رأوا أن «ملتقى الشارقة» يسهم في رد مكانة «القوالين»

رواة: «الحكاية الشعبية» ينبغي إدراجها في المناهج التعليمية

من فعاليات ملتقى الشارقة الدولي للراوي في دورته التي اختتمت أخيراً. وام

طالب رواة ومتخصصون شاركوا في فعاليات ملتقى الشارقة الدولي للراوي، الذي اختتمت فعالياته، أخيراً، ببذل الجهود لإعادة الراوي والحكواتي والقوّال إلى مكانته، ورد الاعتبار له، مشيرين إلى أنه جزء أساسي من الهوية الثقافية العامة، والخصوصية التي تميز كل جماعة اجتماعية وثقافية عن غيرها.

زراعة في الصغار

أكّدت الحكواتية روان شامي (من السعودية)، أن «التطوّر التقني أصبح حاضراً بقوة، حتى القراءة من الكتاب الورقي تراجعت. ويمكن أن ننجح في إعادة مكانة الحكواتي والسرد عموماً من خلال وسائل عدة، من أهمها التركيز على طلبة المدارس، والعمل على إدخال فكرة ومادة الحكواتي والراوي إلى المناهج المدرسية، وزراعتها لدى الأطفال وتكون جزءاً من العملية التعليمية».


الاهتمام بالجيل الجديد

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/10/374127.jpg

قال رئيس معهد الشارقة للتراث، عبدالعزيز المسلم: «على الأقل منذ نحو 15 عاماً عملنا على تكريم الرواة، عرفاناً وتقديراً لهم، وبدأنا بشكل بسيط في الشارقة، وكان الحدث نفسه يركز على تكريمهم، ومن ثم تطوّر الأمر إلى ما هو أوسع وأشمل، وأخيراً أصبحنا جهة ثقافية وأكاديمية، فركزنا على الموضوع التعليمي والتدريبي والثقافي، وكل ما يسهم في التعريف بالراوي، وكل ذلك بفضل جهود ودعم صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة». وأضاف: «بدأنا بتدريب رواة، صغاراً وكباراً، وعقدنا ونظمنا فعاليات وندوات فكرية ونقاشية، وأنشطة متنوّعة تركز على أهمية إعادة الراوي إلى مكانته الطبيعية مرة أخرى». ولفت إلى أن «الراوي في ظل التكنولوجيا تتراجع مكانته، لكن ذلك لا يمنع من الاستفادة من كل الوسائل والتقنيات والإجراءات، من أجل تأكيد أهميته ومكانته، وإعادة هذا الفن إلى مكانته التي تليق به، ونحن لا ندخر جهداً في سبيل ذلك، بدءاً بتكريمهم ودعمهم من خلال إصدارات ودراسات وأبحاث وأنشطة، تسهم في إعادة الاعتبار لهم».

ورأوا أن «هناك حزمة من العوامل أدت إلى تراجع مكانة الراوي الشعبي في مجتمعاتنا، وفي المشهد الثقافي العام، من بينها التكنولوجيا، وأسباب تاريخية وسياسية، لكن ذلك لا يمنع من إعادة المكانة لهم، بل وضرورة العمل لإنجاز تلك المهمة». وقال مشاركون في الملتقى لـ«الإمارات اليوم»: «إن هناك حزمة من الوسائل والآليات والأدوات تسهم في إعادة الراوي إلى مكانته الطبيعية ورد الاعتبار له، من بينها ملتقى الشارقة والفعاليات والمهرجانات المشابهة، إضافة إلى إدخال الحكاية الشعبية ضمن مناهج التربية والتعليم، وتوظيف التكنولوجيا والوسائل التقنية الحديثة في التعريف والترويج للراوي والحكاية الشعبية».

