معرض جمع 5 فنانات في «آرت كوتور» بدبي

«عيون المرأة».. وجوه أنثوية أثقلها الحزن

فاضت ألوان خمسة نساء بأعماق أحاسيسهن فعبّرت عن أفراحهن وأحزانهن وكل ما يؤرق العالم الأنثوي الشديد الالتصاق بعالم الرجل. تصوير: باتريك كاستيلو

من عوالم نسائية مختلفة، فاضت ألوان خمسة نساء بأعماق أحاسيسهن، فعبّرت عن أفراحهن وأحزانهن، الخوف والهواجس، وكل ما يؤرق العالم الأنثوي الشديد الالتصاق بعالم الرجل. غلبت على الأعمال التي قدمت في معرض «عيون المرأة»، الذي افتتح، أخيراً، في «آرت كوتور» الوجوه، لاسيما التي تبدو مثقلة بالحزن والضياع، أو تلك التي تعاني القهر، بينما غابت الملامح عن لوحات أخرى، لننتقل بعدها إلى الأعمال التي تختزل كل الأوجاع، وفق المنهج التجريدي.

تصوير

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/11/8ae6c6c5502ee51c01514495a0e23af9.jpg

قدمت الفنانة هند شاعوت، مجموعة من الأعمال التصويرية، التي ركزت فيها على الوجوه الأنثوية، فقدمت المرأة، من خلال الأعمال التي تبرز جمالها، فتوجهت إلى الوجوه بشكل أساسي. صورت الفنانة الوجوه بكثير من التبرج لتبرز الجماليات، وما يتخفى خلف هذا الجمال من الداخل، من خلال العمق في النظرة. بينما حملت بعض الأعمال إضافات على الجبين، أو العنق الذي تعمل على إخفائه، من خلال الأقمشة المزركشة والملوّنة، التي تضيف إلى جماليات الوجه وتكمله في الصورة.

تشارك في المعرض خمسة فنانات هن: ميساء محمد، بانا سفر، وماجدة نصرالدين، وإيفا عزت، وهند شاعوت. وتقدم كل فنانة أوجاعها بأسلوبها الخاص، فتحضر الوجوه في لوحات بانا سفر، التي قررت التعبير عن هواجس تأسر الإنسان، فيبدو وكأنه محتجز في قفص داخلها. تحبس سفر الوجوه في الأقفاص عبر البورتريه الذي تفيض منه الألوان الزاهية، فتنقلنا من عالم الحزن إلى الأسى وسط ما تكتنزه اللوحة من رمزية عالية، عبر الزهور والطيور. وقالت عن أعمالها: «أحاول أن أبرز ما يسجن الناس دواخلهم فيه، وكل لوحة تعبّر عن حالة معينة، فهناك المحجوز بأوهامه وعالمه المظلم، ولكنه متشابك، وهناك المرأة المتزوجة المحجوزة في القفص الذهبي، وتبدو أنها في حالة تأرجح بين التحرر أو البقاء، في حين أن الحياة تبدو شديدة السواد لدى بعض الوجوه التي تتأثر بما هو داخلها». ولفتت الى أنها كرسامة تعبّر من خلال الوجه، فهو الذي يعبّر عن الإنسان بشكل أساسي، مشيرة إلى أن المعرض يشكل دعوة للنساء للاستمرار بالعمل الفني، إلى جانب العائلة والأولاد والمسؤوليات. ورأت سفر أن «الفنان مع النضج والتجربة تصبح أعماله أعمق وأفضل، بغض النظر عن المسؤوليات الكبيرة التي قد تبعده عن التفرغ للفن».

