ندوة ضمن فعاليات البرنامج الثقافي لمعرض الشارقة

الكتاب الورقي أم الإلكتروني.. السـؤال مازال مطروحاً

ثبات النص على الورق يكشف الأحداث تدريجياً أمام القارئ، ويوفر الصلابة والثبات في النص. تصوير: أشوك فيرما

يبدو أن السؤال حول حقيقة تراجع حضور الكتاب الورقي في مقابل الكتاب الإلكتروني مازال مطروحاً، سواء في الندوات والفعاليات المعنية بالكتاب والثقافة عموماً، أو في مناسبات أخرى، في ظل العصر الرقمي، بما يمتاز به من توافر سبل وآليات كثيرة، يمكن لها أن تقدم المعلومة، وما يسهم في إثراء الوعي الثقافي الجمعي والفردي.

جزء من منظومة المجتمع

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/11/391273.jpg

أكدت مديرة إدارة النشر والتحرير في دار العالم العربي بدبي، الدكتورة لطيفة النجار، خلال الندوة، أن الجانب الثقافي مهم جداً في القراءة، فهو ليس عنصراً منفرداً منفصلاً عن البيئة الثقافية للمجتمع، والكتاب جزء من منظومة المجتمع الثقافية، ومن يتنبأ باختفاء الكتاب الورقي يشير إلى اختفاء جزء من التكوين الثقافي للمجتمع، فالمجتمعات تقاوم من يريد المسّ ببناها الثقافية. وأشارت إلى أن حفلات التوقيع للكتب حاضرة بالنسبة للكتاب الورقي، وهي طقس من الطقوس الثقافية. أما ما يتعلق بالجانب العاطفي، فالارتباط بين القارئ والكتاب هو ارتباط حدث، ويحدث بين القارئ والكتاب الورقي.

 وهناك أسئلة أخرى مرتبطة بهذا السؤل مثل: كيف يمكن للكتاب الورقي أن يحافظ على موقعه الراسخ لدى القراء؟ وما الذي ينبغي على المشتغلين في عملية تأليف وإنتاج ونشر الكتب أن يقدموه في سبيل الارتقاء بموقع الكتاب بما يواكب روح العصر السائدة؟ وغيرها من الأسئلة التي كانت حاضرة في ندوة بملتقى الأدب في معرض الشارقة الدولي للكتاب الـ34، إذ تناولت الندوة الكتاب الورقي والإلكتروني، وما طرأ على الكتاب والقراءة، على ضوء انتشار الكتاب الرقمي والإلكتروني، وهل تراجع حضور الكتاب الورقي لمصلحة الكتاب الرقمي، والعلاقة بينهما، وغيرها من القضايا والمحاور.

وتحدثت في الندوة مديرة إدارة النشر والتحرير في دار العالم العربي بدبي، الدكتورة لطيفة النجار، والكاتب والأديب المغربي، الدكتور مبارك ربيع، وأدارت الجلسة، الكاتبة فتحية النمر.

 محاور.. وأرقام

 ركزت لطيفة النجار في ورقتها على أربعة محاور، هي الجانب الإحصائي وما تقوله الأرقام، والجانب العلمي وما تقوله الدراسات والأبحاث، والجانب الثقافي وما يقوله التكوين الثقافي، والجانب العاطفي وما يقوله القلب.

 

وأشارت إلى أنه ما بين عامي 2008 و2010 زادت مبيعات الكتاب الإلكتروني بنسب كبيرة جداً، في حين تراجعت مبيعات الكتاب الورقي، لدرجة أن هناك من تنبأ باختفاء الكتاب الورقي، وقيل إنه سيختفي مع نهاية عام 2015.

وتابعت: «لكن الواقع قدم لنا مشهداً آخر هذا العام، إذ تراجعت المبيعات في الكتاب الإلكتروني بنسبة 20%، وارتفعت نسبة المبيعات في الكتاب الورقي بشكل تدريجي، وفي أميركا وحدها كان عدد الكتب الإلكترونية التي بيعت عام 2011، نحو 20 مليون كتاب، وتراجع العدد عام 2012 ليصل إلى 12 مليون كتاب، وشهد العام الجاري نسبة انخفاض في مبيعات الكتاب الإلكتروني بلغت 32%، وعاد الكتاب الورقي للارتفاع».

دراسات

 واستطردت النجار: «في الجانب العلمي يمكن الإشارة إلى عدد من الدراسات المقارنة والأبحاث التي أجريت على عدد من القراء، ففي دراسة أجريت على 50 قارئاً تم تقسيمهم إلى مجموعتين، واحدة تقرأ من الكتب الورقية، والثانية من الإلكترونية، جاءت النتيجة أن من قرأ من الورقي كان تَذكّرهم أفضل ممن قرأ من الإلكتروني، ودراسات أخرى عدة أكدت أن قرّاء الكتاب الورقي كانوا أفضل من حيث الفهم والاستيعاب، والوضوح ودرجة التفاعل مع النص المقروء، وكذلك الحال بالنسبة لحالة التعاطف أثناء قراءة النص القصصي، حيث كانت درجة التعاطف من قبل قرّاء الكتاب الورقي كبيرة جداً». وقالت: «من بين تفسيرات ذلك من قبل العلماء، أن ثبات النص على الورق يكشف الأحداث تدريجياً أمام القارئ، ويوفر الصلابة والثبات في النص، كما أن قرّاء الكتاب الإلكتروني صبرهم قليل، كما قال أحد الباحثين، إذ لا يستطيعون القراءة لوقت طويل، وغالباً ما تكون قراءة قارئ الكتاب الإلكتروني، متقطعة ومجزأة، ويركز القارئ على النصف الأعلى من النص، ونفَس القارئ قصير جداً ولا يصبر على القراءة، وكذلك الأطفال حيث لا يصبرون على القراءة، وسرعان ما يغادرون القراءة إلى الألعاب، وكأننا في هذه الحالة نربي الأطفال على عدم الصبر، وبالتالي لن يكونوا باحثين في المستقبل، فالسمة الأساسية للباحث هي الصبر».

 اختلاف نوعي

 من جانبه، تحدث الدكتور مبارك عن أن الكتاب هو وعاء المعلومات والمعرفة ووعاء العلم، وهو رهن إشارة طالب العلم والمعرفة، لافتاً إلى أن الكتاب الإلكتروني هو نقلة نوعية واختلاف نوعي عن الكتاب الورقي، وفي كل مرحلة يشهد الكتاب تطوراً ما، وتبقى المسألة تتعلق بتطور شكل الكتاب وليست بحوهره، فكما للإلكتروني مخاطره فللورقي مخاطره أيضاً، فكم من الأفكار الهدامة والحركات الاستعمارية والعرقية والصهيونية حملتها كتب ورقية، كما أن أغلب الكوارث التي حلت بالمجتمعات جاءت من الكتاب. وأوضح: «سواء كان الكتاب ورقياً أم إلكترونياً، فإنه في مرحلة تطور تتلوها مراحل أخرى بالضرورة».

تويتر