يحاول الإجابة عن سؤال كيف نكتب للصغار

عبدالرحمن بسيسو.. سفير يختار أدب الأطفال

بسيسو رأى أن إنهاض الوعي يبدأ من الطفل. أرشيفية

تتطلب الكتابة للأطفال ميزات خاصة في الكاتب، إذ إن هذا النوع من الأدب له خصائصه المتفرّدة التي تميّزه عن بقية فروع الأدب. ‭‭‬‬‬ويحاول الكاتب الفلسطيني الدكتور عبدالرحمن بسيسو، في كتابه الصادر عن دار ابن رشد بالقاهرة بعنوان «أدب الأطفال.. بين كتابة الإنشاء وإنشاء الكتابة»، الذي يقع في 110 صفحات أن يحدد هذه الخصائص والميزات.

وينقسم الكتاب إلى أربعة أقسام. ويقدم الكاتب في الأقسام الثلاثة الأولى ملاحظات وخطوطاً إرشادية للكتاب الذين يكتبون للأطفال، بينما يقدم في القسم الرابع «تمارين كتابية إبداعية». ومن خلال الأقسام الأربعة يحاول الإجابة عن سؤال «كيف نكتب للأطفال؟».

4 خطوات

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/12/406557.jpg

يحدّد الكاتب عبدالرحمن بسيسو أربع خطوات لإبداع قصة لكتاب مصوّر للأطفال: اختيار فكرة القصة وتحديد موضوعها، وخلق الشخصيات وتصميم الحبكة، وكتابة المسودة الأولى للقصة القصيرة، ومراجعة المسودة الأولى وتدقيقها وتحريرها.

وعن اختياره الكتابة عن أدب الأطفال تحديداً قال بسيسو، الذي يتولى منصب سفير السلطة الفلسطينية لدى سلوفاكيا: «المسألة تتعلق بإعادة إنهاض الوعي الذي يتطلب بناء الانسان العربي، وهذا يتطلب إنهاض الطفل». ويرى أن أدب الطفل فرع من الأدب بمعناه الواسع وبشتى أشكاله وتجلياته، «إلا أنه فرع متميّز يتسم بخصائص نوعية تميّزه عن غيره».

وفي رأي الكاتب، فإن الكتابة الموجهة للطفل يجب أن تكون «رشيقة رقيقة غير مترهلة»، وتكون موجهة نحو هدف محدد، وألا تبتعد عن السياق لأن الطفل «لا يقبل على الحديث الغامض المموّه والخالي من المعنى».

ومن وجهة نظره، فإن من المفيد لكاتب أدب الطفل أن يمكث بعض الوقت مع أطفال من المرحلة العمرية التي يكتب لها، مشيراً إلى أنه لكي تكتب حواراً مقنعاً للطفل «ليس لك إلا أن تصغي لأطفال يتحاورون أو لأطفال يحاورن أشخاصاً أكبر منهم سناً أو أصغر، كي تلتقط خصائص طرائقهم وأساليبهم في الكلام، وكي تلاحظ كيف تعكس هذه الطرائق والأساليب سمات شخصياتهم».

ويقول بسيسو، الذي بدأ العمل في الكتاب في 1988، إن «ما نص عليه الكتاب طبق عملياً في عدد كبير من القصص المصورة، التي صدرت عن مؤسسة فرح لثقافة الطفل، والتي أنشأتها في 1986»، مشيراً إلى أن مشاركته في المجلس الأعلى للطفولة ولجنة الطفولة في الجامعة العربية وعمله مع الأطفال في الهلال الأحمر الفلسطيني هو ما دفعه للكتابة عن أدب الأطفال. ويشدد على أن الأطفال «يرفضون النزعة التعليمية التي لا تمس إلا سطح الأشياء.. كما أنهم يرفضون المبالغة القائمة على التزييف، لأن في ذلك إرهاقاً لهم واستخفافاً بعقولهم وبملكاتهم التخيلية».

ويرى بسيسو أن الكاتب المبدع لا يبث رؤيتة «عبر المباشرة والتلقين، وإنما يبثها من خلال العلاقات الفنية الأسلوبية والبنائية والدلالية للعمل الفني».