بينما أتت لوحات الفنانة اللبنانية ماجدة نصر الدين، بالأبيض والأسود، حيث اختزلت من خلال التجريد طفولتها والكثير من الأمور التي مازالت عالقة بالذاكرة. تقدم كل ما تحمله من ذكريات حلوة ومرة، عبر الألوان والحبر، ثم تأتي الحروف لتقطع سكون اللون، وتفصح عن جماليات اللغة التي لا تغيب عن أعمال الأخيرة، فالشعر دوما حاضر في أعمالها. وقالت عن أعمالها: «حاولت أن أقدم ما هو مختلف من خلال الأبيض والأسود، فتخرج من اللوحة عوالم مختلفة، وقد حاولت إيصال الأفكار، من خلال التقنيات التي استخدمها على الإكريليك، فوضعتها على الكانفاس مع الحبر أيضاً». وأضافت: «الشعر دخل على لوحاتي، لأنه أساسي في حياتي، وأقرأه بشكل يومي، لاسيما محمود درويش، الذي يتحدث عن القهر والأسى، فوضعت (يا حادي العيس سلملي على امي)، و(لاعب النرد)، فحالة الفقد نعيشها في كل لحظة». وأشارت إلى أن عناوين لوحاتها تعبّر عن الجسد والحاجة للانفلات والطيران، ومنها «جسد واحد» و«جسد اثنان»، وتقصد بهما رسم كائن مشغول بالقهر وكم كبير من الخذلان، مجهول السبب، إذ وصلت الأمور إلى حد يصعب استيعابه. ورأت نصرالدين أن «القهر ناتج عما يحدث بالإنسان ككائن ولد كي يتعزز»، موضحة أن «المعرض للنساء يعبّر عن النساء غير المتفرغات للرسم، فنحن كربات بيوت وأمهات نوازن بين الأمومة والرسم، وشخصياً أرسم كي أحقق أمومتي بشكل صحيح ومتوازن».

وفاضت لوحات الفنالسورية ميساء محمد، تئن بكثير من الحزن، فكانت الوجوه التي تصورها شديدة الانغماس بحالة الأسى والحزن، فعبّرت عن المجتمع المجروح، والناس الذين يؤثرون في الفنان وتجربته، وما يعايشه في هذه الظروف، بينما أتى الأحمر في اللوحات صارخاً، وليس بالضرورة للتعبير عن الدم، فالبقع البيضاء في اللوحات تبرز حالة من التفاؤل والسلام الروحي. ولفتت ميساء إلى أنها منذ أربع سنوات تعمل على ثيمة الصدى والشواهد على الحرب، فالوجوه تبرز ما رأوا في الحرب، ولهذا العيون تبرز وجعهن. وأشارت إلى أنها تقرأ كثيراً في الفلسفة، وتحب سبر أغوار النفس البشرية، ولهذا هي مفتونة بالعنصر الإنساني، مع الانحياز للعنصر النسائي، لأن الجمال فيه أكثر كما أنه يحمل الترميز للحياة. وحول تجربة المعرض النسائي، قالت: «إنها تجربة جميلة قدمت في السابق تحت أكثر من مسمى، وتتميز بكونها تبرز للفنان موقعه بين المجموعة، فهي فرصة للتعرف إلى أعمال الفنانات، وبماذا يفكرن، لاسيما أن مقولة الفن للفن لا تعنيني كثيراً».

أما الفنانة السورية حواء عزت، فقدمت من خلال أعمالها الألوان الزاهية، وتميزت اللوحات بالتداخلات اللونية والتشكيلات، فيما حضر جسد المرأة مع الرجل في إطار قصة الحب والتملك، فحتى في لحظات السقوط كان الرجل يحمل المدينة والمرأة كي ينقذهما. ولفتت إلى أنها كفنانة ترى الحب والفرح والمدينة، فالحياة هي مدينة وحب، وهذا ما حاولت أن تعكسه من خلال الأعمال. أما التقنية في اللوحة، فتتجه إلى التمثيل الطبيعي، فتبدو حقيقية ففستان المرأة يبدو مشغولاً بالخيوط، وليس بالأكريليك، وقالت حول ذلك: «أحببت أن أحيك فستانها عبر اللون، فيبدو كما لو أنه خيوط مشغولة بالسنارة، فيما غيبت ملامح الوجوه، لأنني لا أراها عنصراً أساسياً، فالملامح ليست مهمة لتجسيد الحالة، بل اللون وتكوين الرسم هو الأهم». وأشارت إلى أن الملامح البشرية تدعونا الى تفسير الحالة، ولهذا اختارت أن تسلط الضوء على المرأة، الكائن الجميل الذي يحوّل الخراب إلى شيء سعيد، كما أن التجربة النسائية جميلة، معتبرة أن «المرأة هي الحاملة للعمل، ولكن دائماً الرجل يحضر بشكل ما».

تويتر