لسبب ما سيجد كلٌ منا نفسه داخل الحكاية

إيرمانو ريا يروي تداعيات المُقالين من الحياة

صورة

عن التسريح من العمل، أو الإقالة من الحياة، تأتي رواية الكاتب الإيطالي إيرمانو ريا، الذي يؤثر الأدب الواقعي، وتصوير أزمات من حوله، والتعبير بشكل خاص عن هموم وأحلام مدينته نابولي، ومن فيها.

أسئلة مؤرقة تطوف بها «الإقالة من الحياة»، وتنقل تداعيات أصحابها، وعلى رأسهم (بوونو كوري) العامل الذي كان، في المصنع الذي كان أيضاً.

478 صفحة تقع فيها الرواية التي ترجمها عن الإيطالية ناصر إسماعيل، وصدرت عن مشروع «كلمة» في أبوظبي.

ماذا عن المستقبل بعد موعد آخر دوام بالعمل؟ كيف يعيد المرء الهدوء والأمل إلى نفسه وهو في الـ54 من العمر، بعدما سرّح عن عمل التحق به وهو في الـ22؟ وماذا يصنع في ذاكرته المشحونة ومتاهاتها؟ كيف يتحايل على ذاته التي لم تتغيب يوماً، حتى حينما حصل اضراب لم يشارك فيه ورأى أنه هراء؟ وماذا عن حلمه البسيط الذي يتلخص في أنه ولد عامل صيانة وسيموت هكذا؟ ما مآل من يعتبره الآخرون الرجل الخارق الذي يصلح كل شيء في المصنع ومن تسمى بعض الآلات على اسمه؟ هذه بعض الأسئلة التي تطوف بها رواية «الإقالة من الحياة»، وتنقل تداعيات أصحابها، وعلى رأسهم (بوونو كوري) العامل الذي كان، في المصنع الذي كان أيضاً، وشهد على قرن من الحياة والتاريخ في نابولي.

زمنياً؛ تعود الرواية من لحظة التسريح، إلى ممهداتها، والحديث الذي كان يدور في التسعينات عن إغلاق المصنع إيلفا (مجمع الحديد والصلب)، لكن العمال الذين لم يصلوا بعد إلى مرحلة الاكتئاب والانتحار كانوا يخادعون أنفسهم: «لن يموت»، حتى وإن بدا سائراً إلى زواله، وتصفيته وبيعه: «آلات الصب تفكك لبيعها للصينيين، والفرن العالي رقم خمسة للهنود، وأفران الجير لماليزيا، وقطار التصفيح لتايلاند». كما تضرب الرواية في الماضي، تفكك حياة بطلها، من لحظة الميلاد، والحديث عن الأم والأب والفقر، ومرحلة الطفولة، وبعدها الالتحاق بالعمل في المصنع عام 1969، ثم السنوات السوداء في التسعينات.

تحضر المدينة الإيطالية العريقة، نابولي، في الرواية التي تحولت إلى فيلم (النجمة الغائبة)، تاريخ المدينة وأزقتها، وكذلك عصاباتها، وقبل كل ذلك عمالها، وربما أكاذيب بعضهم، ومبالغات رواها بطل الحكاية ربما، لكن ثمة واقع، وحكاية عمال مجمع إيلفا للحديد والصلب، وكيفية تصفيته وتسريح الآلاف من عماله، وتوجيه أصابع الاتهام إلى أطماع المستثمرين، ورغبتهم في وضع أيديهم على أراضي المصنع الشاسعة، والتي تحتل مكاناً خلاباً من أجمل مناطق نابولي.

يصنف المترجم الدكتور ناصر إسماعيل، الرواية التي صدرت عن مشروع كلمة للترجمة بأبوظبي في 478 صفحة، بأنها «رواية المصنع»؛ إذ إن العامل والآلة هما البطلان دون منازع، والمؤلف الذي كان يؤثر أسلوب «التحقيق الروائي» يعترف بأنه كتب صفحات الرواية بالشراكة مع عامل صيانة، وتقنيّ سابق لآلة صب الصلب، ويضيف: «لا أدري في الحقيقة إن كانت هذه الصفحات تنتمي إليه أكثر مما تنتمي إليّ، فطيلة شهور جمعت كل ما أخبرني به؛ فقد كنا نعقد جلسات للتحاور كل يوم لساعتين، أو ثلاث، أو لأربع ساعات متواصلة، وقد أجبرته أيضاً على أن يرسل إليّ مجموعة من الرسائل صارت شيئاً فشيئاً، مع مرور الوقت، أكثر انفتاحاً، وارتباطاً بظروف حياته، إن هذه الخطابات أوحت إلي بتحويل الأمر برمته إلى عمل روائي ذي طابع تراسلي.. فلسبب أو لآخر سيجد كل منا نفسه داخل أحداث هذه الحكاية».

يشار إلى أن إيرمانو ريا، الذي رحل أخيراً، من مواليد مدينة نابولي عام 1927، وفاز بالعديد من الجوائز الأدبية في إيطاليا. عمل طويلاً في الصحافة، وتكتسي أعماله الروائية بمسحة اجتماعية واقعية. من أعماله: «الدرس الأخير» 1992، «عجائب نابولي» 1995، «نيران مضطرمة» 1998، و«سكة حديد نابولي» 2007.

للإطلاع على الموضوع كاملا ، يرجى الضغط على هذا الرابط.

تويتر