والحرف والاختراعات التي ظهرت على مدار عقود مختلفة مرّ بها الإسلام عبر تاريخه المجيد.

تويتر