 

تأثير التكنولوجيا

من جهتها، قالت الحكواتية روان شامي (من السعودية): «إن التطور التكنولوجي وسرعته، وانشغال الجمهور، خصوصاً جيل الشباب بالتكنولوجيا وأدواتها المتنوّعة، أسهم في إبعادهم لمسافات طويلة وبعيدة عن السرد والاستماع عموماً»، لافتة إلى أنه «سابقاً كان للحكواتي حضور، فهو للتسلية والترفيه وبث المعلومة وتناقلها، أما اليوم فقد أصبحت مجالات التعليم والتعلم متنوّعة، كما كان الحكواتي يسهم في الوعي والثقافة العامة والتفكير والخيال، خصوصاً لمن لديه ملكة الاستماع الجيد، وعندما يتكلم الحكواتي بإمكان المستمع أن يحلق بخياله إلى فضاءات أخرى، وهذا يعني إتاحة الفرصة لتفعيل الخيال بشكل ما، وتنمية القدرة على الخيال، أما اليوم فما عاد للحكواتي والاستماع إليه أهمية بنفس القيمة والقدر والمكانة كما كان في السابق».

 

العولمة سبب تراجع

من جانبه، قال أستاذ المسرح مؤسس جمعية فنون متقاطعة الثقافية، برّاق صبيح (من لبنان): «إن العولمة أحد أهم أسباب تراجع مكانة الراوي، إذ أخذته إلى مدى مختلف، انحسر فيه العامل الإنساني والجذور الثقافية، وكذلك هناك التكنولوجيا وما وصلت إليه من تطوّرات، إضافة إلى عوامل تاريخية وسياسية عامة، وتشكل بيئة عامة مختلفة مقارنة بما كانت الحياة عليه في السابق، وكل هذا شكّل ضغوطاً إضافية على الإنسان وحياته اليومية، لذلك تراجع الاهتمام بكثير من عناوين التراث والسرد والثقافة عموماً».

وأضاف: «لابد من حركة إنقاذية للمواطن العربي، الذي بدأ منذ فترة طويلة ينغمس بالثقافات الأخرى، ويعتبرها الأساس وليس هويته وثقافته. وملتقى الشارقة يعدّ أحد الجهود المهمة في هذا الصدد، وكذلك ما نقوم به في الجمعية في لبنان من جهود بهذا الخصوص». بدوره، رأى الدكتور أحمد بهي الدين (من مصر): «إن هناك تراجعاً للسياقات التي كانت تؤدى فيها الحكاية التراثية، ولم تعدّ هناك جلسات عائلية ووجود راوٍ يعلم ويحفظ ويحكي، والسياقات الحديثة لم تعدّ تساعد على هذا، إضافة إلى التكنولوجيا وانشغال الناس، خصوصاً أن هذه الأجهزة المتطوّرة جاءت بثقافة من صنعها، ومع ذلك من الممكن الاستفادة من هذه الأدوات والتقنيات في الشأن الثقافي العام، وفي مسائل السرد والراوي والحكواتي، أقلها العمل على توثيقها قبل أن تموت وتندثر، وتقديم صورة حديثة تناسب البنية الذهنية للجيل الجديد». من جانبه، قال الدكتور محمد المهري (من عُمان): «إن «حركة الحياة اليوم وإيقاعها السريع بفعل التكنولوجيا وتطّورها، سيطرت على كل مفاصل الحياة، وبالتالي أثّرت في السرد والراوي والحكواتي وهذا اللون الأدبي، ما أسهم في تراجعه في المشهد الثقافي العام، فلم يعدّ هناك متسع من الوقت لنستمع إلى الراوي والحكواتي». وأضاف: «يمكن أن تعاد مكانة الراوي والسرد عموماً، من خلال جلسات ومناسبات معينة وخاصة، مثل الجلسات الرمضانية، ومن خلال التدريس في المدارس، واعتمادها مادة ضمن المنهاج التعليمي والتدريسي، إضافة إلى إقامة الورش المتخصصة، وكل ما يسهم في الحفاظ على التراث».

تويتر