وعن تأخر إصدار الكتاب الذي بدأ كتابته في 1988 قال الكاتب: «للأسف الشديد لم ينشر لأني لم يكن لدي ثقة بأن هناك قرّاء في العالم العربي، ففضلت الاحتكاك المباشر مع من سيكونون كتاباً في المستقبل للأطفال، ونتيجة إلحاح نشرت الكتاب لكن لست متفائلاً. لا أريد شيئاً من الكتاب إلا أن يصل إلى الناس. اتمنى أن يهتم الناس بما هو موجود في الكتاب ليس الكاتب».

ويرى الكاتب، الذي عمل مذيعاً ومحرراً وكاتباً في إذاعة صوت فلسطين، وكاتباً في مجلة فلسطين الثورة، أن «نجاح الكاتب في نقل القيم التربوية إلى حيز الفن وتمكنه من تقديم عمل فني متماسك ومنسجم على مختلف المستويات، هو ما يدفع الطفل إلى تلقي هذا العمل بحماسة وشوق».

ويحذّر بسيسو كاتب أدب الطفل من الانزلاق نحو «هاوية الوعظ والإرشاد، ولنستبعد تماماً منظور الشخص الراشد عندما نكتب من وجهة نظر طفل أو طفلة صغيري السن محدودي التجربة».

ويرى أن أفضل الكتب بالنسبة للأطفال «تلك التي تعرض أمام أبصارهم وعقولهم وضمائرهم كيفية تعامل الشخصيات مع الأوضاع الصعبة، أو الحالات الإشكالية التي تواجهها، وتشعر أنها مطالبة بإيجاد حل للأزمات الناجمة عنها، أو بعبور طريق يفضي إلى تجاوزها».

وعن أقسام الكتاب وتنوعها ما بين النظري والتطبيقي قال الكاتب بسيسو الذي تعلم في مصر والحاصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في النقد الأدبي «بعد اتفاق أوسلو وجدت أن الساحة الفسلطينية أصبحت متاحة للتعامل مع أطفال فلسطين في فلسطين وأعطيت ورشات العمل... في جامعة بيرزيت عدة مرات ومركز شؤون المرأة ومؤسسات ثقافية أخرى معنية بالطفل وحضر الورشات ما بين 200 و300 من الكتاب الناشئين الفلسطينيين».

ويوجه بسيسو النصح للكتّاب ويقول إنهم لكي يكونوا مبدعين فعليهم إتقان حرفتهم التي هي الكتابة محدداً أدوات «صندوق عدة» هذه الحرفة بأنها هي «الكلم (أي الكلمات من أسماء وأفعال وحروف) والنحو والصرف وأدوات أخرى هي علوم البلاغة والبيان وعلم الأسلوب ونظريات علم الجمال والنقد».

ويقول إن «الكتب المصورة هي أكثر أنواع الكتب رواجاً وفاعلية... وأكثرها حيوية وإمتاعاً بالنسبة للطفل وربما أيضاً للكبار الذين يحتفظون في أعماقهم بالطفل الذي كانوه».

ويحدد أربع خطوات لإبداع قصة لكتاب مصور للأطفال هي اختيار فكرة القصة وتحديد موضوعها. ويقول إن أفضل قصة مصورة هي «تلك التي تأتي فكرتها من واقع الحياة اليومية التي يعيشها الطفل».

والخطوة الثانية هي خلق الشخصيات وتصميم الحبكة، مشدداً على أن هوية الشخصية وطبيعة حضورها في النص هو مرجع أهميتها لا مصدر الشخصية.

وثالث خطوة هي كتابة المسودة الأولى للقصة القصيرة ويجب أن تكون كلمات القصة «تحمل صوراً مرئية واضحة وجلية» فالأطفال يستوعبون ما يرونه وما يشعرون به فحسب.

وآخر هذه الخطوات هي مراجعة المسودة الأولى وتدقيقها وتحريرها، منبهاً إلى أن القصة لا تحتاج إلى ما هو أكثر من 1000 كلمة في المتوسط، ويجب ألا تتجاوز 2500 كلمة كحد أقصى.

تويتر